TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > السيستاني لم يتخل عن الشأن السياسي العام

السيستاني لم يتخل عن الشأن السياسي العام

في ضوء بيان مكتب السيستاني عن زيارة ممثل الأمم المتحدة للمرجعية النجفية

نشر في: 6 نوفمبر, 2024: 12:03 ص

غالب حسن الشابندر

(1)
البيان الصادر عن مكتب المرجع السيد السيستاني على إجماله يحمل الكثير من المعاني بما يتصل بوضع العراق دولةً وشعبا، حاضراً ومستقبلا.
النقطة الجوهرية التي أريد أن الفت النظر إليها هنا، إن مضمون البيان يؤكد أن المرجعية النجفية متمثلة بشكل رئيس بالسيد علي السيستاني لم تعتزل الشأن السياسي كما شاع على الالسن في الآيام الاخيرة، بل المضمون يكشف عن مراقبة دقيقة لما يجري في العراق، بل ما يجري في العالم، وعلى تماس باخطر قضاياه، خاصة قضية فلسطين، وعليه، يجب أن نفرِّق بين سياسة الرفض السيستاني لما يجري في العراق على يد قيادات العملية السياسية برسم فشلها الذريع في بناء دولة مدنية ملتزمة بالقيم الاسلامية من جهة وبين الاهتمام السياسي بما يجري ليس في العراق وحسب بل في العالم من جهة أخرى، ولعل من معالم هذه الحقيقة بيانات المرجعية المتكررة حول ما يحصل في غزّة ولبنان من عدوان اسرائيلي مستمر، عدوان وحشي غادر، حيث كان في الاثناء الاشارة الصريحة إلى أن "إسرائيل" ليس إلّا مخلوق غريب مشوّه في هذه المنطقة، وعلى أبناء فلسطين العمل بكل ما رزقهم الله من قوة على إخراجها واستعادة حقهم السليب.
وهل ننسى البرقية الرائعة التي ارسلها سماحة السيد إلى الامم المتحدة بشأن حادثة حرق القرآن وكيف وجدت صداها الواسع في داخل أروقة المنظمة العالمية؟
ومهما يكن، فإن السيستاني مرجع المسلمين الشيعة في العالم، ومن أبسط مهام المرجعية فضلاً عن إداء دورها الشرعي المتجسِّد بتزويد المكلَّف بواجبه الديني، والإضطلاع العام بالتوجيه والترشيد والتثقيف الديني والانساني… فضلاً عن كل ما سبق بل لعله في المقدمة منه رعاية حقوق المسلمين السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تبنيها والدفاع عنها بكل الوسائل والسبل الممكنة، وإلّا هل يتخلى الاب عن أسرته؟
السيستاني لم يتخل عن الشأن السياسي بلحاظ المقتربات السابقة، واعتزاله أو عزوفه عن استقبال الطبقة الحاكمة في العراق يمثل موقفا سياسيا بحد ذاته، أي سلوك سياسي دقيق، وربما يمثل أحدى صور الاحتجاج على سياسة هؤلاء، وإلّا هل ننسى أن السيد ذاته هو الذي وجه شيعة البحرين بالتزام العمل السياسي السلمي، وحبّذ لهم خوض اللعبة الديموقراطية؟ وهل ننسى أن السيد ذاته انتقد بشدّة استهتاربعض المحسوبين على الدولة بالاعتداء على ممتلكات الناس ــ حادثة السطوعلى أملاك الناس في الجادرية ــ، وهل ننسى بيانه الشهير حول تراخي الدولة في محاربة المخدرات وإشارته الذكية إلى ان الخلل يعود إلى ضعف وترهل القطاع الامني والمخابراتي من جهة وغياب العقاب الصارم والشديد بحق محترفي هذه الجريمة النكراء؟
إن الخلط واضح لدى بعض المراقبين والمتابعين وربما مقصود لغايات حزبية وشخصية وأسرية، فليس هناك أي علاقة ضرورية بين غلق المرجعية بابها بوجه (فرسان!) العملية السياسية العراقية وبين الشان السياسي العام، فكلا الطرفين قضية بحد ذاتها، وهو الامر الذي فهمه خطا كثير من الناس، وحاول الترويج له بعض السياسيين.
ليطمئن العراقيون، إن المرجعية الدينية في النجف لن تتخلى عن حقهم بحكومة عادلة، تأتي باختيارهم وتتبدل باختيارهم، دستورها باراداتهم، لهم حق متابعتها ومراقبتها ومحاسبتها، وعليهم دعمها وترسيخها فيما تصلح وتؤدي من خير وسلام وعدل..
وقبل كل هذا وبعده…
السيستاني لم يتخلّ عن الشان السياسي، لا الوطني منه، ولا العالمي منه…

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram