TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: معجزات المعارضة

العمود الثامن: معجزات المعارضة

نشر في: 5 نوفمبر, 2024: 12:38 ص

 علي حسين

على طريقة المثل الشهير "عين بالنار وعين بالجنة"، تتحرك الكتل السياسية، منها من أضنى السهر عيونها المصوّبة على الكراسي ، فقررت أن تيمّم وجهها شطر المعارضة، طارحة نفسها باعتبارها معارضة "للقشر"، تريد أن تحتفظ لنفسها بمسافة بينها وبين الحكومة ومناصبها، وتقف على المسافة نفسها من الجميع، حتى خرجت علينا مواقع التواصل الاجتماعي تمدّ لسانها ساخرة وتنشر على صفحاتها وثائق تكشف زيف شعارات المعارضة وخطابات "نموت نموت وتحيا الوطنية " ، فعلى موقع الفيسبوك وتويتر قرأنا أسماء مرشحين لمنصب مديرعام ، وكيف توزعت على الكتل السياسية قاطبة بلا تمييز .
صحيح أننا نعيش عصر السخرية النيابية التي طالت كثيراً، إلا أن سخرية عن أخرى تفرق، فهناك من يسخر معنا وهناك من يسخر منّا، وهناك من يريد أن يجمع السخرية بالتسلية، وإلى هذا النوع ينتمي معظم التصريحات التي تخرج من افواه سياسيين يوهمون الناس باعلان بيانات عن " المعارضة ".
هكذا وبكل بساطة يخترع لنا البعض كل يوم حكاية جديدة كى يلهي بها الناس عن الخراب الذي يحيط بهم، إنها قمة السخرية. غير أن المحيِّر أكثر هو هذا التناقض الواضح بين أن تعلن معارضتك للحكومة، وفي الوقت نفسه تستولي، وبالمحاصصة، على مناصب في كل مؤسسات الدولة. بين الدفاع عن حقوق المواطنين، وبين القتال العنيف من أجل حصتك في الكعكة الحكومية، ناهيك عن تناقضات أخرى مضحكة بين سيل الكلمات الحماسية عن حق المواطن ، والخدمات ، والديمقراطية ، وبين ما نشرته مواقع التواصل الاجتماعي عن معركة الحصول على كرسي مدير عام .
ولأنني أجهل فلسفة المعارضة التي يقوم عليها مشروع الكتل السياسية في بلاد الرافدين ، فقد حاولت أن أعود الى فكرة البطل المنقذ التي حاول المرحوم آرنولد توينبي أن يشرحها لنا، والتي تتلخص في أن البعض يتوهم أنه أعظم من كونهِ إنساناً عادياً، ففي وسعه إنجاز ما يظنه غيره "معجزات " .
اتفقت جميع القوى المعارضة في العالم على أن تعارض داخل البرلمان، او في ساحات الاحتجاج ، فأحزاب المعارضة في الدول الديمقراطية لا تشارك في الحكومة ولا تبحث عن استحقاقها في مناصب الدولة ، وليس لها أحباب تريد أن تجعل منهم مدراء عامّين وسفراء ، واختلفت المعارضة في العراق في أنها تريد أن تغيّر الصورة، وتقدم نموذجاً سياسياً، في النهار يطالب بإسقاط الحكومة، وبالليل يتسامر معها لإحصاء المنافع والامتيازات. غير أن المحيِّر أكثر هو هذا التناقض الواضح لدى الكتل السياسية بين الإحساس بالخجل من الحكومة سيئة السمعة ، وبين قتالهم العنيف من أجل الحصول على كراسي داخل قبة هذه الحكومة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

بين ماركس ودونو: الشعبوية كقناع زائف للديمقراطية

العمودالثامن: سؤال الكرخي

قناطر: ليل البصرة الطويل

العمودالثامن: سيطرات ديمقراطية

العمودالثامن: "بعبع" المساءلة والعدالة

العمود الثامن: معجزات المعارضة

 علي حسين على طريقة المثل الشهير "عين بالنار وعين بالجنة"، تتحرك الكتل السياسية، منها من أضنى السهر عيونها المصوّبة على الكراسي ، فقررت أن تيمّم وجهها شطر المعارضة، طارحة نفسها باعتبارها معارضة "للقشر"،...
علي حسين

الموصل: تحدي إعادة بناء المدينة بعد داعش

جولييت دوكلوس فالوا* ترجمة: عدوية الهلالي في الفترة من تشرين الأول 2016 إلى تموز 2017، كانت الموصل، ثاني أكبر مدن العراق، مسرحا لأهم صراع حضري منذ الحرب العالمية الثانية، ثم قام الجيش بطرد تنظيم...
جولييت دوكلوس فالو

حقيقة جُبن أصدقاء "فيسبوك"!!

عبد الكريم البليخ في عصرنا الحالي، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وخاصة منصة "فيسبوك"، التي تجمع ملايين الأشخاص من مختلف أنحاء العالم. ومن خلال هذه المنصات، نشأت نوعية جديدة...
عبد الكريم البليخ

الخيط الأميركي

غسان شربل هذه "أم المعارك". أكثرُ أهمية من نهائي مونديال كرة القدم، ومِن التَّربُّعِ على عرش الملاكمة، ومن جولاتِ تايلور سويفت. بضعُ ولايات متأرجحة ستمسُّ مصيرَ هذا العالم المتأرجح في السنوات الأربع المقبلة. تمسُّ...
غسان شربل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram