بغداد/ تميم الحسن
بدأت قُوَى سياسية وفصائل "تصعد" على خلفية معلومات عن استخدام إسرائيل الأجواء العراقية بالضربة الأخيرة على إيران.
وتنفس العراق الصعداء بعد ضربة اسرائيلية وصفت أنها "محدودة"، بعد أسبوعين من التوتر والترقب، وتوقعات بتوسع الضربات.
وقرأ محللون لـ(المدى)، المشهد عقب الضربة الاخيرة، بانه ذاهب إلى "التهدئة"، لكن ماذا عن الفصائل؟
وقلَّلَت طهران من الهجوم الذي لم يستهدف مواقعها النفطية والنووية، وقالت الخارجية الإيرانية، في بيان اتَّسَم بالهدوء، إنها تحتفظ بحق الرد، وذلك في أحدث تطوّر للصراع المتصاعد بين الخصمَين المسلحَين.
وأعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، أنّه شنّ ضربات "دقيقة وموجّهة" على مواقع تصنيع صواريخ وقدرات جوية أخرى في إيران، رداً على الهجوم الذي شنّته طهران على إسرائيل مطلع الشهر الحالي، مهدّداً طهران بجعلها تدفع "ثمناً باهظاً" في حال قرّرت الرد.
خرق الأجواء
في الأثناء قالت أطراف عراقية، إن إسرائيل استخدمت الأجواء العراقية في الضربة.
وطالب هادي العامري، زعيم منظمة بدر بـ"إنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق"، بسبب دعم الاخيرة لإسرائيل على حد وصف بيان صدر من مكتب العامري.
وهدد بالمقابل، قيادي في كتائب سيد الشهداء، التي يتزعمها أبو آلاء الولائي، بـ"توجيه ضربات عقابية" ضد إسرائيل، بسبب خرق الأجواء العراقية.
ويوم السبت دعا مقتدى الصدر، زعيم التيار الوطني الشيعي، الحكومة إلى "ردع دبلوماسي وسياسي سريع" ضد إسرائيل، بسبب استخدام الأخيرة الأجواء العراقية في ضرب إيران، على حد وصفه.
وقال الصدر في تغريدة أمسِ على منصة "إكس"، ان عدم رد الحكومة سيشملها بـ"قانون تجريم التطبيع".
وبحسب خبراء، فان إسرائيل استخدمت الأجواء العراقية في 4 مناطق، وحلقت أكثر من 10 ساعات، خلال الضربة الاخيرة.
كما تسربت معلومات عن سقوط ثلاثة صواريخ في صلاح الدين، وتوقع خبراء ان الصواريخ التي سقطت "باليستية متطورة محمولة جوا"، حَسَبَ وكالات محلية.
ويوم السبت، أكد مركز الاتصالات لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة عبر التلفزيون الرسمي الإيراني، استخدام الأجواء العراقية في ضرب البلاد.
وقالت بان المعلومات، أن إسرائيل استخدمت منظومة صواريخ في الحدود بين العراق وسوريا، وسمعت أصوات الانفجارات في البصرة، وديالى، وصلاح الدين.
ونقلت نيويورك تايمز عن مسؤولين إسرائيليين، إن أكثر من 100 طائرة مقاتلة، بما في ذلك طائرات مقاتلة وطائرات دون طيار، شاركت في الهجمات.
وأضافوا انه "لمنع اعتراضات من قبل حلفاء إيران، استهدفت الطائرات أولاً بطاريات الدفاع الجوي والرادارات في سوريا والعراق".
بالمقابل لم يصدر أي توضيح من الحكومة العراقية على تلك الأخبار، حتى ساعة كتابة التقرير.
ويوم السبت، أعلن الناطق باسم الحكومة، باسم العوادي، عن استنكار وإدانة العراق لـ"العدوان الصهيوني على إيران".
وجددت بغداد، في بيان، الموقف الثابت والمبدئي الداعي لـ"وقف إطلاق النار في غزة ولبنان".
مرجعية الفصائل؟
في غضون ذلك قال دبلوماسي سابق، ان مشاركة الفصائل العراقية، "محدودة" حتى اللحظة في التصعيد العسكري الاخير بالمنطقة.
وأمس، أعلنت ما يعرف بـ"المقاومة العراقية"، تنفيذ ثلاث عمليات، استهدفت مواقع تابعة لإسرائيل.
وأفاد الدبلوماسي السابق غازي فيصل لـ(المدى) بان "الفصائل العراقية سيرتبط موقفها مع إيران فيما لو قررت الرد على إسرائيل، أو ذهبت الى خيار "التراجع البطولي" الذي قد يقرره المرشد الإيراني علي خامنئي.
وتوقع فيصل ان الجماعات المسلحة العراقية سوف تذهب لـ"التهدئة"، لكن لا ينعي أنها ستتخلى عن ضغوطها السياسية على الحكومة العراقية فيما يتعلق بموضوع وجود التحالف الدَّوْليّ وطرد القوات الأمريكية وإغلاق السفارة، على حد قوله.
بالمقابل، قال الدبلوماسي السابق، إن الحكومة العراقية "ستستمر في النهج المحايد بعيداً عن الحرب الإقليمية، وتحاول لعب دور العامل الإيجابي وفتح قنوات الاتصال والحوار للتهدئة وليس للحرب".
وفي الصورة الكبيرة، توقع فصيل وهو يرأس المركز العراقي للدراسات الإستراتيجية، ان "العالم ذاهب إلى الجهود الدبلوماسية وتبادل الأسري والمختطفين، واختيار رئيس جمهورية للبنان وإعادة البناء"، بسبب مستوى الضربة الإسرائيلية على إيران التي لم تستهدف مراكز حيوية مثل البرنامج النووي.
هدوء حذر
إلى ذلك، يرى باحث عراقي بالشأن السياسي مقيم في استراليا، بان الوضع في العراق والعالم سيبقى منضبطا لحين الانتخابات الأمريكية الشهر المقبل.
ويقول الباحث احمد الياسري لـ(المدى)، "الوساطة الأمريكية نجحت في احتواء الضربة الإسرائيلية وتنظيم العِلاقة الصدامية بين إسرائيل وإيران، واستعادة الولايات المتحدة دورها المركزي بالمنطقة".
وتأسيسا على ذلك يرى الياسري ان على المستوى المتوسط، ستنعكس عودة أمريكا إلى أداء الدور المركزي بالأحداث، إلى "التهدئة في العراق".
لكن هذا الهدوء محكوم، وفق الياسري، بعدم حدوث تغيرات "دراماتيكية"، كما جرى الشهر الماضي، بمقتل حسن نصرالله، أمين عام حزب الله، أو ربما اقتحام إسرائيل جبهة الجولان السورية، أو بالمقابل تصعيد من قبل الفصائل.
ويضيف الياسري، وهو يرأس المركزي العربي- الأسترالي للدراسات الستراتيجية، "على هذه الصورة الحالية تبقى حالة الهدوء والانضباط حتى يوم (5 نوفمبر) موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
لكنه قال أيضا ان المرحلة المقبلة "مرحلة هدوء حذر. ليس عدوانا مستداما وليس هدوءا تاما".