ترجمة / حامد أحمد
تناول تقرير لموقع، ذي نيو آراب The New Arab، الذكرى الخامسة لانطلاق احتجاجات تشرين في العام 2019 للمطالبة بخدمات وفرص عمل ووضع حد للفساد والمحسوبية، مشيرا الى انه في الوقت الذي ما تزال فيه كثير من هذه المطالب لم تلب بعد فان نشطاء لجأوا الان الى أسلوب المعارضة البنّاءة في حياتهم اليومية وافعالهم، بدلا من المواجهة المباشرة، كوسيلة لتحدي الجوانب السلبية والدعوة لإصلاحها.
ويذكر التقرير ان حركة تشرين استقطبت في البداية دعما وزخما واسعا في العراق وخارجه ولكنها سرعان ما واجهتها معوقات كبيرة. وكان المحتجون قد تعرضوا لإجراءات قمعية وضغوطات ومواجهات بإطلاقات نارية وقناني مسيلة لدموع نجم عنها مقتل ما يقارب من 600 متظاهر وجرح 25 ألف آخرين.
ومن الناحية التنظيمية فان الحركة عانت أيضا من التشظي الداخلي، حيث كان يفتقر المحتجون لقيادة جماعية وبرنامج سياسي واضح ما جعلهم عرضة للانقسام وتفرق في الرأي. وبينما قرر بعض المحتجين الانضمام لأحزاب تقليدية كبيرة توجه الاخرون لتشكيل أحزاب مستقلة خاصة بهم.
ولكن اختفاء الاحتجاجات الواسعة في العراق الان لا يعني بان جذوة تشرين قد انطفأت، بل ان الخوف من القمع والاعمال الانتقامية موجود بين النشطاء. وهناك أيضا شعور واضح بالإنهاك والصدمات النفسية. وبما ان هناك حالة افلات من العقاب وعدم مساءلة بالنسبة للمتورطين بالاعتداء على محتجين، فان هذا الامر ترك كثيرين يقلقون من الاحتجاج خوفا من القمع.
وبينما يبدو للعيان بان غياب الاحتجاجات الشعبية في العراق هو مؤشر على ان الأمور قد تحسنت، فان كثير من المظالم والمطالب التي اشعلت تلك الاحتجاجات ما تزال قائمة بدون حل. حيث ان الأسلوب الطائفي في نظام الحكم السياسي الذي رفضه المحتجون في مظاهراتهم ما يزال قائما فضلا عن ان كثيرا من العراقيين يعيشون في ظروف اقتصادية صعبة مع كثرة البطالة وعدم توفر فرص عمل.
وأشار التقرير الى ان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وخلال رئاسته للحكومة أقبل على تنفيذ حملة مشاريع إعادة تأهيل بنى تحتية ومشاريع بناء في بغداد ومحافظات أخرى، ولكن رغم ذلك فان العراقيين ما يزالون يعانون من انقطاعات الطاقة الكهربائية وخدمات أخرى.
ولكن رغم ذلك فان الاستقرار الاقتصادي النسبي الذي يعيشه العراق الان والذي يحافظ عليه ارتفاع أسعار النفط، فضلا عن توفير مئات آلاف عقود خدمة مدنية قصيرة الاجل فإنها مستمرة بتلقي رضا العامة في الوقت الحالي. في حين ان أية صدمات اقتصادية او سياسية قد تحدث مستقبلا مثل الانجرار في صراعات إقليمية او حدوث هبوط بأسعار النفط فانه من شأنها ان تلغي هذه الحلول الانية وتشعل احتجاجات أخرى كما حصل في احتجاجات تشرين.
ولذلك فان أية اضطرابات مدنية مستقبلية قد تحصل هي مرتبطة بمدى قدرة الحكومة في تنفيذ إصلاحات فاعلة طويلة الأمد لمعالجة تحديات ومشاكل تعرقل استقرار البلد.
وبما ان النشطاء واجهوا كثيرا من التحديات والمصاعب وحالات قمع خلال احتجاجات تشرين، فانهم لم يعودوا الان متمسكين بخيار مواجهة النخب السياسية بشكل مباشر من خلال الاحتجاجات، ولكنهم بدلا من ذلك لجأوا الى معارضة بنّاءة تؤدي الى تغييرات غير ملحوظة ولكنها مهمة بالنسبة للوضع الحالي وذلك من خلال عملهم اليومي وحياتهم دون ان يعرضوا أنفسهم وآخرين للمخاطر والمضايقات.
من بين أكثر الجوانب الخلاقة لاحتجاجات تشرين كان فن الشارع حيث يقوم ناشطون بالرسم على جدران الساحات التي كانوا يتواجدون فيها. اليوم كثير من الفنانين الذين شاركوا في هذه الأنشطة مستمرين باستخدام الفن كوسيلة للانتقاد واثارة التوعية بخصوص قضايا مهمة مثل معدلات التلوث العالية التي شهدتها بغداد مؤخرا.
في حين سعى آخرون لتبني أفكار اقتصادية، على سبيل المثال استحداث مشاريع صغيرة لبيع منتجات محلية لمواجهة ما اعتبره كثير من محتجي تشرين على انه نفوذ وسيطرة اجنبية على اقتصاد البلد. وبهذه الطريقة سيستمر الناشطون بالدفع نحو التغيير وسط تحديات صعبة ومعقدة.
- عن The New Arab