مهدي عيسى الصقر هو إحدى محلات البصرة القديمة وحين يسمى الإنسان (محلّة) في مدينة متماسكة البناء – أعني كانت متماسكة البناء – فهو أكثر من مكان وأكثر من إنسان وأكثر من اسم. فمنذ (الشاهدة والزنجي) أصبح مهدي الصقر (مكانا) عريقا في البصرة العريقة وعراقة الكاتب أنه لا يكتفي بأن يكون محض وجود بل هو (خالق) أناس وشخصيات واسماء وأحداث أنا تشرفت أخيرا بأن أكون إحدى شخصيات (مقاماته البصرية) التي ودّعنا فيها.كاظم الحجاج
الروائي العراقي بامتياز مهدي عيسى الصقر، وضع للسرديات العربية ركائز مميزة، حركت من أفق القصة المحلي لتدخله في أبعاد عربية، وإنسانية مترامية، كنت أرمق في عينيه في مدينة البصرة، ومضة إبداعية وهو يرقب مسرحيتي"السياب"، وكأنه كان يقيم صلة ما خفية بين العرض وبين ذاكرته وخططه الإبداعية عن الشاعر السياب وهو الذي عرفه عن قرب، وخاض معه في حوارات يومية تتعلق بالوضع السياسي والاجتماعي والفكري في العراق الذي انتمينا إليه بكل محبة أهل البصرة ونبلهم وارتباطاتهم الإنسانية هذه الغبطة في مشاهدة السياب مسرحيا شاءت الظروف أن أجدها بطريقة خلاقة في قصة ((ذكرى طائر الليل)) عن السياب الذي قدم لمجموعته القصصية الأولى"مجرمون طيبون"كاتباً مثل الصقر، دخل بثقة كاملة في أروقة الخطاب الأكاديمي الجامعي في العراق وخارج العراق كان قد تحدى (التجربة المبكرة) للقصة في العراق مع التكرلي، وغائب طعمة، ليصبح اسما لامعا وتاريخيا في إعادة تصويره وتركيبه لأحداث الواقع. د. عقيل مهدي يوسفrnعلى الرغم من ان مهدي عيسى الصقر قد بدأ قاصا منذ ما قبل مجموعته الأولى (مجرمون طيبون) في منتصف الخمسينيات أراه روائيا من الطراز الأول بدءاً من روايته (الشاهدة والزنجي) التي صدرت عند نهايات الثمانينيات وإذ قيل أن هذه الرواية رواية (قصيرة) أجد من جهتي ان المهم في خصوصها أنها متوفرة على مجمل الاشتراطات السردية الروائية أي ان (قصرها) على المستوى (الحجمي) لا شأن له بـ (نوعها) على المستوى الفني هذا ينطبق أيضاً على روايته الأخرى (أشواق طائر الليل) التي صدرت في بداية التسعينيات سيما ان الميزة الأهم لهذه الرواية ان ثيمتها (سيرة غيرية) عن بدر شاكر السياب ومع هذا استطاع الصقر ان يحول هذه (السيرة الغيرية) الى نص سردي روائي يتوافر على مجمل التقنيات السردية التي لا بد منها لتحويل الواقعة الحياتية الى واقع فني ولعل من ابرز تقنيات السرد فيها ان الصقر عمد الى مغايرة (الروائي) في كل مقطع من مقاطعها بشير حاجمعندما أفكر في تراث القصة والرواية العراقية يتوارد لي أول ما يتوارد اسم هذا الكاتب الكبير إلى جانب عبد الملك نوري وفؤاد التكرلي وسواهما..أتذكره جيدا.. ذلك الكيّس النبيل وقد اعتدت لقاءه في غرفة حسين الحسيني وهو يومئ بإصبعه أثناء حديثه الممتع والغني فكريا وثقافيا وهو يصب تجربته العظيمة في تواضع كنت أصغي إليه وكأني أمام علم من أعلام الرواية الروسية تشيخوف ودوستوفسكي إذ يستل الفكرة من أرضنا وهمومنا ويقوم بنسجها بمهارة نوّال قديم دون ان يستعين بوسائل حديثة تغرقه وما كانت لتغرقه في فضاءات تشغله عن نسيل نوله العراقي الأصيل.. بوجع أتذكره وافتقده معلما وإنسانانضال القاضي
قالوا...
نشر في: 21 يناير, 2011: 07:28 م