بغداد/ تميم الحسن
بقي أمام القُوَى السُنية اقل من 48 ساعة لحسم اسم مرشح رئيس البرلمان قبل موعد جَلسة غد الخميس، التي دعا إليها "الإطار التنسيقي"، التي توصف بأنها "جَلسة نهائية".
وتبدو، حَسَبَ معلومات وصلت لـ(المدى)، بان الطريق إلى رئاسة البرلمان قد أصبح أكثر سهولة، بعد إزاحة خميس الخنجر، رئيس حزب السيادة، الذي كان يعد لـ"مفاجأة"، قبل تحريك ملف "اجثتاث البعث" ضده، ويضطر إلى تقديم استقالته من رئاسة الحزب.
وقبل ذلك كان الخنجر، ومعه مثنى السامرائي زعيم تحالف "عزم"، دعما سراً سالم العيساوي، وهو من نفس عشيرة الأول، لرئاسة البرلمان، مع أنّ الطرفين أعلنا في وقت سابق، دعم محمود المشهداني، لكنه الدعم كان يخبأ تفاصيل غير معلنة، حَسَبَ تسريبات.
بالمقابل يدعم محمد الحلبوسي، رئيس البرلمان السابق - الذي فجر إبعاده عن المنصب بقرار قضائي نهاية العام الماضي بسبب قضية "تزوير" أزمة مستمرة حتى الآن- زياد الجنابي بشكل غير معلن لرئاسة المجلس، بينما كان قد اعلن الاول رسمياً، كما فعل فريق الخنجر- السامرائي، عن دعم المشهداني.
هل حسم المنصب للمشهداني؟
يجيب قيادي في تيار الحكمة الذي يتزعمه عمار الحكيم، في إتصال مع (المدى) عن ذلك، ويقول إن “الإطار التنسيقي، وعلى الرغم من وجود رؤى مختلفة، الا أنه قرر دعم المشهداني".
وبحسب بيان مقتضب صدر عن التحالف الشيعي، اول أمس، قال، أنه اجتمع و "قرر عقد جَلسة انتخاب رئيس البرلمان يوم الخميس المقبل (غدا)".
وأضاف البيان، أن "رئيس المجلس بالنيابة سيدعو لعقد الجَلسة وستكون مخصصة لانتخاب الرئيس فقط".
وهذا كان ثلاث موعد يطرحه "الإطار" بشأن انتخابات رئيس البرلمان، كان آخرها جَلسة حددت يوم السبت الماضي، ولم تنعقد.
ويقول القيادي في الحكمة رحيم العبودي بان "الإطار التنسيقي يدعم المشهداني لأنه مرشح كتلة الـ55 نائبا سُنيا، وهي الكتلة الأكبر"، لكن ذلك لا يعني بان المنصب سيذهب للمشهداني بشكل حاسم.
النائب محمود المشهداني، رئيس البرلمان الأسبق، كان قد فشل مرتين في التصويت للوصول إلى منصب رئيس البرلمان، في جلسات برلمانية خصصت بهذا الشأن.
المشهداني في الشهر الأخير، تسرب بانه حصل على دعم نوري المالكي، رئيس دولة القانون، لذلك سارع بكتابة تدوينات بانه مرشح "الاجماع الوطني"، حسب وصفه.
ويٌعتقد بان المشهداني المفضل لدى المالكي لأسباب تتعلق بدعم الأخير في قضية سحب القوات الأمريكية في 2011، ومنعه إعلان التيار الصدري، الكتلة الأكبر بعد انتخاب 2021.
الحلبوسي، دعم المشهداني، بعد انسحاب شعلان الكريم، مرشح الأخير، بعد أن إشارت تلقاها باحتمال شموله بـ"اجتثاث البعث"، وهو نفس الملف الذي تحرك ضد خميس الخنجر، حديثًا.
زعيم تقدم، لم يكن يفضل المشهداني وإنما مجبر عليه، حَسَبَ تصريحات أعضاء في حزبه، لذلك تخلى عنه بعد ذلك، واستبدله بشكل "غير معلن" بالنائب زياد الجنابي، الذي كان انشق في ظروف ملتبسة عن الحلبوسي.
وقيل قريبًا، ان مجموعة الـ55 نائبا (الاغلبية السنية)، التي يقودها الحلبوسي، وتضم كل القُوَى السُنية باستثناء "الخنجر والسامرائي"، قد قدمت للمالكي، في ورقة مكتوبة، اسم الجنابي لرئاسة البرلمان، في اتفاق ابرم بالاسابيع الماضية.
أما ما يسمى بـ"الأقلية السنية" فقد راوغت معسكر الحلبوسي، بإعلان دعم المشهداني بدلا من سالم العيساوي، بعد اتفاق الحلبوسي مع المالكي، لكن كان هدفها هو عقد جَلسة لانتخابات رئيس البرلمان، بـ"إي ثمن" ليتم بعدها التصويت إلى العيساوي، طِبْقاً لـِ التسريبات.
وتقول هذه التسريبات، بان "الأقلية السنية" كانت تعتمد على نتائج العيساوي السابقة، الذي كان يحتاج في احدى جلسات البرلمان التي خصصت لاختيار رئيس البرلمان إلى 6 أصوات فقط للفوز بالمنصب (رئيس البرلمان يحتاج 166 صوتا).
ويواجه ذلك الفريق، رفض من المالكي، ومحسن المندلاوي الذي يقود البرلمان بالوكالة منذ نحو عام، عقد جَلسة دون اتفاق سُني مسبق على مرشح واحد، لذلك كان "الخنجر والسامرائي" ينتظران فرصة عقد الجلسة معتمدين أيضا على وعود من نواب الإطار التنسيقي، ولا سيما النواب الشباب، بالتصويت للعيساوي، إضافة إلى أنباء عن دعمه من قبل رئيس الحكومة محمد السوداني.
من هو الرئيس؟
يشير رحيم العبودي إلى ان إعلان الإطار التنسيقي عقد جَلسة الخميس، وهي "جَلسة حاسمة ونهائية"، تعني أنها ستذهب في مسارين؛ الأول بانتخاب المشهداني، أو انسحاب المرشحين وتقديم بدلاء.
وفي الأسبوع الماضي، قالت مجموعة الـ"55 نائبا"، كلاما مشابها، بان امام البرلمان خيار من اثنين؛ المشهداني أو اختيار مرشح اخر.
لكن العيساوي، وبحسب أطراف سنية يرفض حتى الآن الانسحاب، بسبب "رغبة نواب بان يكون رئيس للبرلمان"، وفق ما تقوله تلك الأطراف.
والخنجر، مع أنّ انه أعلن دعم المشهداني، لكن في بيان نهاية الأسبوع الماضي (الجمعة)، ظهر وكأنه يرفض خارطة الطريق الجديدة لحسم ملف رئيس البرلمان، وكشف بانه سيدعو الى اجتماع "استثنائي" لكل القوى السنية (موعده كان يوم الأحد الماضي) لاختيار مرشح توافقي.
وتقول مصادر سُنية لـ(المدى) بان "الخنجر كان يحضر لكتلة كبيرة تستعد للسيطرة على كل الملفات الخاصة بالمكون، قبل أن يقرر الاستقالة".
استقالة الخنجر
بشكل مفاجئ أعلن حزب السيادة، أمس، في وثيقة رسمية موجهة إلى مفوضية الانتخابات، بان خميس الخنجر استقال من رئاسة الحزب.
وكانت الوثيقة ترد على طلب سابق لاستدعاء الخنجر للمثول امام هيئة المساءلة والعدالة للتحقيق معه.
وهذه المرة الثانية التي تدور حول رجل الأعمال والسياسي خميس الخنجر، تسريبات بشأن علاقته بـ"حزب البعث" المحظور.
وفي 2018 كان الخنجر قد انسحب من الانتخابات بشكل مفاجئ، فيما تداولت معلومات بانه جاء بسبب "شموله بإجراءات المساءلة والعدالة".
وقال نواب عن ائتلاف دولة القانون، آنذاك، أن هيئة المساءلة والعدالة ألغت قراراً بشمول الخنجر بإجراءاتها، بطلب من شخصية قيادية في التحالف الوطني الشيعي، لم تكشف عن اسمه.
وكان الخنجر حينها مرشحاً بالتسلسل رَقْم (1) عن بغداد ضمن ائتلاف القرار العراقي، بزعامة نائب الرئيس السباق أسامة النجيفي.
ويرى رحيم العبودي، بان "قُوَى سنية هي من حركت هذا الملف ضد الخنجر بسبب معركة كسر العظم الدائرة بينهم"، معتبرا ان "ليس من مصلحة الإطار التنسيقي إثارة هذا الموضوع الآن".
وقبل عامين، رفضت هيئة المساءلة والعدالة (اجتثاث البعث سابقا) في تصريح لـ(المدى)، طلب الحكومة نقل ارشيفها وملفاتها إلى القضاء تمهيدا لإغلاقها.
وجاء الطلب الحكومي وقتذاك، وفق البرنامج الوزاري والاتفاق السياسي المبرم بين قُوَى الائتلاف الحاكم (إدارة الدولة).
وأكدت الهيئة ان هناك ملايين الوثائق لازالت في طريقها للتدقيق وتحمل اسماء عدد كبير من المشمولين بإجراء اجتثاث البعث.
وتأخر تدقيق اغلب الوثائق لأكثر من 15 عاما لأسباب ربما تكون "متعمدة" حَسَبَ مصادر، وتلكؤ إداري وفق ما تقوله الهيئة.
وهناك ما لايقل عن مليون عراقي مشمول بالاجتثاث، 25% منهم على الأقل من الأجهزة الأمنية السابقة، حسب أرقام الهيئة.
وكانت القُوَى السنية وهي أكثر الأطراف في العراق التي تبدو مستهدفة من اجراءات اجتثاث البعث قد حاولت عدة مرات تحويل هذا الملف إلى القضاء، واعتبرت تأخر حسم اسماء المشمولين وراءه دوافع سياسية وعقابية.
وفي عام 2016 جرى اتفاق سياسي بين ماكان يعرف بـ"التحالف الوطني" وهو المظلة السياسية للقوى الشيعية والأطراف السنية على تشريع قانون يحمل اسم "المساءلة وحظر حزب البعث المنحل".
تضمن القانون الجديد 22 مادة بعد أن تم رفع "المسألة" على أن يقدم الأخير بقانون وَحْدَهُ، ويحول الملف الاجتثاث إلى القضاء.
وفي النهاية صوت السنة وفق الاتفاق مع الشيعة، على قانون حظر البعث في 2016 فيما لم يتم تشريع القانون الأخر حتى الآن.
ودائما ما كانت القُوَى السنية ترى أن اجتثاث البعث أداة قمع وورقة ضد المعارضين تظهر في الغالب مع مواسم الانتخابات.
ويحذر السُنة هذه المرة لعدم الوقوع بالفخ مرة اخرى، حيث يشترطون لتمرير قانون مثل "الأحوال الشخصية"، وهو مطلب شيعي، أن يكون بصفقة أو مابات يعرف بـ"سلة قوانين للطوائف"، وربما مزجها أيضا مع ملف رئيس البرلمان.
ويقول العبودي ان "الإطار التنسيقي رفض ربط رئيس المجلس بتلك القوانين التي يعتبرها التحالف مهمة خاصة العفو العام والأحوال الشخصية".