المدى/ محمد العبيدي
يستعد رئيس البرلمان العراقي الجديد، محمود المشهداني، لمواجهة سلسلة من التحديات والملفات الحساسة التي تتطلب توازناً دقيقاً وإدارة حكيمة. من القوانين المعطلة إلى التعديل الوزاري المرتقب، يجد المشهداني نفسه أمام امتحان حقيقي في ظل تعقيدات المشهد السياسي العراقي.
ويشتد الخلاف داخل مجلس النواب العراقي حول مجموعة من القوانين التي أثارت جدلاً واسعاً، من أبرزها تعديل قانون الأحوال الشخصية، الذي واجه رفضاً مجتمعياً كبيراً وأثار قلق المنظمات الدولية بسبب بعض البنود المتعلقة بحقوق المرأة.
قوانين معطلة
يرى رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، غازي فيصل، أن «القوانين المعطلة ومشاريع القوانين التي ما زالت في أدراج مجلس النواب ستشكل عبئاً على ما تبقى من الدورة الحالية بقيادة المشهداني. ومن المؤكد أن بعض هذه القوانين سيؤجل إلى الدورة المقبلة بسبب النهج الانتقائي الذي تتبعه الأحزاب أو الكتل في مجلس النواب في تشريع القوانين».
وأكد فيصل خلال حديثه لـ(المدى) أن «هناك نحو 50 قانوناً أشارت إليها المواد الدستورية، وهي قوانين بالغة الأهمية ومرتبطة بتطبيق الدستور، فعندما لا تُشرع تبقى المواد الدستورية المرتبطة بها جامدة وغير مفعّلة».
من جانبه، أكد النائب عن تحالف العزم، رعد الدهلكي، أن «المشهداني، بصفته شخصية محايدة وقريبة من الجميع، سيكون قادراً على حسم العديد من القوانين الخلافية، وعلى رأسها قانون العفو العام». وأشار في تصريحات صحفية إلى أن «الفراغ الطويل في منصب رئاسة البرلمان زاد من الضغوط على القوى السياسية لإكمال الاستحقاقات الدستورية».
وما زالت عشرات القوانين مركونة في أروقة مجلس النواب، بانتظار إقرارها منذ أشهر، وبعضها مجمّد منذ سنوات بسبب الخلافات بين الكتل السياسية حولها أو الاقتراحات لتعديلها.
التعديل الوزاري
من المرتقب أن يُجري رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، تعديلاً وزارياً في حكومته، وهو مسار يحمل الكثير من التعقيدات السياسية نظراً لارتباطه بالأحزاب والقوى التي تسعى إلى إبقاء ممثليها في مناصبهم، لا سيما مع اقتراب الموسم الانتخابي.
وربط السوداني إجراء التعديل الوزاري على حكومته باختيار رئيس للبرلمان، وهو ما أنجزه المجلس باختيار المشهداني، الذي سيكون في قلب عاصفة سياسية تتطلب منه التوازن في إدارة الأمور.
وتعود جذور التعديل الوزاري في حكومة السوداني إلى فترات التقييم التي أعلن عنها بعد نيله ثقة مجلس النواب، ثم جاء إعلانه عن إخضاع الوزراء والوكلاء والدرجات الخاصة إلى تقييم إداري.
يرى الكاتب والمحلل السياسي عمر الناصر أن «تحديات متعددة ستواجه المشهداني، أبرزها توحيد الصف السني وتوحيد خطابه، فضلاً عن التعاطي مع ملف التعديلات الوزارية التي يعتزم السوداني طرحها، وهو مسار معقد يتطلب توافقاً بين القوى والأحزاب».
وأوضح الناصر لـ(المدى) أن «المشهداني سيكون أمام مجموعة من التحديات، من أبرزها القوانين المعطلة، وعلاقة بغداد وأربيل، والتوترات الإقليمية. وفي حال تمكن من التعامل مع هذه الملفات بشكل إيجابي، فإنه قد يساهم في إعادة الثقة بين المواطن والطبقة السياسية».
التوازن السياسي
كما سيتعين على المشهداني، وفقاً لمختصين، تحقيق التوازن بين القوى السياسية المختلفة التي تتنوع أجنداتها وأهدافها، للحفاظ على استقرار العراق السياسي والاجتماعي. ومع تنوع الأطياف السياسية في البرلمان وتزايد المطالب الشعبية بضرورة إصلاح النظام وتحقيق العدالة الاجتماعية، يبقى تحقيق الإجماع البرلماني من أولويات مهامه.
وينبغي على المشهداني تعزيز مبدأ الشراكة الوطنية واحتواء الجميع ضمن إطار مؤسساتي يسهم في تهدئة الاحتقان الاجتماعي والسياسي. ويعي المشهداني، وهو السياسي المخضرم، أن الانفراد بالقرار قد يؤدي إلى نتائج عكسية، خاصة في ظل حالة التوتر السائدة. وبالتالي، فإن النجاح يتطلب قدرته على التواصل والانفتاح لضمان استقرار البرلمان وتمثيله الفعّال لجميع المواطنين وخدمتهم بشكل كامل.