محمود النمر لأننا لا نقبل بغير التجدد وبث الحداثة بكل تجلياتها عبر منظومة خميسنا،ولأننا ننتمي لطهر الماء والطين ونقدس الشعر حين يكون بلون العراق وطعم الفراتين،كان ديدننا ان نرسم لكم لوحات الألق من خلال تمشيط الذاكرة واستدعاء الابداع العراقي من كل الامكنة ،فنحن نرصد حركة كل نجوم الثقافة والمعرفة من اقصى العراق الى ادناه.
اليوم نضيف شاعراً أرضعته البصرة دفء المشاعر،ومنحه القصب فرصة ان يبقى شامخا كنخيل مدينته المعطاء،وهو المعتق بالجنون وقت يزفر وجعه شعرا ،ليلهب اكفنا في كل مقطع ،انه ابن الجنوب العراقي الشاعر كاظم الحجاج .عندما اريد ان أتحدث عن صفة الشاعر المحتفى به وعن البدايات انا أتشرف بأنني ابن البصرة ،هكذا بدأ الشاعر كاظم الحجاج حديثه المبثوث بالحنين البصري وقال :مجرد ان يكون الإنسان ابنا للبصرة هذه المدينة الحاضنة العظيمة للادب والفن واللغة والحضارة ،لأفضل لأحد منا على هذه المدينة بل الفضل لها جميعا ،وحتى نعرف ماهي هذه البيئة وربما هي المدينة الوحيدة في العالم التي يكون ريفها مركزا ومركزها ريفا ،فالسياب شاعر ريفي وشاعر مدينة وكذلك البريكان شاعر ريفي وبدوي وكذلك شاعر مدينة ،والمبدع محمد خضير الذي مازال ريفيا .واسترسل الحجاج بالذكريات عن مدينته التي تجاوزت المحن والحروب المتوالية ،بعدها قرأ قصائد النثر ثم التفعيلة التي افحمت الحضور المثقف ،وتداخلات فيها الحكمة والسرد والقناع ،تاركا بصمته على الخارطة الشعرية العراقية مقتفيا رائحة مدينة الاصمعي والجاحظ والخليل بن احمد الفراهيدي ومحمود عبد الوهاب .واضاف الشاعر ريسان الخزعلي في مداخلته ان الشاعر كاظم الحجاج هو شاعر الأعماق الواضحة وما أصعب الوضوح حينما يكون العمق على مرمى البصر وهنا تكمن السهولة والصعوبة على حد سواء ،وقد فعل الحجاج مثل هذا في شعره كثيرا واراه يتقاطع مع قول صلاح عبدالصبور - أصبحنا كقاع البئر لا يملك ان يتأمل صفحة وجهه- ،الحجاج كتب القصيدة القصيرة ،القصيدة المركبة والقصيدة الحوار وقصيدة النثر والتنازع بين الغنائية والدرامية ،الاحتيال على التراث ببراعة وتطويعه مع صدمة الواقع كتب الشعر بوعي الشعر وفكرة الشعر العصية التي لا يستلها الا الذين ليسوا كسواهم ، لا اريد ان اثقل القول غير اني سأكرر عبارتي ان الشاعر سرقاته النجوم فقط ومن بياضه فقدان كل ما سرق. ثم قرأ الشاعر محمد درويش قصيدة مهداة الى الحجاج، بعدها تحدث الأمين العام الفريد سمعان قائلاً : ان البصرة مدينة حضارة وهي ميناء تلتقي به السفن وتستقبل الكثير من الاجناس ،نحن امام شاعر كبير يكتب ببساطة وبسهولة ومن يقرأ كلماته فهي مفهومة وواضحة ولكن تختفي افكار عميقة جدا وآمال عميقة وهو أيضاً من الناس المناضلين والمكافحين.
حوليات الحجاج فـي الخميس الابداعي.. الشاعر الذي سرق النجوم
نشر في: 22 يناير, 2011: 05:29 م