ديالى - محمود الجبوري
أشعل تغيير رؤساء الوحدات الإدارية في ديالى أزمة سياسية واجتماعية عارمة، حيث تصدرت الأوساط الشعبية الانتقادات حول الآليات التي اعتمدها مجلس المحافظة والقوى السياسية، والتي وصفها المواطنون بـ«التوارث العائلي والقرابة من المسؤول».
جاءت هذه الأزمة نتيجة الجلسة السرية التي عقدها مجلس ديالى للتصويت على رؤساء الوحدات الإدارية الجدد، مما أثار المخاوف بشأن نزاهة توزيع المناصب واستحقاقها للكفاءات المهنية.
وعقد مجلس ديالى جلسته المثيرة للجدل في ساعة متأخرة من يوم الأربعاء الماضي بسرية تامة للتصويت على رؤساء الوحدات الإدارية الجدد، مع تعتيم وغياب إعلامي تام.
واعتبر الإعلامي زاهد الشرقي أن محاصصة المناصب في ديالى هو نتيجة حتمية لآلية توزيع المناصب في عموم العراق، حيث اجتمعت المصلحة الشخصية والحزبية والسياسية، وهي في المجمل مصالح مالية ستكون خطراً على المال العام وحقوق المواطنين.
وأشار الشرقي في حديثه لـ(المدى) إلى وجود تدخلات القيادات السياسية من بغداد لعبت دوراً في تشكيل الحكومة، مما سمح لها بأن تكون اللاعب الأول حتى في توزيع مناصب القضاء والنواحي.
محاصصة بحتة
ويعتبر الناشط المدني سامر الشمري أن تعيين رؤساء الوحدات الإدارية خضع للمحاصصة البحتة، بعيداً عن أي معايير للكفاءة والخبرة. وأضاف: «هذا الواقع يعكس اختلالاً في نظام الحكم المحلي، مشيراً إلى منح مناصب المسؤولية بعيداً عن قدرات المسؤولين أو مؤهلاتهم، بل استناداً إلى توافقات حزبية وتقاسم للنفوذ».
ويذهب الشمري في حديثه لـ(المدى) إلى تداخل المصالح الحزبية مع الشأن الإداري، مما يجهض أي تغيير حقيقي أو تحسين الخدمات التي يحتاجها المواطنون. وأضاف: «من خلال قرارات يتخذها مسؤولون غالباً ما تكون موجهة لخدمة أجندات سياسية معينة، وليست موجهة لتحقيق التنمية أو تلبية احتياجات السكان. ما يُهمّش دور الكفاءات الوطنية التي بإمكانها أن تسهم بفاعلية في بناء المحافظة ورفع كفاءة الخدمات المقدمة».
تعزيز الفساد والمحسوبية
ويواصل الشمري حديثه قائلاً: «هذا التوزيع الحزبي يهدد استقرار المحافظة ويضعف ثقة المواطنين في المؤسسات الحكومية، حيث يشعر الناس أن شؤونهم العامة أصبحت رهينة لمصالح ضيقة. كما أن هذا الوضع يعزز الفساد والمحسوبية، إذ لا يشعر المسؤولون بالتزام حقيقي نحو المجتمع، بقدر ما هم مرتبطون بولاءات حزبية قد تفرض عليهم قرارات تخدم مناصبهم، لكنها لا تحقق مصلحة المحافظة».
وشدد الشمري على ضرورة إعادة النظر في طريقة اختيار رؤساء الوحدات الإدارية، بحيث تكون قائمة على الكفاءة والمعايير المهنية الواضحة، بعيداً عن التدخلات الحزبية. وأضاف: «فهذا هو السبيل لتحقيق حكم محلي فعال ومؤثر، يعزز من ثقة المواطنين ويخدم المصلحة العامة بعيداً عن الحسابات السياسية الضيقة».
استياء المكون الكردي
وأعربت النائبة عن الاتحاد الوطني الكردستاني سوزان منصور عن امتعاض وغضب المكون الكردي في ديالى حيال توزيع المناصب الإدارية بعد تجريد الكرد وتهميشهم من استحقاقاتهم الإدارية والسكانية.
واعتبرت منصور في حديثها لـ(المدى) أن تغيير رؤساء الوحدات الإدارية من قبل مجلس ديالى هو «توارث عائلي» بعيداً عن الشراكة واستحقاقات المكونات الحقيقية.
ورفض الحزب الديمقراطي الكردستاني - مركز خانقين الرد على ملف تعيين رؤساء الوحدات الإدارية باعتبارهم بعيدون عن التمثيل السياسي والإداري والتشريعي في ديالى بحسب المتحدث باسم الحزب إبراهيم عزيز.
عضو مجلس ديالى عن تحالف تقد نزار حامد اللهيبي، نفى توزيع مناصب الوحدات الإدارية في ديالى بتوارث عائلي أو وفق معايير القرابة من المسؤول، قائلاً: «فتحنا باب الترشيح لمدة شهرين وتم اختيار الشخصيات المستوفية للشروط والضوابط القانونية بشكل بحت بعيداً عن معايير القرابة الحزبية أو الطائفية أو المناطقية».
وكشف اللهيبي في حديثه لـ(المدى) عن مخاطبات وإجراءات مع إدارة المحافظات لإعادة دراسة وتقييم السيرة الذاتية للفائزين بمناصب الوحدات الإدارية واستبعاد جميع رؤساء الوحدات الإدارية في حال عدم استيفاء الضوابط القانونية والإدارية المعتمدة.
وحاولت (المدى) الحصول على توضيحات وردود من القوى الشيعية حيال ملف رؤساء الوحدات الإدارية، إلا أن جميع القوى والشخصيات الشيعية امتنعت عن الإدلاء بأي تصريح.
توارث عائلي وتشابك القرابة: أزمة سياسية واجتماعية تهز ديالى
نشر في: 28 أكتوبر, 2024: 12:03 ص