TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمودالثامن: محبة الأوطان

العمودالثامن: محبة الأوطان

نشر في: 12 نوفمبر, 2024: 12:06 ص

 علي حسين

يلومني بعض الأصدقاء على هوسي باقتناء الكتب ، فما ان ادخل مكتبة حتى اخرج منها محملا بما لذ وطاب من عصير الفكر ، البعض يقول بمحبة : هل ستقضي عمرك تتنقل من شوبنهور إلى فؤاد التكرلي ؟ واقول لهم بصدق : برغم مئات الكتب التي ترونها فإنني حتى هذه اللحظة،لا أفهم بماذا "يرطن" ساستنا!
منذ سنوات والناس تبحث عن مسؤول مختلف يمنحونه أصواتهم، وهم مطمئنون إلى أنهم استثمروها في المستقبل، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين يتعاملون مع الانتخابات على أنها عدّاد سيارة أجرة لا يعمل إلّا لصالحهم، لقد مللنا من مسؤول يخرج علينا كل يوم يذكّرنا بأنه "المنقذ"، أنظر إلى هذا الكتاب، وأشرت إلى "خطابات السلطة" الذي كتب فيه جون لوك أنّ "الحاكم هوالذي يحقق نفعاً مستقبلياً للناس" والآن أجبني، ماذا سيكتب مسؤولونا، لو قرروا كتابة مذكراتهم ويومياتهم؟، هل سيتحدثون عن حجم الخراب الذي قطعته البلاد خلال السنوات الماضية؟، يا صديقي أليس مذهلاً ومثيراً حين نقلب مذكرات بناة التجارب الحديثة، فنجد كيف أن التحول في سنغافورة صنعه إخلاص وتفاني رجال بوزن "لي كوان"؟، وأن كوريا الجنوبية تحولت من الفقر إلى بلد ينافس اليابان في عقر دارها، بفضل نزاهة مسؤوليها وحبهم لوطنهم؟
تعال يا عزيزي واقرأ ما كتبه باني الهند الحديثة، نهرو، عن سياسيي التهريج، في كتابه لمحات من تاريخ العالم: "كانت خطب بعض الساسة انفجارية تهديدية، يبدو أصحابها دائماً في حالة تحدٍّ ودعوات للنزال".
في كتاب جميل وممتع تـُرجم إلى العربية بعنوان " قصص لم تروِها هوليوود" يعلمنا المؤرخ الاميركي هوارد زن أن الشعوب هي التي تصنع قدرها وليس الساسة.. "إذا كنت مواطناً يجب عليك أن تعرف الفرق بين السياسيين وبينك.. الفرق بين ما يجب عليهم القيام به، وما يجب عليك القيام به.. لذلك يجب أن لا ننجرف نحو حالة من الطاعة والقبول المطلق لما يفعله الحكام. إن مهمتنا هي عدم إعطائهم شيكاً على بياض أو أن نكون مجرد مشجعين وهتـّافين لهم في منازلاتهم.. يجب علينا أن لا ننظر إلى العالم من خلال أعينهم، ونقول حسناً لا بدَّ أن نطيعكم.. كلا يجب أن نجهر بآرائنا بجرأة".
ويذكر هوارد أنه تعلم أن يظل حالماً "نعم نحن نحلم، نريد كل شيء جيداً، نريد عالماً يسوده السلام، نريد عالم العدل والمساواة، لا نريد الحرب، نريد مجتمعاً أخلاقياً، ومن الأفضل أن نتمسك بهذا الحلم بقوة، لأننا إذا لم نفعل ذلك، فسوف نغرق أكثر وأكثر نحو القاع".
تعلمنا تجارب الشعوب أن معارك الاستحواذ والكراهية تنتصر مؤقتاً، فالفوز الدائم لأهل المحبة والطمأنينة ومحبة الاوطان .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram