TOP

جريدة المدى > محليات > العراق أمام تحدي قاتلٍ خفيٍ.. هل تُزال الألغام قبل نهاية 2028؟

العراق أمام تحدي قاتلٍ خفيٍ.. هل تُزال الألغام قبل نهاية 2028؟

نشر في: 10 نوفمبر, 2024: 12:02 ص

 متابعة / المدى

يُعتبر العراق أحد أكثر الدول تلوثًا بالألغام والمخلفات الحربية، وفق تقديرات الأمم المتحدة وتقارير دولية ومحلية، نتيجة الحروب التي خاضها هذا البلد خلال العقود الماضية. تبلغ مساحة الأراضي الملوثة أكثر من 6,000 كيلومتر مربع، وتقول دائرة شؤون الألغام العراقية إنها تمكنت خلال العقدين الماضيين، وبدعم الدول المانحة والمنظمات الدولية، من تطهير نحو 59% من هذه الأراضي.

التحديات والمعوقات
يؤكد مدير قسم الإعلام والتوعية في دائرة شؤون الألغام العراقية، مصطفى حميد، في تصريح صحفي أن «محافظة البصرة (جنوب) تتصدر المحافظات الأكثر تلوثًا بالألغام والمخلفات الحربية في العراق، حيث تتجاوز مساحة الأراضي الملوثة فيها أكثر من 1,200 كيلومتر مربع، تليها محافظات ديالى وميسان وواسط والمثنى». كما تُعتبر محافظات نينوى وصلاح الدين وكركوك مناطق ملوثة بالمخلفات الحربية والعبوات الناسفة التي خلفها تنظيم داعش الإرهابي إثر اجتياحه لهذه المدن.

ضعف الموارد
وأوضح حميد أن التلوث في العراق ينقسم إلى أربعة أنواع: الألغام المضادة للأفراد، الذخائر العنقودية، المخلفات الحربية، والعبوات الناسفة التي زرعها تنظيم داعش الإرهابي في المناطق المحررة.
وأشار إلى أن العمل في مجال إزالة الألغام في العراق يتم على المستوى الحكومي من خلال وزارتي الدفاع والداخلية، وعلى المستوى المنظماتي بالاعتماد على دعم الدول المانحة، وأبرزها وزارة الخارجية الأميركية.
ولفت حميد إلى أن عمل المنظمات الدولية تراجع في العراق خلال السنتين الماضيتين نتيجة قلة الدعم الحكومي، فيما توجه جهد الدول المانحة إلى مناطق الصراع في أوكرانيا.
وأشار إلى أن الحكومة خصصت 40 مليون دولار في الموازنة العامة لعمليات إزالة الألغام، نصف المبلغ لتطهير الذخائر العنقودية والنصف الآخر لإزالة الألغام الأرضية والمخلفات الحربية. وزاد أنه بموجب الاتفاقيات الدولية، فإن السقف الزمني لإنهاء ملف الألغام في العراق هو نهاية عام 2028 في حال توفر الإمكانيات المالية والبشرية والاستقرار العام في البلاد.

آلاف الضحايا
وتقدر دائرة شؤون الألغام عدد الضحايا في العراق منذ عام 2003 بأكثر من 30 ألف بين قتيل ومعاق. يقول موفق الخفاجي، أحد ضحايا الألغام، «انفجر بي لغم في محافظة البصرة تسبب ببتر ساقي». ويصف الخفاجي أوضاع ضحايا الألغام بالمؤلمة قائلاً: «لا تعويض مادي ولا اهتمام حكومي جدي بالمتطلبات الصحية لضحايا الألغام».
ويبلغ عدد ضحايا الألغام في إقليم كردستان العراق 13,521 شخصًا، بينهم عدد من الخبراء في مجال رفع الألغام.
عبد الغفار مصطفى، أحد العاملين في هذا المجال، قال إنه فقد ساقه إثر انفجار لغم أثناء محاولة إبطال مفعوله في قرية بقضاء جومان بمحافظة أربيل قبل أكثر من عشر سنوات.
وأضاف أن مخاطر الألغام كبيرة على المزارعين والرعاة في هذه المناطق، والكثير منهم لا يعير اهتمامًا للإرشادات والعلامات التحذيرية التي يضعها المعنيون بشؤون الألغام، لذا فإن الضحايا بالعشرات سنويًا.
وأكد مصطفى أن حجم الخدمات الصحية المقدمة لضحايا الألغام غير كافٍ، والكثير من هؤلاء يضطر إلى شراء أطراف صناعية مستوردة بأسعار مرتفعة، لأن المحلية الصنع غير مريحة وتؤذي الساق وهي سريعة التلف والكسر.

تحديات قائمة
مدير الشؤون الفنية في مؤسسة شؤون الألغام، علي محمد أمين، أوضح أن مساحة الأراضي الملوثة في الإقليم تبلغ نحو 776 كيلومتر مربع، فيها نحو 3,500 حقل ألغام منتشرة في المدن والقصبات على طول الحدود العراقية الإيرانية، تم زرعها إبان الحرب بين البلدين في ثمانينيات القرن الماضي.
وأضاف أن عمليات إزالة الألغام مستمرة منذ ثلاثة عقود، تمخضت عن تطهير نحو 524 كيلومتر مربع، ومئات الكيلومترات الأخرى الملوثة بالعبوات الناسفة التي زرعها تنظيم داعش الإرهابي في أطراف محافظات أربيل ودهوك والسليمانية والموصل. ولفت أمين إلى أن مؤسسة شؤون الألغام اكتسبت خبرة كبيرة في هذا المجال تمكنها من تدريب وإعداد كوادر جديدة.
ولفت أمين إلى أن قلة التمويل ونقص الأجهزة وعدم استخدام التكنولوجيا الحديثة تؤخر جهود إزالة الألغام، وبالتالي عدم إيفاء العراق بالتزاماته في اتفاقية أوتاوا التي حددت عام 2028 لإنهاء ملف الألغام في البلد.
من جهته، أكد الإمام حسن، مدير التوعية في منظمة «ماك» البريطانية العاملة في مجال مكافحة الألغام، لـ(المدى) استمرار جهود المنظمات الدولية المعنية بالألغام للوصول إلى عراق خالٍ من الألغام بحلول عام 2028، رغم تراجع حجم تمويل الدول المانحة ونقص الميزانية الحكومية.
وأشار حسن إلى عدد من التحديات التي تواجه عمل المنظمات، أبرزها الإجراءات الحكومية المعقدة التي تُعيق تنقل المنظمات والتنسيق بينها بغية تقديم مشاريع مشتركة تُسهل عملية الحصول على التمويل الدولي.
ولفت المتحدث إلى خطورة العمل في المناطق الملوثة بالعبوات الناسفة المبتكرة من قبل تنظيم داعش الإرهابي، والتي استخدمت فيها مواد متفجرة غير معروفة ومحلية الصنع لا يمكن إبطالها إلا بمختصين. وزاد أن الكوادر العراقية العاملة في مجال رفع الألغام اكتسبت خبرات جديدة خلال السنوات الماضية وتشكل نحو 99% من كوادر المنظمة.

آفاق المستقبل
ورغم الجهود المحلية والدولية، فإن مشكلة الألغام ما زالت قائمة في العراق وتشكل تهديدًا مستمرًا للمدنيين وتُعيق عمليات إعادة الإعمار في المناطق الحدودية والأراضي الزراعية.
وتؤكد دائرة شؤون الألغام أن الافتقار إلى خرائط حقول الألغام وقاعدة بيانات حقيقية وتغير مواقع الألغام على مدار السنين بسبب عوامل التعرية والفيضانات يفاقم صعوبة حصر الألغام وتأشيرها ثم رفعها وإبطالها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

البرلمان يعقد جلسته برئاسة المشهداني

الأمم المتحدة: غزة تضم أكبر عدد من الأطفال مبتوري الأطراف في العالم

هيئة الإعلام: إجراءاتنا تواجه فساد المتضررين

الهجرة تعلن بدء عودة العوائل اللبنانية وتقديم الدعم الشامل لها

اللجنة القانونية: القوانين الخلافية تعرقل الأداء التشريعي للبرلمان

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

محمية الغزلان في ديالى تسعى للتعافي وطي صفحة الظروف القاسية

ذي قار تتحدث عن تجاوزها أزمة مياه الشرب

الأنواء الجوية للعراقيين: جهزوا ملابسكم الشتوية

إهمال وزاري وسوء تخطيط يحرم صلاح الدين من ثروات نفطية هائلة

الطريق مسدود: لماذا لا يزال قانون حماية الأسرة في العراق عائقاً أمام التغيير؟

مقالات ذات صلة

التلوث الإشعاعي في بابل: كارثة صامتةتهدد الأرواح والبيئة
محليات

التلوث الإشعاعي في بابل: كارثة صامتةتهدد الأرواح والبيئة

 المدى/خاص يشكل التلوث الإشعاعي في محافظة بابل تهديدًا متزايدًا على صحة السكان والبيئة، وفقًا لتقارير محلية ودولية. مناطق متعددة في المحافظة، خاصةً تلك التي شهدت أنشطة عسكرية سابقة، تعاني من مستويات مرتفعة من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram