TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > هواء فـي شبك: (مال حرك)

هواء فـي شبك: (مال حرك)

نشر في: 22 يناير, 2011: 07:30 م

 عبدالله السكوتيلم تكن شخصية دراكولا مصاص الدماء، من نسج الخيال وانما كان اميرا رومانيا، يتمتع بالقساوة والطغيان، حتى وصل من طغيانه انه حين خسر معركته مع الدولة العثمانية في القرن الرابع عشر، وعندما وصل السلطان العثماني وجد ان الطريق قد ملىء بالاسرى الاتراك الموضوعين على الرماح، حيث كان دراكولا ينصبهم على الرمح فيدخل السنان من اسفل الاسير الى ان يظهر من رقبته بعد اختراقها، ولم تكن طريقة القتل هذه الوحيدة لديه، لكنها طريقته القريبة الى قلبه، فقد يقطع الانوف ويدفن ضحاياه احياء،
 اما الفقراء فكان يقرنهم باللصوص، ويقول انهم لايفترقون عنهم في شيء، و جمع فقراء مدينته واقام لهم وليمة لم يصدقوها، مستغربين هذا التصرف من الامير دراكولا وفي قلعته الكبيرة، فاكلوا وشربوا كل مايشتهون، وبعد انتهائهم من الاكل سألهم دراكولا ان كانوا يريدون التخلص من فقرهم نهائيا، فاجابوه نعم فقام باحراقهم جميعا.لم يكن الرعب الذي ولده دراكولا في نفسي اسطورة او خيال مخرج، ولكنه حقيقة امير ممسوس، مثل بالجثث وقتل كثيرا من الابرياء، لكنني كنت ابحث عما اسمعه وانا صغير، حين يتناهى الى سمع احدهم بان فلانا معدما، لايعمل فكان الجواب (... مال حرك)، حيث ان الكلمة لها جذورها التاريخية، وهي تعود الان لتمتلك ناصية دلالاتها في الدول العربية، فالفقراء ابتدأوا هذه العملية بالضغط غير المباشر من دراكولا الفقر والبطالة فقاموا ممتثلين او محتجين والنتيجة واحدة، وانا ايضا فهمت لماذا كانوا يقولون عن الفقراء (مال حرك)، او عن العاطلين عن العمل (مال حرك)، وعلمت لماذا كان الحريق خيار العاطلين عن العمل، فهم في دواخلهم يحملون احتجاج الفقراء الذين احرقهم دراكولا ويحرقهم غيره، وهذه ايضا قضية لها جذورها التاريخية وضحاياها هم الفقراء والمسحوقون، ضحايا المجازر الجماعية، ومداد الثورة وحبر التغيير، الذين صاروا مادة متاحة للسياسيين، ومبررا مقبولا للتمرد والتغيير وارقاما لدى حقوق الانسان والمنظمات الباحثة عما يدين الجبابرة والطغاة، وبعد كل العناء يحرقون بنيران الامراء، لان امنيتهم الخلاص من الفقر وفراقه، كنا ندعو من قبل ونتبتل الى دولة تعز الفقراء، وتنتشلهم من حريقهم المتواصل، فالفقر ليس هينا، وقد قال عنه الامام علي (ع): لو كان الفقر رجلا لقتلته، ومع تمنيه لقتل الفقر صار الاشتراكي الاوحد في التاريخ، لانه سيطر على اموال الشعب وصادر اموال الطبقة الارستقراطية الناشئة، وكنس بيت المال وساوى بين الناس في العطاء.ومن المؤكد لسنا نبحث عن امام عادل، او حاكم يمتلك الضمير الحي، خصوصا وان الامر بات بايدينا، نقترع ونختار، ولكن القضية المهمة هي قضية التصويت في ديمقراطيتنا الناشئة التي اعطت ومتعت الكثيرين، بحسب ما تصوروا انها اي الديمقراطية رديف للفوضى، بينما الاصل في الديمقراطية انها رديف للحرية المبنية على اسس الاختيار الحر الذي لايخضع للمصادرة عن طريق التنويم المغناطيسي، والحماس المؤقت الذي طالما تلاشى مع اول خطأ يرتكبه المنتخب بفتح الخاء، ليكون الخطأ الذي وقع فيه المنتخب بكسر الخاء، وبالتالي تجري عملية الاستنساخ الممل للتجارب والتشابه بعيدا عن الابداع والابتكار؛ من المؤكد ان العلم قيمة كبرى، لكنه يصبح لاشيء ان كان بلا عمل، فالعمل قرين العلم وصنوه الذي يعكس اهميته، ويطرحه بعد تجارب وجهد الى الاستهلاك، والمراقب لما يجري في العراق يرى ان الكلام كثير، وقد فارق قرينه المهم العمل لنبقى مع الوهم، لنكون كالذي اكل خبزا على رائحة الشواء، فطالبه صاحب المطعم بالثمن فاسمعه رنين الدراهم، واحتج عليه بانه اكل وهما واعطى وهما.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram