TOP

جريدة المدى > سياسية > البهائيون في كردستان: نموذج للتعايش السلمي والحرية الدينية

البهائيون في كردستان: نموذج للتعايش السلمي والحرية الدينية

نشر في: 10 نوفمبر, 2024: 12:10 ص

سوزان طاهر
يُعدُّ إقليم كردستان واحة للتعايش السلمي على مستوى العراق، حيث تعيش مجموعة من الأديان والمذاهب داخل الإقليم دون أي مشاكل. تتنوع القوميات في إقليم كردستان، وأبرزها الكردية، ثم التركمانية، والعربية، والكلدانية، والسريانية، والآشورية، والأرمنية. وتوجد ثمانية أديان ومعتقدات دينية معترف بها في الإقليم، جميعها مُرخّصة ومنظّمة بموجب قانون رقم (5) لسنة 2015، قانون حماية المكونات في كردستان - العراق، في إطار وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بحكومة إقليم كردستان، وتدير نشاطاتها ضمن مديرية واحدة تُعرف بـ"التعايش الديني".
ومن بين تلك الأديان، الديانة البهائية، التي يعيش أتباعها داخل مدن الإقليم ويمارسون طقوسهم بحرية تامة دون تقييد أو مضايقات.
ممثليات في الحكومة
حسين حداد، أحد الناشطين من أبناء الديانة البهائية، يتحدث عن أوضاعهم داخل مدن إقليم كردستان وعن التعايش السلمي داخل الإقليم.
أكد حداد في حديثه لـ(المدى) أن "البهائيين تعرضوا لأقسى أنواع المضايقات والتهميش والإقصاء، ولعل حرمانهم من الجنسية العراقية، وكتابة مسلم داخل تلك الجنسية، هو أقسى أنواع الاضطهاد".
وأضاف أن "البهائيين، ونتيجة المضايقات التي تعرضوا لها في بغداد ومدن العراق، لجأوا إلى مدن إقليم كردستان، ولدينا الآن ممثل داخل وزارة الأوقاف في حكومة الإقليم، ونمارس طقوسنا بكل حرية".
ويشير إلى أن "قسماً كبيراً من البهائيين لجأوا إلى مدن إقليم كردستان بعد عام 2005 أثناء الاقتتال الطائفي الذي شهدته العديد من المدن العراقية، وحصلنا على الاعتراف الرسمي بالمجلس البهائي لإقليم كردستان بموجب الأمر الوزاري الصادر عن وزير الداخلية بالإقليم المرقم 5292 والمؤرخ في 26 شباط/فبراير 2021".
ولفت إلى أنه "بموجب هذا الأمر تم تثبيت ممثل رسمي للبهائيين في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في حكومة الإقليم أسوة بباقي الديانات من غير المسلمين، وممثلنا يشارك في سن القوانين وكتابة الدستور، حاله حال باقي الديانات".
300 عائلة في السليمانية
وتقول رفل علاء، وهي ناشطة بهائية، في حديثها لـ(المدى): "أبناء الديانة البهائية أكثرهم تركوا بغداد وباقي مدن العراق، ولجأوا إلى مدن الإقليم ومنها السليمانية، التي يعيش فيها أكثر من 300 عائلة".
وأردفت أن "تلك العوائل تعيش بأمن وسلام، والتعايش السلمي داخل الإقليم يتجلى بأبهى صوره، ولا توجد مضايقات أو تهميش، ونمارس طقوسنا الدينية، ولدينا زيارة لأحد المعابد الدينية في السليمانية، ولا يوجد أي شخص يستطيع مضايقتنا".
لكن الوضع مختلف في بغداد، حيث الكثير من العوائل لا تستطيع الإفصاح عن دينها، والمئات من البهائيين يتخفون بأسماء مستعارة، ولا يمارسون طقوسهم إطلاقاً.
يوجد في إقليم كردستان 5800 مسجد وجامع، و145 كنيسة، و400 معبد ديني لجميع الأديان والمعتقدات. وقد وضعت حكومة إقليم كردستان خُطَّة هندسية شاملة لترميم هذه الأماكن، ومن أبرزها ترميم مرقد السلطان مظفر الدين في أربيل، وجامعَي كاك أحمد الشيخ في السليمانية، ومركز لالش الإيزيدي، والعديد من المواقع الأخرى في محافظة دهوك.
من جهة أخرى، يؤكد الكاتب والصحفي المختص في مجال الأديان والأقليات، محمد فياض، أن الخلفيات التاريخية للتعايش السلمي في كردستان لها ما يغنيها من المبادئ والأسلوب الاجتماعي والثقافة الفطرية.
وبيّن في حديثه لـ(المدى) أن "الوجود الفسيفسائي في كردستان، كرداً وعرباً وتركماناً وسنةً وشيعةً وصابئةً وكاكائيين ومللاً ونحلاً مختلفة المشارب والتوجهات العقيدية، يشير بلا مواربة إلى أن هذه الأرض "عجينة" إنسانية قابلة في كل عصر وزمان للتكوّن حداثياً بما يحقق السلام الإنساني والتداخل الحضري والتحاور غير المعلن في إطار الإنسانية".
وأوضح أن "الحياة في كردستان تطمئن القادمين إليها في أول رؤية لهم، ولا تشعر القادمين بفوبيا الثأر والخوف من المجهول".
يتفق العالم اليوم على أهمية التعايش السلمي، ونبذ الصراعات، والتأكيد على الحوار، واحترام الرأي والرأي الآخر، ويتفق المجتمع على وجود قيم مشتركة تحدد مسار السلوك اليومي للأفراد على الرغم من اختلاف التوجهات والأفكار والرأي والأجناس.
عقوبات صارمة
يرى النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، محما خليل، أن التعايش في الإقليم هو بمثابة خط أحمر.
وأوضح في حديثه لـ(المدى) أن "قيادة الإقليم، وعلى رأسها زعيم الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني، ورئيس الإقليم، ورئيس الحكومة، يحثون على التعايش السلمي واحترام جميع الأديان، وهناك عقوبات صارمة ضد كل من يحاول الاستهانة أو التضييق على ديانة أو طائفة معينة".
وذكر أن "جميع الأديان تمارس طقوسها، ولا توجد أغلبية أو أقلية، ولا يُسن أو يُشرَّع قانون داخل الإقليم ينتقص أو يضطهد ديانة أو طائفة معينة، والتعايش بين الشعب نابع من وجود حكومة قوية تتابع كل خطوة وكل صغيرة وكبيرة، ولا ترضى بأي خطأ ضد أي جماعة معينة".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

مقالات ذات صلة

السودانيُّ في قمةِ الرياض.. ورسائلُ أمريكيّةٌ قد تُمرَّرُ إلى طهرانَ عبرَ بغداد
سياسية

السودانيُّ في قمةِ الرياض.. ورسائلُ أمريكيّةٌ قد تُمرَّرُ إلى طهرانَ عبرَ بغداد

بغداد/ تميم الحسن تحاولُ بغداد، على ما يبدو، لعبَ دورِ الوسيطِ بين واشنطن وطهران، لمنعِ انزلاق البلادِ إلى الحرب.وقد غادرَ رئيسُ الحكومةِ، محمد شياع السوداني، لحضورِ قمةِ الرياض حولَ الأزمةِ في المنطقة، فيما أرسلَ...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram