بغداد/ تميم الحسن
أغلقت بغداد الباب أمام محاولات "إحراج" الفصائل والقوى الشيعية للحكومة بسبب معلومات عن استخدام إسرائيل الأجواء العراقية في ضربة إيران الأخيرة، وقررت تقديم شكوى إلى الأمم المتحدة.
عدّ خبراء في القانون ان العراق "تأخر" بأخذ هذا الإجراء، فيما قد لا يكون العراق متحكما بشكل كامل بأجوائه، بسبب سيطرة التحالف الدَّوْليّ.
ومطلع تشرين الأول الحالي، اعترفت القيادة العسكرية العراقية، بان الأجواء غير مؤمنة بشكل كامل. وكان هذا قد تزامن مع توقعات بتعرض البلاد إلى ضربات إسرائيلية.
وقال الناطق باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، في بيان، أمسِ: "تقدّم العراق رسمياً بمذكرة احتجاج إلى الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، وإلى مجلس الأمن الدَّوْليّ، تضمّنت إدانة الانتهاك الصارخ الذي ارتكبه الكيان الصهيوني بخرق طائراته المعتدية أجواءَ العراق وسيادته، واستخدام المجال الجوي العراقي لتنفيذ الاعتداء على الجمهورية الإيرانية، يوم 26 تشرين الأول الحالي.
ووجّه رئيس الوزراء -حسب البيان- وزارة الخارجية "بالتواصل مع الجانب الأميركي بشأن هذا الخرق، طبقاً لبنود اتفاق الإطار الستراتيجي الثنائي، والتزام الولايات المتحدة تجاه أمن وسيادة العراق".
وأضاف البيان أن "الحكومة العراقية تؤكد التزامها الثابت بسيادة العراق واستقلاله وحرمة أراضيه، وبأنها تعمل على مختلف الصعد لمواجهة هذه الانتهاكات، وتشدد على عدم السماح باستخدام الأجواء أو الأراضي العراقية للاعتداء على دول أخرى؛ خصوصاً دول الجوار التي تجمعها بالعراق علاقات احترام ومصالح مشتركة".
وتابع: "يعكس هذا الموقف حرص العراق على اتباع سياسة الحفاظ على استقرار المنطقة، من خلال منع أي استغلال لأراضيه في صراعات إقليمية، ودعمه حلَّ النزاعات عبر الحُوَار والتفاهم المتبادل".
وبدأت قُوَى سياسية وفصائل "تصعد" على خلفية معلومات عن استخدام إسرائيل الأجواء العراقية بالضربة الأخيرة على إيران.
وتنفس العراق الصعداء بعد ضربة اسرائيلية وصفت أنها "محدودة"، بعد أسبوعين من التوتر والترقب، وتوقعات بتوسع الضربات.
وقرأ محللون لـ(المدى)، المشهد عقب الضربة الأخيرة، بانه ذاهب إلى "التهدئة"، لكن الفصائل استمرت في توجيه الضربات.
وقالت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان، بانها وجهت سؤالا نيابيا إلى رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، حول استخدام إسرائيل الأجواء العراقية في ضرب عدد من الأهداف الإيرانية.
وكانت اللجنة قد عقدت جَلسة، رفضت خلالها استخدام الأراضي والأجواء العراقية لضرب إيران.
ويوم الاحد، وطالب هادي العامري، زعيم منظمة بدر بـ"إنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق"، بسبب دعم الأخيرة لإسرائيل على حد وصف بيان صدر من مكتب العامري.
وهدد بالمقابل، قيادي في كتائب سيد الشهداء، التي يتزعمها أبو آلاء الولائي، بـ"توجيه ضربات عقابية" ضد إسرائيل، بسبب خرق الأجواء العراقية.
كما توعدت كتائب حزب الله، بان تدفع الولايات المتحدة ثمن اختراق الأجواء العراقية من قبل "إسرائيل"، حَسَبَ بيان يوم الأحد.
وتوقع غازي فيصل، وهو دبلوماسي سابق، في حديث مع (المدى) ان "تستمر الفصائل العراقية، بعد استهداف إيران ومحاولات تفعيل الجهد الدبلوماسي لإنهاء الحرب، بالضغط بالداخل لأخراج القوات الأمريكية".
بالمقابل أكد فيصل ان "التحالف الدَّوْليّ سوف يستمر في محاربة (داعش)، وتوجيه ضربات عن طريق استخدام الطائرات، في صلاح الدين، وحمرين".
وكانت الحكومة قد اعلنت الشهر الماضي، أنها توصلت إلى اتفاق يقضي بانسحاب قوات التحالف من البلاد في غضون العامين المقبلين.
ويوم السبت الماضي، كان دعا مقتدى الصدر، زعيم التيار الوطني الشيعي، الحكومة إلى "ردع دبلوماسي وسياسي سريع" ضد إسرائيل، بسبب استخدام الأخيرة الأجواء العراقية في ضرب إيران، على حد وصفه.
وقال الصدر في تغريدة على منصة "إكس"، ان عدم رد الحكومة سيشملها بـ"قانون تجريم التطبيع".
وبحسب خبراء، فان إسرائيل استخدمت الأجواء العراقية في 4 مناطق، وحلقت أكثر من 10 ساعات، خلال الضربة الأخيرة.
كما تسربت معلومات عن سقوط ثلاثة صواريخ في صلاح الدين، وتوقع خبراء ان الصواريخ التي سقطت "باليستية متطورة محمولة جوا"، حَسَبَ وكالات محلية.
ويوم السبت، أكد مركز الاتصالات لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة عبر التلفزيون الرسمي الإيراني، استخدام الأجواء العراقية في ضرب البلاد.
وقالت بان المعلومات، أن إسرائيل استخدمت منظومة صواريخ في الحدود بين العراق وسوريا، وسمعت أصوات الانفجارات في البصرة، وديالى، وصلاح الدين.
ونقلت نيويورك تايمز عن مسؤولين إسرائيليين، إن أكثر من 100 طائرة مقاتلة، بما في ذلك طائرات مقاتلة وطائرات دون طيار، شاركت في الهجمات.
وأضافوا انه "لمنع اعتراضات من قبل حلفاء إيران، استهدفت الطائرات أولاً بطاريات الدفاع الجوي والرادارات في سوريا والعراق".
وفي وقت سباق، أكد الناطق العسكري للحكومة، اللواء يحيى رسول، أن "الأجواء العراقية ليست مؤمنة بالكامل، ولكن تم اتخاذ جميع التدابير اللازمة لتأمينها".
وذكر أن "طائرات الأكس 16 وكي 50 الكورية المتقدمة"، وطائرات النقل الجوي والاستطلاع، تشكل "قوة جوية عراقية تسهم في حماية العراق والدفاع عن سيادته".
وذكرت تقارير في ذلك الوقت، أن قاعدة عين الأسد، غربي الأنبار، شاركت في اعتراض الصواريخ الإيرانية التي أطلقت على إسرائيل مطلع تشرين الأول الحالي.
أجواءنا بيد أمريكا
إلى ذلك قال صفاء الاعسم، اللواء المتقاعد، لـ(المدى) بان "العراق لاحول ولا قوة بشأن اختراق اجوائه من قبل دولة خارجية، لان أجواءنا منذ منتصف 2014 بيد الولايات المتحدة التي تقود قوات التحالف".
وأضاف ان "العراق ليس لديه سلاح للدفاع الجوي أو ضرب اهداف جوية، ويعتمد كليا على 82 دولة ضمن التحالف الدَّوْليّ، التي يفترض ان يحمي اجواءه".
بالمقابل أن الولايات المتحدة، حتى الآن لديها شكوك وتردد في تسليح العراق، على حد وصف الاعسم، ولذلك "لن يستطيع العراق سوى تقديم الشكاوى وتسجيل موقف ضد خرق اجوائه من قبل الكيان الإسرائيلي".
وقانونيا، بخصوص شكوى الحكومة ضد "إسرائيل"، قال جمال الأسدي الخبير القانوني، لـ(المدى) بان "إجراء الحكومة العراقية جاء متاخراً، لكنه أفضل من عدم فعل أي شيء".
واعتبر الأسدي أن الحكومة كان عليها في وقت مبكر من الحادث، أن تمارس دورها الطبيعي في استخدام "حق الدفاع عن البلد في مواجهة أي مخاطر بالرد العسكري داخل الأجواء العراقية أو محاولة ذلك على الأقل، أو اتخاذ الإجراءات القانونية وفقاً للقوانين الدولية".