علي حسين
في كل يوم وأنا أتوجه لكتابة العمود الثامن أتذكر حكاية عميد الأدب العربي طه حسين، حين قرر أن يُترجِم إلى العربية كتاب صديقه أندريه جيــد "الباب الضيّق" فبعث برسالة يستأذنه فيها فما كان من أديب فرنسا إلا أن يكتب هذه الكلمات التي لخَّص فيها حالنا نحن الكُتـّاب "أخشى أنّ الأبواب والنوافذ لا فائدة منها في بلدانكم.. مسائل الحرية والمستقبل لا تعني أحدًا، فلماذا تعـذِّب نفسَك في حفر الجدار بمِعولٍ من الكلمات؟".
تذكرت هذه العبارة، وأنا أستمع لمحاضرة لحوار تلفزيوني مع رجل دين يهاجم مواقع التواصل الاجتماعي ويؤكد أن ان هذه المواقع هدفهما الأساس تشجيع العراقيين على الإباحية ، والغريب أن الشيخ الفاضل يبث خطابه عن طريق صفحته في الفيسبوك وانستغرام ، ولم ينسى موقع السيد ماسك فتجده بين الحين والاخر ينشر صوره يبتسم . ، فيما تحاصرنا وجوه المحللين السياسيين من كل مكان يخرجون إلينا بخطاب متازم ، وبأرواح فارغة من ذرّة حب واحدة لهذا الوطن. لعل المؤامرة الكبرى التي تقف ورائها مواقع التواصل الاجتماعي ، هي المعركة العراقية التي دارت خلال الأيام الماضية بين جماعة السيدة كمالا هاريس ، وجماعة ترامب ، فالبعض يتوهم أن السيدة كاملا لو كانت قد فازت فانها ستنتصر لمحور الهلال الشيعي ، وستقف مع قضايا شعوب المنطقة ، فيما آخرون يقسمون بأغلظ الأيمان أنّ ترامب سني ابا عن جد ، وأن أول عمل سيقوم به هو تشديد العقوبات على إيران!!
المعركة الفيسبوكية الأخيرة تثبت أننا قوم نتربع على قمة الدول الفاشلة بامتياز، سيقول البعض متى تتوقف عن التهريج يا رجل؟ وحتمًا هناك من سيسخر ويقول "هكذا أنتم معشر " المتثاقفين " لا يعجبكم العجب ، وثالث سيعلق: هل نحن في وضع يسمح لنا بمثل هذه"السفاسف " - مع الاعتذار للكابتن حكيم شاكر صاحب براءة اختراع " حبّ السفايف " .
وقبل أن أجيب على هذه الأسئلة "اللطيفة" دعوني أسأل: ماذا كنا سنربح لو فازت السيدة كاملا هاريس ، وماهي خسائرنا في فوز ترامب ؟ أنا من جانبي أشك، رغم كل محاولات النائب السابق و"المؤرخ الحالي" طه اللهيبي، الذي أخبرنا من قبل أنّ أوباما شيعي، وهو الأمر الذي أثار اهتمام الباحثين في العالم، فقرروا أن ينصّبوا اللهيبي رئيسًا لجمعية الأنساب في العالم!! .
أيها السادة، أصحاب نظرية كاميلا من جماعتنا ، والفرحين بترامب ، لا تقلقوا، فمن حيث المضمون لن يفعل ترامب شيئًا خارج إرادة المؤسسة الأميركية، كل ما في الأمر أن الجميع سيختار أن ينأى بنفسه عن بلاد تطلب ود الامريكان في النهار، وتشتمها في الفضائيات آخر الليل .!