محمد صادق جرادنعيش هذه الفترة ذكرى أربعينية الإمام الحسين عليه السلام ويقف العالم بذهول أمام الملايين الزاحفة صوب قبلة الحرية وهم يتحدون الموت ويطلقون الشعارات التي تخلد الذكرى على مدى العصور.حيث تصور الطغاة من أعداء الحسين عليه السلام إنهم بقتله وبغروب شمس الطف قد أطفأوا نور الحق وإنهم قد ابعدوا الخطر
عن عروشهم ولم يدركوا ان الحسين عليه السلام قد خطط لانطلاق الصفحة الثانية من الثورة في اللحظة التي بدأت فيها مسيرة السبايا نحو الكوفة والشام، حيث كانت هذه الصفحة بقيادة السيدة زينب عليها السلام والتي اسند الإمام الحسين لها مهمة إيصال صدى الثورة الى الناس لإفشال سياسة التعتيم الإعلامي التي اتخذها النظام الأموي ضد الثورة الحسينية الخالدة. ولقد سعت السلطة الأموية الى نشر الشائعات الكاذبة بغية تغيير الحقائق قبل المعركة وقبل وصول موكب السبايا الى الشام في الأول من صفر سنة 61 هجرية فأمروا بتزيين مدينة دمشق لإيهام الناس بان السلطة قد حققت نصرا على الخارجين على السلطان وتعبئة الرأي العام خوفا من ان ينقلب الناس ضد هذه السلطة الحاكمة.ولقد قامت زينب عليها السلام بدورها العظيم في فضح الممارسات الأموية في قمع الثورة وكشفت للملأ انحراف الطغمة الحاكمة والمتمثلة بالطاغية يزيد عبر خطبتها الخالدة التي غيرت الكثير من القناعات لدى أهل الكوفة وأهل الشام عبر مناظرتها للطاغيتين عبيد الله بن زياد ويزيد بن معاوية.إن زينب عليها السلام هي بنت المنبر المحمدي وسليلة المدرسة العلوية التي توجت استشهاد الحسين عليه السلام من خلال إيصال رسالته الإصلاحية الى الناس عبر خطبها الخالدة التي مازال صداها يهز عروش الظالمين.ولقد تصور الطاغية يزيد بان الأمر حسم له، فبادر بإنشاد الشعر أمام السبايا من أهل البيت حيث قال أثناء دخول الرؤوس الى ديوانه هذه الأبيات التي تعكس ان السلطة الأموية لم تؤمن بالرسالة ولا الوحي يوما إنما هو حب الكرسي والنفوذ.ليت أشياخي ببدر شهدواوقعة الخزرج من وقع الاسللاهلوا واستهلوا فرحاثم قالوا يا يزيد لا تشلقد قتلنا القرن من ساداتهموعدلنا ميل بدر فاعتدللعبت هاشم بالملك فلاخبر جاء ولا وحي نزللست من خندف ان لم انتقممن بني أحمد ما كان فعلفقالت له زينب عليها السلام: أمن العدل يا ابن الطلقاء، تخديرك حرائرك وإماءك، وسوقك بنات رسول الله سبايا، قد هتكت ستورهن، وأبديت وجوههن، تحدو بهن الأعداء من بلد إلى بلد، ويستشرفهن أهل المناهل والمعاقل، ويتصفح وجوههن القريب والبعيد، والدني والشريف، ليس معهن من حماتهن حمي ولا من رجالهن ولي، وكيف يرتجى مراقبة من لفظ فو؟ أكباد الازكياء، ونبت لحمه من دماء الشهداء، وكيف يستبطئ في بغضنا أهل البيت؟الى ان قالت له قولها المشهور (فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فو الله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا يرحض عنك عارها، وهل رأيك الا فند وأيامك إلا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين).ونجد اليوم ان القسم الذي أقسمته زينب عليها السلام عندما قالت والله لن تمحو ذكرنا قد تجسد حينما يسير عشاق الحرية في العراق والعالم صوب قبلة الأحرار ورمز العشق الإلهي لينهلوا من نبعه قبسات الحرية التي أطلقها الحسين عليه السلام ليخط منهجية ثابتة لنا ولمن قبلنا وبعدنا وهي الثورة على الظالم وفتح باب لن تغلق إلى يوم القيامة.
أربعينية الحسين (ع) تحدّ وخلود
نشر في: 22 يناير, 2011: 06:20 م