متابعة/ المدى
يخشى رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على حياته ومن تعرّضه لهجوم على غرار استهداف منزله الخاص في قيسارية قبل نحو أسبوعين بطائرة مسيّرة أطلقها حزب الله، لذلك يلجأ للاحتماء تحت الأرض من حين إلى آخر.
فيما أفادت صحيفة "هآرتس" العبرية، اليوم الجمعة، بأنه يسعى للحركة الدائمة ويطالب بحظر نشر أماكن وجوده، كشف موقع "والاه"، أول من أمس الأربعاء، أن زوجته سارة طلبت طائرتين مقاتلتين من طراز "إف-35" لمرافقة طائرة "جناح صهيون" التي أقلته إلى الولايات المتحدة قبل نحو شهر، لإلقاء خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتّحدة، وأعادته إلى تل أبيب.
في الأسابيع الأخيرة على وجه الخصوص، كثيراً ما كان نتنياهو، إلى جانب وزراء ومسؤولين، يعقد اجتماعات في أماكن محصّنة تحت الأرض، على الرغم من استهزائه المتواصل، وغيره من القادة الإسرائيليين، من احتماء قادة حماس وحزب الله بأنفاق وأماكن تحت الأرض، وكثيراً ما أشاروا إلى رئيس المكتب السياسي الراحل لحماس يحيى السنوار والأمين العام الراحل لحزب الله حسن نصر الله، اللذين اغتالهما الاحتلال.
ولا يفعل نتنياهو ذلك بدافع الخوف فقط، وفق اعتقاد إسرائيليين، بينهم ما نشره الصحافي والكاتب في صحيفة "هآرتس" غيدي فايس اليوم الجمعة، وإنما تمهيداً لتبرير تغيّبه عن جلسات شهادته في المحكمة الشهر المقبل بقضايا الفساد التي يواجهها.
ويرى فايس أن نتنياهو بدأ هذا الأسبوع التحضير لتقديم طلب لتأجيل شهادته في المحكمة، مشيراً إلى ما أوردته هيئة البث الإسرائيلي (كان)، يوم الأحد الماضي، عن أن نتنياهو حذّر في جلسة مغلقة من احتمال تعرّض الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) لهجوم بطائرات مسيّرة، كما تذمّر من استمرار جلسات الهيئة العامة كالمعتاد. وفي صباح ذلك اليوم، نُقل اجتماع الحكومة من مكتب نتنياهو إلى الطابق الرابع تحت الأرض في مبنى آخر لأسباب أمنية. كما يرى فايس أن إطلاق المُسيّرة من لبنان نحو منزله في قيسارية حوّل خوف نتنياهو إلى قلق حقيقي، وبات يرى أنه يجب أن يكون في حركة مستمرة لخداع من يعتقد أنهم يسعون لاغتياله.
وذكرت "هآرتس" أنه في إطار الجهود لضمان سلامة نتنياهو، يُنظر في إمكانية اشتمال تشريع أو قرار حكومي على حظر تمام لنشر مكان وجوده (وكبار المسؤولين الآخرين)، وربما فرض عقوبات جنائية على وسائل الإعلام أو المواطنين الذين يفعلون ذلك. وفي الآونة الأخيرة، قُدِّم طلب إلى جهاز الأمن العام (الشاباك) للحصول على رأي حول هذا الإجراء. وكان لافتاً ما قاله الأمين العام لحزب الله اللبناني نعيم قاسم، أول من أمس الأربعاء، في أول خطاب له بعد تعيينه أميناً عاماً للحزب، من أن "المقاومة تمكنت من إرسال مسيّرة إلى غرفة نوم رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وهو مرعوب، وذلك ما عرفناه من اتصالات دبلوماسية".
ولم يتقدّم نتنياهو بعد بطلب تأجيل إلى المحكمة، لكن أحد مساعديه قال، هذا الأسبوع، وفقاً للصحيفة، إن "الشهادة لا يمكن أن تتم في بداية ديسمبر (كانون الأول) لسببين: إدارة الحرب لا تسمح له (أي نتنياهو) بالاستعداد للشهادة، والوجود الدائم في المحكمة المركزية في القدس في هذا الوقت يعرض حياته وحياة جميع الحاضرين في القاعة للخطر". ونقلت الصحيفة عن مصدر مطّلع لم تسمّه قوله: "هناك تهديدات جدية ضد نتنياهو، لا شك في ذلك، والجميع رأوا ما حدث لنافذة المنزل في قيسارية. بعد الاغتيالات في غزة ولبنان وإيران، هناك دافع خاص لاستهداف كبار المسؤولين الإسرائيليين".
ومع ذلك، أضاف المصدر نفسه: "لدى رئيس الوزراء ترتيبات أمنية من قبل سلاح الجو والشاباك، تهدف إلى ضمان وجوده في منطقة محميّة في وقت قصير جداً من الإنذار. نحن لا نريد العيش في دولة حيث يعيش رئيس الوزراء في مكان محصّن تحت الأرض 24/7 مثل نصر الله، ولا يدير الأمور، بما في ذلك الشهادة في محكمة آمنة".
بالعودة إلى قضية الطائرتين المقاتلتين اللتين رافقتا رحلة نتنياهو، أفاد موقع "والاه"، نقلاً عن مصادر محيطة بنتنياهو لم يسمّها، بأن قرار سلاح الجو إرسال طائرتين من طراز "إف-35" لمرافقة طائرة رئيس الحكومة في جزء من رحلة عودته من اجتماع الأمم المتحدة، جاء نتيجة لمجموعة من الطلبات غير المسبوقة من زوجته سارة نتنياهو. فبعد اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، كانت سارة تخشى إطلاق صواريخ على الطائرة، ما أدى إلى سلسلة من الطلبات الخاصة من مكتب رئيس الوزراء.
وفقًا للمصادر، طلبت سارة، حتى قبل اغتيال إسرائيل نصر الله، أن ترافق طائرتان مقاتلتان طائرة "جناح صهيون" طوال الرحلة إلى الولايات المتحدة وفي طريق العودة. ورفض قائد سلاح الجو تومر بار الطلب. وبعد أيام قليلة من اغتيال نصر الله، ادّعى مكتب نتنياهو أن هناك مخاوف حقيقية من رد فعل من إيران أو حزب الله يستهدف "جناح صهيون"، وقُدّم طلب جديد لسلاح الجو لمرافقة الطائرة العائدة من نيويورك، في الجزء الأخير من الرحلة، من قبرص إلى الأراضي المحتلة. وجرت الموافقة على هذا الطلب، وأُرسلت الطائرات المقاتلة لمرافقة الطائرة حتى هبوطها.
ومع ذلك، لم تنتهِ القصة هنا، فوفقاً لمصادر الموقع العبري، قدّم مكتب نتنياهو طلباً آخر لسلاح الجو لالتقاط صورة جويّة لطائرة رئيس الحكومة وإلى جانبها الطائرات المقاتلة لتوثيق المرافقة. ورفض سلاح الجو هذا الطلب، وأُعطيت التعليمات للطائرات المقاتلة بالطيران خلف طائرة "جناح صهيون" بحيث لا يمكن تصويرها لاستخدامها في العلاقات العامة لنتنياهو وعائلته.
وفي الوقت نفسه، طلب فريق مكتب نتنياهو من طاقم وقبطان "جناح صهيون" الطيران بطريقة تمكّن ركاب الطائرة من رؤية الطائرات المقاتلة من النوافذ. ورُفض هذا الطلب أيضاً من قبل الطاقم بعد فحصه مع سلاح الجو. وفي غياب الصورة، أبلغ مكتب رئيس الوزراء الصحافيين المرافقين عن المرافقة غير العادية لطائرات "إف-35" بسبب مخاوف من تهديد الصواريخ، وتصدّرت هذه الأخبار التقارير حول هبوط نتنياهو في إسرائيل. واعتبرت المراسلة والمحللة السياسية في موقع "والاه" تال شيلو أن قائمة طلبات مكتب رئيس الحكومة من سلاح الجو تشير مرة أخرى إلى مدى انشغال نتنياهو والمحيطين به بالخوف على مصيره وسلامته، فضلاً عن تشديد الحراسة على أفراد عائلته.
رد مكتب نتنياهو على ما نشره موقع "والاه" مدّعياً أن "هذا خبر كاذب تماماً وهجوم لا أساس له وغير مبرر على زوجة رئيس الوزراء. لم يتعامل رئيس الحكومة وزوجته مع أي موضوع يتعلق بطائرة جناح صهيون، بجميع مكوّناتها. تُتخذ القرارات المتعلقة بأمن رئيس الحكومة فقط من قبل الجهات الأمنية الحكومية، وتحدد في إطار تقييمات الوضع المستمرة التي يجريها المستوى المهني. بالإضافة إلى ذلك، وعلى عكس الادّعاء الكاذب والخيالي في التقرير، نؤكد أن مكتب رئيس الوزراء لم يقدّم أي طلبات خاصة لفريق الطائرة أو سلاح الجو". وعلّق جيش الاحتلال الإسرائيلي: "يجرى تحديد أمن طائرة رئيس الوزراء وفقًا لتقييم الوضع والإجراءات المعمول بها في هذا الشأن".