عبدالله السكوتيكان (اشنين) قد شدّ الرحال ليتزود بالعلم من احدى المدن المقدسة، ليصبح عونا لاهل القرية في مناسباتهم الدينية، وبعض امور حياتهم المتعلقة ببعض مسائل التشريع، والصلاة بهم في الاعياد، مكث (اشنين) ستة شهور في تلك المدينة واهل القرية في شوق ينتظرون قدومه، وقد عيل صبرهم، واخيرا حضر شيخ اشنين فذبح احمود المغامس الذبائح ودعى الناس الى اول محاضرة سيقدمها اشنين من مضيف الشيخ احمود المغامس،
وبالفعل تجمهر الناس فملأوا المضيف والمنطقة المجاورة له، وكان احمود المغامس قد اعد كرسيا غلّفه بالقماش ليكون منبرا للشيخ اشنين، ارتقى الرجل الكرسي وجلس بعد ان اصطحب معه ابناءه الثلاثة، ليجلسوا تحت المنبر، نظر في وجوه الناس ولم ينبس ببنت شفة، وبقي صامتا ساهما وابناء القرية ينتظرون، لكن البيان لم يطاوع اشنين، وبعد حين فتح الله عليه بكلمات محددة فقال:ياعباد الله تعرفون آنه غير عاجز عن الكلام، وقد اردت ان اكلمكم فلم يخطر ببالي شيء، فقال له ابنه الاكبر:(بويه اذا ماخطر ابالك شي، عليمن امجلب بالكرسي). لم يكن اشنين عاجزا عن الكلام كما قال وادعى، لكنه لم يتكلم بشيء وقد اثبت الواقع انه غير قادر على ان يكون خطيبا، ربما راودته الاحلام ان يكون كذلك كما راودت البعض ممن يتسنم بعض المراكز المهمة ويرتقي كراسي اعلى واكبر من كرسي اشنين، ليحصد ابناء الشعب الوهم، وفضيلة اشنين البسيط انه نزل من الكرسي، في حين يتشبث الآخرون به لتستمر مآسي الناس مع كل شيء، ومن ثم يبدأ المسؤول بتبرير فشله ليلقيه على غيره، ولايقول مثلما قال اشنين. اخيرا علمت ان خمسة في المئة من الادوية العراقية صالحة للاستعمال، وعلى لسان المفتش العام في وزارة الصحة، وان الوزارة وخلال مايقرب من خمس سنين مضت لم تستطع مقاومة مافيا الادوية كما سماها، لتصبح الداخلية عاجزة هي الاخرى عن مواجهة اسلحة المفسدين من تجار الادوية والذين هم اخطر من تجار المخدرات كما قال، بينما هم ايضا تجار مخدرات اذا مانظرنا الى كميات الحبوب المخدرة المتواجدة في بغداد وفي ساحة التحرير بالذات، لقد امتلأ سوق الدواء بانواع الحبوب المخدرة حتى صارت ظاهرة لايستحي منها من يمارسها، في حين نصب مجلس محافظة بغداد العداء لاتحاد الادباء يفتشه في كل يوم، ويستحي ان يقول انه لم يجد شيئا، الساحة موجودة وليتأكد من يريد ذلك ليرى المخدرات تباع علنا، البعض يرى مايريد رؤيته فقط، اما الحقيقة فمؤلمة بقدر الم تسلط بعضهم لقتل الثقافة والحريات المتزنة والتي لاتؤثر على احد، ليكون العراق سجنا جديدا بعد مغادرة الهامش البسيط من الحرية التي توفرت فيه على مدى السنين السبعة الماضية؛ معركة الحرية مستمرة برغم وجود من ينظّر باتجاه اظهارها بمظهر التمرد او الدعوة الى الرذيلة، ووصمها بوصمة يستطيع من خلالها القضاء عليها، والحقيقة اننا ضحايا اجتهادات شخصية وصور قاتمة عاشها اصحابها في زمن مضى، ويحاولون جاهدين ان يضعوا تصوراتهم باتجاه تشويه حياة الناس، لايهمني ان تكون عيون البعض قد ادمنت الظلمة ولذا لايستطيع رؤية النور، لقد ضاقت العيون فصارت لاترى سوى الظلمة التي عاشتها وتعيشها، وصارت اخيرا في مركز اتخاذ القرار لتفرض العقد ورواسب الماضي على الاخرين، باحساس وتصور لا يأتيه الخطأ لا من بين يديه ولا من خلفه، ونسي البعض قول الامام علي (ع):(لا تعلموا ابناءكم على اخلاقكم لانهم خلقوا لزمان غير زمانكم)، لا تستطيع ان تعطي حكمة الشيوخ الى المراهقين، لانهم ربما وصلوها اذا امتد بهم العمر، واذا كنت غير قادر على العطاء واصابك العي وبان عليك النصب، فدع المكان لغيرك وكن مثل اشنين، انزل عن الكرسي بدل ان تشوه عقول الناس.
هواء فـي شبك :(عليمن امجلب بالكرسي)

نشر في: 21 يناير, 2011: 09:28 م