علي حسين
تصاب الذاكرة الوطنية بالعطب، إذا وجدت نفسها في بيئة طائفية سيئة، ومن سوء حظ هذه البلاد التي سميت بلاد الرافدين، أنها تعيش في زمن الطوائف، بعد أن عاشت سنوات في زمن الحروب، اليوم هناك من يتنكر لهذه البلاد، ومن يصر على إهانتها، وأخيراً هناك من يصفق وهو يسمع أحد الخطباء، يسخر من النساء العراقيات العاملات لان البعض منهن سافرات !!، فما معنى أن يخرج علينا رجل دين " يتمنطق " بكلمات عنصرية يسيء فيها لشرائح من المجتمع دون ان يحاسبه احد؟ ، لماذا ترفع هيئة الاعلام والاتصالات سيفها بوجه البعض ، وتضع رأسها في الرمل عندما يظهر نموذج يقول بالحرف الواحد :" المرأة السافرة لا يقبل الله منها اي عمل " ؟ ، الشيخ المعجب بالمطرب رعد الناصري وبفضله على السيد رحيم ابو رغيف ، يصاب بالدروشة كلما جاء ذكر المرأة السافرة ، فهو يفضل الموت على ان تعالجه طبيبة ، ولم يتركنا السيد نضرب اسداسا بأخماس عندما يحذرنا من مواقع التواصل الاجتماعي ، في الوقت نفسه نجد الشيخ نفسه يحلل مواقع التواصل الاجتماعي لنفسه ،فتجده في الفيسبوك وموقع اكس لصاحبه ماسك ، ولا ينسى ان ينشر صورة في الانستغرام.
في صباي عثرت على كتاب مثير للمصري أنيس منصور بعنوان "الذين هبطوا من السماء"، يتحدث فيه عن كائنات فضائية اختلف العلماء حول وجودها وحقيقتها، لكن البعض نسب إليها بعض الظواهر الغريبة، ورغم أنه لا دليل علمي أثبت وجود هذه الكائنات إلا أنها ظلت تعيش في أذهان الكُتاب، ويتلاقفها القراء بشوق فتحقق أعلى المبيعات، وعندما قرأت كتاب أنيس منصور تخيلت أن هذه الكائنات تحيط بي من كل جانب، حتى بعد اكتشافي أن مثل هذه الكتابات تعتمد على خيال الكاتب، ولهذا بصمت بالعشرة هذه الايام على ما كتبه انيس منصور عن الذين هبطوا علينا بمركبات فضائية وانا اشاهد الشيخ اللطيف يظهر علينا من على شاشة التلفزيون، ، وهو يسخر من المرأة العراقية .
أخطر ما جرى للعراق هو هذا العبث بمفهوم الحرية ، فرأينا تعريفاتٍ مختلة وفاسدة للديمقراطية، فيمكن أن تتظاهر من أجل مقاعد البرلمان، ولكن لا يحق لمواطن أن يتظاهر في سبيل إصلاح أحوال العراق.. لم يكن كل ما جرى ويجري مصادفة، أو وليد أخطاء آنية، وإنما كل ما جرى في ظل حكومات المحاصصة، كان مدروساً ومنهجياً ومقصوداً.
سيتهمني البعض بالعمالة ، وبأنني أنفذ أجندة أجنبية هدفها تشويه سمعة صاحب العبارة الشهيرة اشلع سني ببلايس ولا اخلي طبيبة سافرة تقترب مني " والوقوف ضد مشروعه في بناء مصنع عراقي للكوميديا التلفزيونية .