الموصل / سيف الدين العبيدي
يشهد حي الكوازين في الموصل القديمة انتعاشًا بفضل "بركة بازار"، أول سوق خيري دائم يحتضن المواهب الشبابية والنسائية، حيث يعرض أعمالاً يدوية متنوعة ويعيد الحياة إلى المنطقة التي عانت من دمار هائل خلال معارك التحرير
يقع السوق على الدرج عند مدخل منطقة الكوازين بالجانب الأيمن من الموصل، افتتح في تشرين الأول من عام 2022. حيث كانت المنطقة قد شهدت آخر معارك التحرير في عام 2017، وتعرضت لدمار كبير قبل أن يُعاد إعمارها، وطرحت فكرة إنشاء سوق للحرف والأعمال اليدوية لدعم الطاقات الشبابية والمواهب، وإعادة الحياة إلى محلة الكوازين وجذب الأنظار إليها، وقد أحدث بالفعل نقلة نوعية في الحركة السكانية بالمنطقة.
وتكون إيجارات المواقع بالسوق مجانية، ويفتتح كل يوم جمعة بين الساعة الخامسة والعاشرة مساءً، ويشمل "بسطيات" لبيع الأعمال اليدوية والإكسسوارات بالإضافة إلى الأكلات الموصلية.
تقول هويدا حامد، إحدى البائعات في السوق، لـ(المدى): «أغلب البائعين هنا من النساء، ويصل عددهن أحيانًا إلى 50 امرأة. جميع البضائع في هذا السوق هي من إنتاج يدوي ومشاريع صغيرة. وما يميز السوق أنه شعبي وتحتوي بضائعه على إكسسوارات، فخاريات، أكلات موصلية، وهي كلها من صنع أيدٍ محلية غير مستوردة». وتوضح حامد أنها تعمل في صنع مجسمات من السيراميك والنحت باليد، مشيرةً إلى أن «الدعم من الأهالي والزبائن جيد، وهذا ما يشجعنا على الاستمرار. وقد طالبتُ بتوفير بعض الدعم للسوق من إحدى المنظمات من ناحية تسقيفه وتوفير الإنارة والمساطب وتأمين موقع لحفظها".
وفي السياق ذاته، تقول رحمة محمد، إحدى البائعات، لـ(المدى): «هذا المكان كان عبارة عن دمار وخراب، والسوق أقيم بهدف إعادة الحركة إليه وتشجيع أصحاب الحرف اليدوية على عرض أعمالهم وتطويرها». وأضافت أن «السوق يضم مشاريع متنوعة من نساء الموصل اللواتي عملن على تطوير أعمالهن، ليصبح بازارًا أسبوعيًا، ولم يُقام مثله من قبل في هذه المنطقة، مما أحدث نقلة نوعية في الحي. نحن نعمل كعائلة واحدة منذ عامين، والناس تأتي كل جمعة من كل مناطق نينوى لترى ما نعرضه من حرف يدوية، ونشارك أيضًا في أي مهرجان يُقام بالموصل للتعريف بمنتجاتنا".
وأكدت محمد أن الأمر لا يتعلق فقط بالكسب المادي، بل بإظهار ما في داخل الإنسان الموصلي من إبداع، موضحةً أن «هذا السوق هو دليل على أن أهل الموصل لم يتأثروا بالمرحلة الظلامية التي مرت عليهم، وبقوا على أفكارهم المتفتحة وعقولهم المنتجة، ونفوسهم المحبة للحياة" .