بغداد/المدىتعرضت المنظومة القانونية والنظام القضائي في العراق إلى هدم واسع النطاق على يد النظام الدكتاتوري السابق. ولم تتوفق، لا الحكومات المتعاقبة بعد سقوط الدكتاتورية، ولا مجلس النواب السابق، إلى إرساء نظام إصلاح قانوني وقضائي يستند إلى فلسفة تشريعية واضحة المعالم،
تعتمد طرق وقواعد بينة ورصينة ومتوازنة لإصلاح النظام القضائي والمنظومة القانونية وإلغاء القوانين الجائرة، وسن قوانين جديدة عادلة وفق قواعد صالحة.خلال 35 عاما أنهكت ممارسات الدكتاتورية سابقا، النظام القانوني العراقي بقرارات تشريعية لا تمت إلى التشريع بصلة. فأثقلت المنظومة القانونية بقوانين ونصوص وقرارات تخرق القواعد العامة للتشريع، تلبية لحاجات النظام الدكتاتوري أو المتنفذين فيه، وتتميز بخصوصيتها ومحدوديتها وضيق أفق تطبيقها.في الحال الذي يجب أن تتميز القوانين بكونها شاملة وعامة وكونية. أي تشمل جميع الحالات التي ينطبق عليها القانون وتعم جميع الأشخاص الطبيعيين والمعنويين المعنيين بالقانون وتنطبق في كل مكان وزمان يشمله القانون ما دام نافذا.خرق هذه القواعد الأساسية، اضعف ثقة المجتمع بنظامه القضائي وفرض على القضاء تطبيق قوانين مخالفة لقواعد العدالة العامة ولأصول ومراجع التشريع الصحيح.فالقاضي أصبح في ظل ذلك النظام ملزما بتطبيق القوانين التي يسنها المشرع، مهما كانت جائرة، وفي ذات الوقت ألغى النظام الدكتاتوري، عن طريق إجراءاته التعسفية, إي إمكانية لرفض أي قاض كان تطبيق قانون ما بسبب تعارض هذا القانون ومبادئ العدالة، أو حتى الدستور الذي سن من قبل النظام ذاته.للخروج من هذه الحالة، لا يكفي اتخاذ بعض الإجراءات الجزئية، وإلغاء بعض القوانين التي تتعارض مع بعض مصالح المتنفذين حاليا دون وضعها ضمن إجراءات إصلاحية عامة، لان هذه الأخيرة وحدها تكفل مصلحة المجتمع برمته.للمساهمة في إصلاح المنظومة القانونية والنظام القضائي في العراق وفق مفاهيم فلسفية واضحة وقواعد ثابتة توجهت مؤسسة المدى بالدعوة إلى عقد مؤتمر تحت عنوان"تطوير النظام القانوني والقضائي في العراق مهمة وطنية".وعلى هامش التحضيرات للمؤتمر التقينا بمنسق اللجنة التحضيرية والناطق الرسمي د.وثاب السعدي الذي اكد ضرورة اجراء تعديلات قانونية وقضائية بسبب تعرضها الى الهدم والتخريب من قبل النظام السابق،باصدار قوانين تعسفية تستغل لمصلحة النظام الدكتاتوري.واشار السعدي الى ان الغاية من انعقاد هذا المؤتمر للمساهمة في بناء دولة مدنية وديمقراطية، تعتمد على اسس قانونية ومبادئ العدالة والانصاف وسيادة القانون واحترامه، موضحا"كان رجال القانون في السابق في عهد النظام البائد لايمكنهم معارضة مايصدر من قوانين".ونوه السعدي الى ان القانونيين وجدوا في هذه المرحلة الجديدة فرصة للمساهمة في دعم السلطة التنفيذية والتشريعية ودعم ماقام به مجلس القضاء الاعلى للارتقاء بالواقع القانوني والقضائي، وتحديد الفلسفة القانونية التي تستند الى قواعد العدالة والشمولية، من اجل تجديد المنظومة القانونية، ودعم استقلال القضاء، الذي يعتبر جانبا مهما في بناء دولة ديمقراطية.وشدد على ان المؤتمر سيتطرق الى بعض القضايا التفصيلية في بنود الدستور وقانون العقوبات والاحوال الشخصية، ومناقشة بعض القضايا الخلافية وقضايا الحريات الشخصية والعامة.كما اكد السعدي اهمية السعي في الحفاظ على استقلالية القضاء وابعاده عن الضغوطات السياسية،موضحا ان المؤتمر سيأخذ بنظر الاعتبار اهمية هذا الجانب.ولفت السعدي الى ان الغاية من وراء انعقاد هذا المؤتمر هي التعاون مع الجهاز القضائي ودعمه ومحاولة تطويره، من قبل القانونيين والأكاديميين والباحثين، الذين اثبتوا رغبتهم الكبيرة في المساهمة في اسناد منظومة القضاء من خلال اعلان مشاركتهم في المؤتمر لتطوير النظام القانوني والقضائي.كما اشار السعدي الى ان المؤتمر لن يقتصر على القانونيين والشخصيات العراقية فقط، بل دعيت شخصيات قانونية عربية ودولية، من عدة دول،منها مصر والأردن،لبنان،البحرين،السعودية، بالاضافة الى خبراء من امريكا و فرنسا في اصلاح القضاء وتعديله في فترات الازمات وادارة المراحل الانتقالية، ونقل تجارب عالمية سابقة، كما قدم المؤتمر الدعوة الى شخصيات سياسية وبرلمانية ومنظمات المجتمع المدني واتحاد الحقوقيين العرب ونقابة المحامين العراقيين ومنظمات حقوق المرأة.الجدير بالذكر ان الهدف من عقد هذا المؤتمر هو التوصل إلى إقرار المفاهيم الأساسية التي يجب أن يستند إليها المشرع في مهمة التطوير والإصلاح فللمؤتمر مهمة بنفس الفعالية وهي متابعة تنفيذ مقرراته وتوصياته, عن طريق لجنة تكلف من المؤتمر لهذا الغرض. واوضح الناطق الرسمي للمؤتمر ان القرارات والتوصيات التي ستخرج عن المؤتمر ستكون متابعة من قبل لجنة تضم مجموعة من الاكاديميين والخبراء القانونيين ومن مجلس القضاء الاعلى، لتتعاون مع مجلس النواب والاشراف القضائي لاصلاح المنظومة القانونية والقضائية. ومن جانب اخر اكد رعد محمد حسن ناجي عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر بانها اعدت تسع قاعات من اجل استيعاب المشاركين، وان المؤتمر سيفسح المجال امام الخبراء والاكاديميين لتقديم البحوث
المدى تحضر لمؤتمر تطوير النظام القانوني والقضائي بحضـور عـربي ودولي
نشر في: 21 يناير, 2011: 09:27 م