TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > فـارزة: دكتاتورية بقرار من المحكمة

فـارزة: دكتاتورية بقرار من المحكمة

نشر في: 22 يناير, 2011: 09:19 م

 علي حسين سياسيو الصدفة فقدوا بريقهم، لأن الناس اكتشفت زيف الشعارات الكاذبة والوعود الخادعة، فليس لديهم شيء يقدمونه لحل المشكلات، ولا مواجهة الأزمات غير المتاجرة بالشعارات. ماذا استفاد منهم الناس، وما الخدمات التي قدموها وما الاقتراحات البناءة لمواجهة مشكلات مثل البطالة والخدمات وغيرهما؟ فقدوا بريقهم.. لأنه لا يمكن أن تعيش طوال الوقت على اصطياد المشكلات
وركوب الأزمات وماذا بعد ذلك..؟ لا شيء بالمرة، غير البحث عن مشكلات وأزمات أخرى. لقد توقع العراقيون أن تكون صورة صدام مفتوح الفكين هي آخر صورة ستبقى في ذاكرتهم من زمن القهر والدكتاتورية ، وسلطة الحزب الواحد .. لكن ليس كل ما يتمنى المرء يدركه فقد ظهر لنا من يريد أن يسرق منا الحلم ويخطف الوطن ، في الأيام الماضية أصدرت المحكمة الاتحادية اخطر قرار في تاريخ العراق السياسي الجديد ، واعني به القرار الذي الحق  "الهيئات المستقلة" بسلطة مجلس الوزراء حيث أكدت المحكمة بقرارها  أن البرلمان غير قادر على أن يكون جهة ترتبط بها هيئات أمثال مفوضية الانتخابات أو النزاهة أو حقوق الإنسان،وقالت المحكمة في كتاب رسمي أصدرته مؤخراً انه رداً على الطلب الوارد إليها من مكتب رئيس الوزراء بشأن تحديد الجهة التي ترتبط بها بعض الهيئات المستقلة والتي لم يحدد الدستور مرجعية لها، سواء مجلس النواب أو مجلس الوزراء، وجدت المحكمة أن ارتباط بعض الهيئات المستقلة بمجلس النواب لا يحول دون إشراف مجلس الوزراء على نشاطاتها، وبهذا يكون القرار الذي أصدرته المحكمة الاتحادية قرارا يعيد رسم الخارطة السياسية في العراق ليضعها بيد جهة واحدة ، أيا كانت هذه الجهة ، حزب متنفذ ، أم مجموعة مستشارين ينتمون إلى حزب رئيس الوزراء أم سلطة رئيس الوزراء شخصيا. هكذا استولت رئاسة الوزراء على هذه الهيئات على طريقة أسألك وتجيبني ، وكأنها تريد أن توصل إلينا رسالة واضحة أن لاشيء يخرج عن سلطة الرجل الواحد  ، والحزب الواحد ، وأيا كانت مبررات المحكمة الاتحادية ، ومهما حاولت أن تقلل من خطر القرار فلا يمكن أن ينظر إليه إلا باعتباره يمثل تراجعا حقيقيا في التحول الديمقراطي ، وأسأل المحكمة الاتحادية  كيف يمكن لمؤسسة رقابية كهيئة النزاهة  تمارس دورا رقابيا أن تكون مرتبطة بالسلطة التنفيذية  ؟  وكذلك الحال بالنسبة لمفوضية الانتخابات التي نص الدستور على تسميتها بالمستقلة.هكذا تستغل الحكومة انشغال البرلمان وأعضائه لتنجح  في اقتناص مكاسب جديدة لدعم سلطتها ،  فيما البرلمان صامت إزاء ما تعرض له مبدأ فصل السلطات من خطر حقيقي  . لقد قامت صورة الدولة بعد 2003 على فكرة تقاسم السلطات والفصل بينها بحيث تمنع ظهور " الحاكم الأوحد " وقد دفع المواطنون جميعا الثمن غاليا بعد عقود من الدكتاتورية  التي مارسها صدام وبعد سنوات من الصراع  بين أجنحة السلطة للوصول إلى تفاهم مشترك لتقاسم السلطة.الفصل بين السلطات لم يكن ليتاح لولا تضحيات العراقيين الذين عانوا من سلطة الرجل الذي بيده كل شيء ويعرف كل شيء " لكن يبدو أن البعض لا يريد لصورة صدام وهو يلوح ببندقيته أن تغادر الذاكرة العراقية .أذكر أنني كتبت في هذا المكان مبكرا عن فلسفة بعض القوى السياسية ، لإنتاج  قرارات  تصب في خدمة مصالحها  الخاصة  لا في مصلحة الوطن والمواطن ، اليوم تكشف هذه القوى عن نفسها جيدا وتدخل معركة السباق لإنتاج دكتاتوريات جديدة تقدمها للمواطن بأمر القانون وتشريعاته .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram