ذي قار/ حسين العامل
كشفت دائرة الهجرة والمهجرين في محافظة ذي قار عن تسجيل نحو 10 آلاف عائلة نازحة من مناطق الأهوار ومناطق أخرى تعرضت للجفاف والتصحر والتغيرات المناخية. وفيما أكدت تقديم معونات إغاثية لـ9600 عائلة من العوائل المذكورة، أشارت إلى ظروف خاصة حالت دون استكمال عملية حصر النازحين في قضائي الإصلاح وسيد دخيل.
يأتي ذلك في ظل أسوأ موجة جفاف تمر بها البلاد ومحافظة ذي قار التي أخذت تفقد مساحات واسعة من أهوارها وأراضيها الزراعية، وتواجه نزوحاً سكانياً كبيراً بين أوساط الفلاحين والصيادين ومربي المواشي الذين باتوا يواجهون مخاطر جمة انعكست سلباً على مجمل الحياة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وتهددهم بالحرمان من مصدر دخلهم الرئيس.
وقال معاون مدير دائرة الهجرة والمهجرين في محافظة ذي قار حازم عبد الستار الرياحي لـ(المدى) إنه «تم تسجيل وإحصاء 9600 عائلة نازحة من مناطق الأهوار ومناطق أخرى في شمال وغرب الناصرية، أي بواقع 50 ألف نسمة إذا قدرنا معدل عدد أفراد العائلة الواحدة بخمسة أفراد»، مبيناً أن «الإحصاء شمل مناطق أهوار الجبايش والفهود والمنار والطار وكرمة بني سعيد وكذلك أقضية الشطرة والنصر والغراف والبطحاء والكطيعة التي تعرضت للجفاف وآثار التغيرات المناخية».
وبين أن «الأوضاع الخاصة التي تمر بها أقضية الإصلاح وسيد دخيل حالت دون استكمال عملية الإحصاء في القضائيين المذكورين»، مرجحاً أن ترتفع أعداد النازحين من مناطق الأهوار بعد استكمال عملية إحصاء وتسجيل النازحين في القضائيين المذكورين.
وعن مستوى الدعم الحكومي والمجتمعي للنازحين، قال معاون مدير دائرة الهجرة والمهجرين إن «وزارة الهجرة والمهجرين تعمل ضمن برنامج لدعم النازحين من مناطق الأهوار عبر تقديم معونات إغاثية لهم»، مؤكداً توزيع 9600 سلة غذائية وصحية خلال الفترة الماضية.
وفي ذات السياق، بحثت دائرة الهجرة والمهجرين ورئيس لجنة التصحر والجفاف في محافظة ذي قار وضع آلية فعالة وآمنة لتسجيل النازحين جراء التصحر والجفاف في قضائي الإصلاح وسيد دخيل.
وذكر بيان صادر عن إعلام دائرة الهجرة والمهجرين ذي قار تابعته (المدى) أن «فرع وزارة الهجرة والمهجرين في ذي قار بحث مع رئيس لجنة التصحر والجفاف مستشار محافظ ذي قار حيدر سعدي وقائمقام قضاء الإصلاح حيدر جمال ومدير إدارة قائمقامية قضاء سيد دخيل مؤيد ريسان وضع آلية فعالة وآمنة لتسجيل النازحين من جراء التصحر والجفاف في القضائيين المذكورين».
وتحدث البيان عن تعليمات تسجيل النازحين وآلية العمل بها عند توفر ظروف آمنة للتسجيل وتحديد أوقات مناسبة لزيارة القرى المتضررة، مشيراً إلى أن المشاركين بالاجتماع أكدوا على المباشرة بالتسجيل في أقرب وقت ممكن وذلك لتمكين وزارة الهجرة والمهجرين من تقديم الدعم اللازم للمتضررين.
وفي حديث سابق لـ(المدى)، كشف مدير دائرة الهجرة والمهجرين في محافظة ذي قار ليث دخيل منهل الخفاجي عن الآثار الاقتصادية والاجتماعية على النازحين، مبيناً أن «انتقال النازح من مكان إلى آخر مغاير لطبيعة حياته غالباً ما يؤثر على حياته الاقتصادية نتيجة فقدانه لعمله، ولا سيما سكان الأهوار الذين تعرضت مناطقهم للجفاف»، متحدثاً عن «أعداد كبيرة من صيادي الأسماك ومربي الجاموس والمزارعين الذين فقدوا عملهم ومصدر رزقهم».
وأضاف الخفاجي أن «زحف النازحين باتجاه مراكز المدن غالباً ما يواجه بمشكلة اختلاف الثقافات وينعكس سلباً على جميع أفراد الأسرة»، لافتاً إلى «بروز ظاهرة عمالة الأطفال وتسرب التلاميذ والباعة المتجولين والأطفال المتسولين في تقاطعات الطرق».
ويرى مدير دائرة الهجرة والمهجرين أن مربي المواشي تعرضوا إلى خسائر جسيمة من أثر الجفاف الذي تسبب بنفوق مواشيهم، واصفاً ما تعرضت له شريحة مربي الجاموس من خسائر في مناطق الأهوار بالكارثة الاقتصادية.
وكان مسؤولون محليون ومنظمات مجتمعية في ذي قار حذروا في آب 2023 من ارتفاع معدلات النزوح السكاني الناجم عن الجفاف وشح المياه في مناطق الأهوار والأرياف، مشيرين إلى أثر هذه الحالة على حياة السكان المحليين والمدن التي ينزحون لها.
يُذكر أن منظمة طبيعة العراق المعنية ببيئة الأهوار العراقية كشفت يوم (15 تشرين الأول 2023) عن تراجع مساحات الأهوار في جنوبي العراق إلى 7% فقط، مؤكدة انخفاض مناسيب المياه في الأنهار المغذية لمناطق الأهوار إلى أدنى مستوياتها.
وتشكل الأهوار خُمس مساحة محافظة ذي قار، وهي تتوزع على عشر وحدات إدارية من أصل 22 تضمها المحافظة، إذ تقدر مساحة أهوار الناصرية قبل تجفيفها مطلع تسعينيات القرن الماضي بمليون و48 ألف دونم، في حين تبلغ المساحة التي أُعيد غمرها بالمياه بعد عام 2003 نحو 50% من مجمل المساحة الكلية لأهوار الناصرية، إلا أن هذه المساحة المغمورة سرعان ما تتقلص بصورة كبيرة بعد كل أزمة مياه تمر بها البلاد.