TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كلام ابيض :أبو يوسف

كلام ابيض :أبو يوسف

نشر في: 22 يناير, 2011: 07:25 م

 جلال حسنإذا كانت مفارقات الحياة كثيرة ، فان الاستثناء هو فراق الأحبة وابتعادهم قسراً  على أمل بعيد ، هكذا عصرتني العبرات بغياب صديقي ( أبويوسف ) ، ليس لأنه مسيحي ولد بالفطرة كما جاء الجميع إلى هذه الدنيا حسب دين آبائهم, أنما كان الرجل مثالاً للأخلاق والطيبة والتسامح والعذوبة العراقية .
وهكذا كلما أمر على حانوتك في حي " البتاوين" أبكيك وابكي على أحاديثنا المشتركة ، كنت أنظر كيف تزن الحلويات بميزان عادل ، وكنت أرى تعاملك مع الزبائن بأعذب  لغة متسامحة ،   كنت تبيع السكائر وتنصحني أن لا أدخن ،كنت تقول أننا دخلنا زمنا جديدا علينا استثماره وبلوغ العواصم المتقدمة  ،تقول هذه البلاد، وأدري انك تحب العراق وأهله، بحاجة الى مؤسسات  تعيد ترتيب المدن على نسب استحقاقها ، كنا نتحدث عن أشعيا وعن السيد المسيح وأمه العذراء وكأنهم عراقيين يعيشون بيننا في منزل في البتاوين ، كنت تقول ان السيد المسيح لا يختلف عن النبي محمد، انهم أنبياء الله على الارض وتضيف اليهم الانبياء موسى ويحيى  المعمدان وكل الصالحين .أمس رأيت حانوتك مغلقاً ، دمعة صارخة طفرت من عيوني ، قلت عله يرجع  ، لكن  صديقي "فادي " قال : انه في بلد أخر وانه مستوحش فيه ، ويبكي على العراق ، وطفلته الصغيرة تبكي على صديقاتها في المدرسة وابنه الكبير يبكي اصدقاء الحي ،وزوجته خائفة من مجهول أيامها في الغربة . "فادي" قال لي : ان ابو يوسف في ستينيات العمر وتربى في هذه البلاد منذ نعومة أظفاره  ولا بد أن يرجع ، حينها شعرت بالراحة وسألته : متى يا فادي ؟ قال : انتظر .أدري أن الانتظار قاس وان دواليب الأيام أقسى لكن "فادي"  زرع بداخلي أمل اللقاء ، وعلى هذا رسمت صورة (ابو يوسف ) عائداً مع عائلته وأنا أول المستقبلين له في حدود البلاد . قلت : هي أمنية إطارها العشرة الطويلة والزاد والملح ، وتلك المشتركات التي جمعتنا وصهرتنا في بوتقة واحدة اسمها العراق الكبير  ، أليست بلادنا حاضنة للحب والتسامح ،وهؤلاء الناس هم السكان الأصليون وأنهم الموحدون الأوائل ، إذن لا شيء يعكر صفو توحدنا وتآخينا ، لاننا متفقون أصلا على التعايش والإيثار بالمحبة ،. صديقي" فادي " في آخر لقاء معه قال: إن هذه البلاد تتسع لأحزاننا وأفراحنا،  لكنه أجهش بالبكاء !rnjalalhasaan@yahoo.com

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram