إحسان شمران الياسريمن يُصّدق إننا نفتقد روح التسامح في كل مكان وزمان، وان أي ظرف طارئ، يجعلنا نُضّيع توازننا ونضيعُ في التفاصيل على حساب حقيقة إننا موجودون ومتشاركون في الأرض والهواء والوسائل والأمكنة..أعجب من نفاد صبرنا عندما يتوجب أن يتدفق علينا الصبر من كل مكان، وعندما نفتقد اللياقة يكون الموقف هو مُنتج إلى اللياقة،
وننسى الله تعالى ونحن في محنة اللجوء إليه.. وأمور كثيرة تغادرنا في اللحظات التي نكون بحاجة إليها أو نعيشها أو نحاول إنتاجها.وليس المقدرة على أن تكون هي التي تمنحنا القدرة، بل هي التي تمنعنا من أن نتجاوب مع كل مقومات الاستجابة.. وأكثر الأشياء إيلاماً، هي تلك التي تجعلنا نعتقد بالنصر، ونحتفل به ونحن في أدنى مستويات الهزيمة، وفي أعمق درك يمكن أن يقف فيه المهزوم. فأنت تُسّجل انتصارك على مواطن ليس له ذنب إلا أن الظروف جعلت حاجته عندك، فإما معاملة كنت طرفا في انجازها، أو وثيقة مطلوب توقيعك عليها، او درجة علمية تمنحها له، او بنت انت ولي أمرها ويجب ان توافق على خطبتها، او مبلغ مدين به يتوجب إعادته الى الدائن.. ولأنك كنت اقل ميلا للتسامح، كانت الفاتورة التي يدفعها المجتمع كبيرة، مع ان المجتمع (من الناحية النظرية) لا يستطيع ان يحتمل منك إلا بحدود معينة.. فإذا زدت على تلك الحدود، يفترض ان يستجير منك المجتمع.. وربما يلعنك فأنت في النهاية مجرد جزء من لوحة كبيرة اسمها المجتمع، وبالتالي لا يتسع قلب المجتمع للمزيد من التخريب في تلك اللوحة.. التخريب الذي ربما يكون أوسع من موضعك فيها.. اما زبدة قاسم الرشم فليس لها أي علاقة بهذه القصة، ولكن يقال ان احدهم وهو (شيخ عشيرة) وقعت بين عشيرته وعشيرة أخرى مشكلة، وتوجّب على العشيرة الأخرى ان تأخذ مهلة (عطوه) لحل مشكلتها مع عشيرته، كما تقضي الأعراف العشائرية، ولكن صاحبنا لم يكن متسامحا ولا واسع الصدر، وهو كما وصفنا أمثاله قبل قليل، فوافق على (العطوه) للمدة التي يستغرقها ذوبان قالب من (الزبد)، وقيل (عمود) من الزبد تقدمه العشيرة المعتدية.. وإذ كانت المشكلة قد وقعت في حزيران، فتصوروا كم هي فترة (العطوه).ولما كان من روى القصة لي هو صديقي (قاسم الرشم )، فقد أسميت هذه المساهمة باسمه اعتزازاً بإدانته ورفضه لغياب روح التسامح التي كانت عند الشيخ إياه، ولمناداته كل يوم بان تتسع الصدور لتستوعب كل الناس، وكل الخصوم، وكل الآراء، وكل القصائد والأغاني، وأن لا ترى نفسك وحدك، فيما لا ضرورة لنا، ولا مكان لأرواحنا، حيث تستمتع روحك بكل الأشياء، بما فيها التفاهات التي تعتقد إنها أمجادك ورؤاك، وقمصانك التي تُعلقها بين شرفتك وعيوننا، مستأثراً بما تبقى على روحك من سواد البداوة وعنت الصحراء.. فيما تُلقي جانباً بعض القيم المجيدة التي أنتجتها البداوة كي لا تدّنسك عدوى التحضّر والتسامح!!rnihsanshamran@yahoo.com
على هامش الصراحة : زبدة قاسم الرشم

نشر في: 22 يناير, 2011: 06:21 م