ذي قار / حسين العامل
طالبت أسرة الناشط المغيّب سجاد العراقي رئيس مجلس القضاء الأعلى، السيد فائق زيدان، بتطبيق القانون بحق المتهمين باختطاف وتغييب ابنها، الذين صدر بحقهم حكم الإعدام غيابيًا منذ سنوات. كما اتهمت الأسرة الحكومة بالتواطؤ مع المدانين، حيث تم تهريب بعضهم إلى إيران، ما زاد من شعور الأسرة بالخذلان وعدم تحقيق العدالة في قضية مضى عليها أربع سنوات.
وكانت قيادة شرطة محافظة ذي قار قد كشفت في (19 أيلول 2020) عن اختطاف الناشط في تظاهرات الناصرية سجاد العراقي وإصابة زميله باسم فليح بجروح على يد مسلحين مجهولين يستقلون سيارتين رباعية الدفع. وجاء في رسالة مفتوحة من أسرة المتظاهر المغيب سجاد العراقي إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى السيد فائق زيدان: «منذ أكثر من أربعة أعوام اختطف وغيب المتظاهر سجاد العراقي على يد مجاميع مسلحة خارجة عن القانون (مجاميع مليشياوية)، ولقد تم الكشف عن المتورطين بالجريمة منذ اليوم الأول لارتكابها والتعرف على الخاطفين». وأضافت: «لجأنا إلى القانون وأقمنا دعاوى واستكملنا كل ما يتعلق بقضية الاختطاف بصورة رسمية». وتابعت عائلة العراقي في رسالتها التي تلقت (المدى) نسخة منها: «بعد ذلك، أبلغتنا الأجهزة الأمنية وشخصيات سياسية أن المتهمين جرى تهريبهم إلى إيران»، واسترسلت: «وعلى إثر ذلك أكملنا الإجراءات المطلوبة لملاحقتهم عبر شرطة الإنتربول، ورغم ذلك، فإن القضية لا تزال تراوح مكانها، ولا نعرف من يقف وراء هؤلاء حتى تعجز الدولة عن محاسبتهم والكشف عن مصير سجاد المغيب منذ أكثر من أربع سنوات».
وأشارت عائلة العراقي إلى أن «المدانين باختطاف وتغييب سجاد صدر بحقهم حكم غيابي بالإعدام منذ نحو عامين، غير أننا فوجئنا بأن أحد الخاطفين يحتفل بإكمال دراسته وحصوله على شهادة الماجستير في إيران، في تحدٍ واضح للقانون ولأسرة الضحية». وتساءلت أسرة العراقي: «أين تطبيق القانون وكيف لمدان محكوم بالإعدام أن يكمل دراسته خارج البلاد من دون أن تتحرك أجهزة الدولة والحكومة لملاحقته».
وأشارت الأسرة إلى معاناتها المستمرة في محاولة الكشف عن مصير سجاد ومحاسبة المتورطين باختطافه وتغييبه، مبيّنة أن القضية تراوح مكانها رغم مطالباتهم المتواصلة منذ أربع سنوات. وأكدت: «طيلة الأعوام الأربعة ونحن نتظاهر ونعتصم وندعو من أجل تطبيق العدالة والقصاص من المجرمين، وقد التقينا بعدد من كبار السياسيين والمسؤولين، لكن لا جدوى».
كما تحدثت الأسرة عن استهدافها الأخير، حيث تعرضت خيمة الاعتصام التي أقامتها أمام ديوان محافظة ذي قار للمطالبة بالكشف عن مصير ولدها المغيب لإطلاق نار، إذ قالت: «في 18 أيلول 2024، نصبنا خيمة اعتصام أمام ديوان محافظة ذي قار، غير أننا تعرضنا لمحاولة اغتيال جماعي بعد بضعة أيام من نصب الخيمة». وأوضحت: «إذ جرى استهداف خيمة الاعتصام ليلاً بإطلاق النار المباشر عليها، مما كاد يعرّض حياة 10 أشخاص كانوا في الخيمة للخطر، لولا لطف الله». وتابعت: «بعد ستة أيام، أُلقي القبض على أحد المتورطين بإطلاق النار على الخيمة، وتعرفنا عليه، وتبين أنه ابن أحد الأشخاص المشتبه بتورطهم في خطف سجاد وأحد أقارب المتهمين المحكومين بالإعدام. وبعد مدة قصيرة، تفاجأنا بالإفراج عن المتهم رغم ثبوت الأدلة واعترافه بما جرى».
وأضافت الأسرة في رسالتها إلى فائق زيدان: «أين عدالتكم يا سيد القضاء يا فائق زيدان من متهم أطلق الرصاص الحي على خيمة الاعتصام وعرّض حياة المعتصمين للخطر. لقد أقيمت دعاوى ضده، ولا نعلم كيف أُفرج عنه وبأي طريقة».
وحملت عائلة سجاد العراقي رئيس مجلس القضاء الأعلى مسؤولية تهريب المتهم إلى إيران مثلما حصل مع المدانين بقضية اختطاف وتغييب سجاد والمحكومين بالإعدام غيابيًا.
وخلصت الرسالة بالقول: «وأخيرًا وليس آخرًا، ننتظر عدالتكم باسترجاع المتهمين المحكومين بالإعدام ومتابعة الإجراءات القضائية بحق المتهم الذي أطلق النار على خيمة الاعتصام». وفي حديث خاص لـ(المدى)، اتهمت والدة سجاد العراقي الأجهزة الحكومية وبعض المجاميع المسلحة بالتواطؤ مع المدانين، مشيرة إلى أنه «منذ أن نصبنا خيمة الاعتصام في 18 أيلول المنصرم، بدأت الحرب ضدي من الحكومة المحلية ورئيس اللجنة الأمنية». وأضافت: «بعد ثلاثة أيام فقط، تعرضت الخيمة ومن فيها لإطلاق الرصاص الحي، ولم نر من رئيس اللجنة الأمنية بالمحافظة أي تصريح أو استنكار رغم أن خيمة الاعتصام تقع ضمن محيط ديوان المحافظة».
وكشفت والدة العراقي أن «المتهم بإطلاق النار على خيمة الاعتصام اعترف بعد القبض عليه بارتكابه العديد من الجرائم بحق سجاد وعائلته». وأضافت: «وعلى إثر ذلك تحركت بعض الأطراف من الحكومتين المركزية والمحلية للضغط على الأجهزة الأمنية وقيادة شرطة ذي قار». وأردفت: «غير أن بعض الشرفاء الذين يعملون بضمير حي لم يرضخوا لهذه الضغوط».
وترى والدة سجاد العراقي أن التغييرات الأمنية التي شهدتها المحافظة مؤخرًا كانت تهدف لتغيير مجرى التحقيق في قضية استهداف خيمة الاعتصام وقضية سجاد ككل. يُذكر أن محكمة استئناف ذي قار أصدرت في أواخر أيلول 2020 مذكرتي اعتقال بحق اثنين من المتهمين باختطاف سجاد العراقي، وهما إدريس كريدي حمدان الهصاري وأحمد محمد عبود الإبراهيمي. وتشير مصادر المتظاهرين إلى انتمائهما إلى أحد الفصائل المسلحة، إلا أن المتهمين لم يُلق القبض عليهما حتى الآن.
وفي (أواسط آذار 2023)، أصدرت محكمة جنايات ذي قار حكمًا بالإعدام غيابيًا بحق مجرمين اثنين عن جريمة اختطاف الناشط سجاد العراقي. ووفقًا لبيان صادر عن مجلس القضاء الأعلى، فإن الحكم استند إلى أحكام المادة 421 / ج / من قانون العقوبات، وبدلالة المواد 47 و48 و49 منه.