شاكر لعيبيإن مسحا منتبهاً لتاريخ التصوير الفوتوغرافي في مجمل العالم العربي سيقود البحث إلى اكتشافات جديدة، نذكر بعضها هنا ونترك غالبتها لحينها: يوجد بين ظهرانينا اللحظة مصورون فوتوغرافيون أوائل مجهولون، ففي العشرينيات وجدنا أكثر من مصور عراقي مجهول منهم نديم أفندي الباجه جي الذي نشر صوره في مجلة (المصوّر) المصرية ويوسف [الـ] حيالي الذي غُرف في مصر الأربعينيات ولم يُشتهر أبدا في العراق وعبد الرحمن محمد عارف الذي نشر صوره في مجلة (المصوّر) المصرية في العشرينيات أيضاً.
وفي شمال العراق (قره قوش، الموصل) وجدنا، بسعادة، مجموعة من المصورين الهواة منهم إلياس متي قصاب، عزيز سمعان الطوني، سمير متي كسكو، بطرس بحو عولو، الراهبة مارتين الياس حنا الخياط، الأب لويس القصاب، الاب فرنسيس جحولا، بشار بهنام حنونا، الراهبة حكمة الياس حنا الخياط، عزيز سمعان الطوني، الراهبة هدى شيتو الدومنيكية، المصوّر توماس، فرج الياس زاكي وغيرهم. وقد يظل الاب لويس قصاب من بينهم هو الكشف الأهم. وقد كاتبناه فلم يجب على رسائلنا للأسف. في جنوب العراق عثرنا على اسم سيدة هي ناجية بنت الشيخ شكر الله كانت تمارس التصوير الفوتوغرافي في أستوديو زوجها سنوات بعد الحرب العالمية الثانية. ثم المصور سيد جليل الحسيني من مدينة السماوة، من سنوات الستينيات.اكتشفنا بضعة مصوريين سوريين فاعلين في سنوات العشرينيات لكن غير معروفين: توفيق نوفل وإلياس الدرزي ومحمد بهجت المصري وعبد الغني القباني من مدينة دمشق في الغالب. وفي مصر ثمة مصوران آخران من أصل سوري غير معروفين من عائلة الصابونجي هما: مانويل وبنايامين الصابونجي. وأعدنا الاعتبار أيضا لباسكال صباح Pascal Sébah على أنه مصوّر سوري خلافاً لما يقال عادة من أنه تركي. وجدنا على موقع على شبكة النيت أن في بلدة بزبينا في عكار، لبنان مجموعة من التصاوير الفوتوغرافية مجهولة الهوية مما يمكن بثقة إدراجه في تاريخ التصوير الفوتوغرافي العربي.في تونس هناك الكثير من الاكتشافات التي تنتظر الإعلان عنها، منها عثورنا في جنوب تونس على مصور فوتوغرافي رائد خمسينيّ مجهول هو (المنياوي) الذي ما زال الأستوديو الذي أقامه في الستينيات قائما في مدينة قابس. في منطقة القطيف السعودية عرفنا أن علي آل محيف (مواليد 1928) هو من مصوري القطيف الأوائل (ما زال حيا وأقام معرضا للصور التراثية عام 2005) والمصور صادق المدني (مواليد عام 1923) هو أول من اقتنى كاميرا في المنطقة الشرقية نفسها منذ عام 1936. كما أن رضى الخضراوي (مواليد عام 1924) من أوائل المصورين أيضا هناك.ورغم وفرة الكتابات عن التصوير الفوتوغرافي في فلسطين التقينا كذلك باسمين فلسطينيين جديدين هما شحادة ملوك وتوفيق باسيل.الأكثر من ذلك فإن أعداد سنوات العشرينيات من مجلة (المصوّر) المصرية تضع تحت تصرفنا أسماء وأعمال العشرات من المصورين، هواةً ومحترفين، ممن لا نعرف عنهم شيئا. ليس من المصورين المصريين فحسب إنما من العرب أيضا. بل أنها تلقي المزيد من الضوء على مصورين نعرف عنهم القليل من المعلومات مثل اللبناني وليم صبحية الذي نشر في (المصوّر) أعمالاً غير الأعمال التي نُشرت له مؤخراً من طرف المهتم بالتصوير المحلي في لبنان السيد محسن يمين، وهي تضيف إلى تاريخ الفوتوغرافيا في لبنان، من جهة أخرى، معلومات جديدة واسمين جديدين أو ثلاثة سواه.في بحث يستغرق هذه الفترة العريضة الخالية حالياً من الاهتمام الثقافي الحقيقي، هناك مساحات وتواريخ تظل فارغة تماماً في تاريخ التصوير الفوتوغرافي العربي وقابلة لإعادة الملء والدرس والتصحيح. هناك أسماء أخرى لا نعرف عنها القليل فقط إنما لا شيء تقريبا وتحتاج إلى المزيد من البحث. هناك من دون شك أخطاء وعجالات لا بد منها أثناء الحديث عن كمية هائلة من الظواهر والأسماء التي يمرّ عليها البحث الراهن. إن بحثا توثيقياً في الريادات عليه أن لا يشهر مزاعم تحليلية فائقة للعادة واستباقية للظواهر: لأنك لا يمكن أن "تحلل" ظاهرة جمالية أو تشكيلية إلا بعد أرشفتها وفحصها ووضعها في نصاب تاريخي وسياق محدّد، إي إلا بعد تأصيلها في أصولها دون أي نزوع أيديولوجي متعالٍ. أن بحثا مثل هذا يبدو في عيوننا جوهرياً، لكنه أخلاقي أيضا بمعنى أنه يعيد الاعتبار لكائنات إنسانية ملتاعة وغريبة، فعليك أن تكون ملتاعا وجدّ غريب الأطوار بالفعل لكي تنحني وتنشغل بالآلة الفوتوغرافية في بداية القرن العشرين. كائنات ظلت لوقت طويل في الهامش الثقافي، ويُراد لها، في غياب عدم التأصيل المريح هذا، البقاء دوما تحت ظل النسيان. إن عدم الاهتمام بها، على الأقل من الوجهة الأرشيفية، يعني أننا سنبقيها على الدوام في الظل والهامش اليائس مكتفين بتحليلاتنا الراهنة المتأخرة، المستعارة، الفائقة للعادة زاعمة المزاعم عن آخر المستجدات المعرفية والجمالية عن الفوتوغرافيا.إن الفراغات والالتباسات البيوغرافية بشأن تاريخ التصوير الفوتوغرافي سببها في الغالب عدم منح الثقافة العربية للفوتوغرافيا، وللفن عموماً أهمية إلا منذ منتصف القرن العشرين وإلا على استحياء. لا نعرف في فرنسا مصورا فوتوغرافيا قليل الشأن لا يُعرف عن حياته شيء يُذكر كما لا نعرف نحن في الثقافة العربية عن مصورين روّاد يستحقون أكثر من التجاهل.هذه "الفراغات" هي فراغات في الوعي التاريخي، والفني أيضاً، وهي قبل ذلك مساحة ممحوة من ذاكرة الث
تلويحة المدى: مقدمات تأسيسية لأنطولوجيا فوتوغرافية عربية (4)

نشر في: 21 يناير, 2011: 04:57 م