ترجمة / حامد أحمد
خلال لقاءات أجراها معهد، كوينسي فور ريسبونسبل ستيتكرافت Quincy Institute for RS، الأميركي للدراسات مع عدد من محاربين اميركان شاركوا في معارك غزو العراق عام 2003، أعرب جميعهم عن تمسكهم بالاتفاقية التي تم التوصل إليها بين إدارة الرئيس جو بايدن والحكومة العراقية بانسحاب معظم القوات الأميركية من العراق عام 2025، مؤكدين على حثهم للإدارة الجديدة بقيادة دونالد ترامب ان تتمسك بالجدول الزمني للانسحاب حيث لم يعد هناك مبرر لتعريض حياة جنود اميركان للخطر في العراق.
واستمع المعهد الأميركي لقصص وروايات وتجارب عاشها جنود وضباط اميركان خلال مراحل زمنية مختلفة من الحرب العراقية منذ بدء الغزو عام 2003 الى مراحل متقدمة أخرى وما تعرضوا له من إصابات وامراض نفسية مزمنة ستبقى ملازمة لهم.
ايان روبنسون، من القوة الجوية، قال "مشاركتي الأولى في حرب العراق عام 2003 تبدو وكأنها عبر ذاكرة من زمن قديم. مع ذلك عندما اغلق عيني اتمكن من تخيل منظر الرمال وهي تمتد عبر الأفق، حتى انني أستطيع ان استشعر لسع الحرارة على جسمي كأنه هواء مجفف شعر (سشوار) في ذلك اليوم المغبر من أيام الصيف. تلك الأرض عانت كثيرا من الحروب وما تزال قواتنا متواجدة هناك. العراق مكان لا يربطنا به شيء وان اكثر شيء يدعو للاستقرار قد يكمن بانسحاب قواتنا من هناك، خصوصا بعد هدر كل ذلك الوقت والأموال والأرواح التي قضيناها هنالك".
لورا هارتمان، مجندة في الجيش الأميركي، قالت "كوني محاربة شاركت في حرب العراق عام 2004، فانني قد شاهدت وقع الحرب على محاربين وعوائل ومدنيين أبرياء. الحرب تترك الأرواح مشتتة، بجروح معنوية عميقة وتأثيرات جينية تترك آثارها على أجيال قادمة. وكوني ممرضة امراض نفسية سابقة فقد رأيت حقيقة وقع الحرب وآلامها على مرضاي، وان جهود منع حالات الانتحار والعلاج النفسي هي مسؤولية مشتركة.
وأضافت هارتمان بقولها "بعد عقود من أكاذيب وخيانة، انا أؤيد وادعم فكرة الانسحاب الكامل للقوات من العراق. علينا ان نركز على بناء بلدنا هنا. لقد حان الوقت للمطالبة السياسية بالمساءلة لما خلفته هذه الحرب من عواقب. هذا يكفي". أما جندي المارينز، آدم جانك، فقال "العراق هو ذكرى مرة بالنسبة لي. لقد تعرضت لجروح وفقدت زميلين لي في السرية. شاركت ضمن قوات المارينز في العراق من العام 2005 الى 2009، حيث تم ارسالي مرتين للعراق في 2006 و2008. تلك الفترة كانت الأكثر سوءا من أية مرحلة في حياتي. الافتقار الى النوم ووتيرة العمليات العسكرية وتحديات المهام القتالية كانت عنيفة. مع ذلك فان الكثير من جنود المارينز، بضمنهم انا نفسي، نشعر بان تضحياتنا كانت من أجل لا شيء. كان هناك هدر بالأرواح والأموال. الكثير منا الان يعانون من صدمات امراض نفسية، فضلا عن ان هناك حالات صحية مزمنة ناجمة عن المشاركة في تلك المعارك. بعد ذلك تركنا ونحن في حيرة نتساءل من أجل أي شيء كانت تضحياتنا في العراق؟".
ويقول المحارب في الجيش الأميركي، بريان فاي: "التحقت بصفوف الجيش عام 2007 خلال مرحلة ارسال قوات تعزيز ثانية للعراق، ولكن لم يتم ارسالي لحين عام 2009. أتذكر بداية ذلك العام وانا اطلع على الاخبار بان الرئيس أوباما وقع اتفاقية لسحب القوات وترك تواجد بسيط لقوات غير قتالية لأغراض التدريب والمشورة. ذهبت للعراق بعد فترة وجيزة من ذلك وأنا أفكر ماذا ستكون طبيعة مهمتنا. وقضينا سنة ونصف نتدرب على حرب المدن".
ويستمر المحارب، فاي، بقوله "رافقنا دوريات الشرطة العراقية على مدى عام في مهمة مكافحة العبوات الناسفة وتعرضنا لهجمات قذائف هاون وصواريخ، ولكن مهمتنا غير القتالية هذه عرضتنا لمخاطر أكثر، لا يمكن لقوات تقوم بمهام تدريب ان تتواجد بمناطق قتالية، وكانت حياتنا معرضة للمخاطر في كل لحظة".
موريس ونستيد، من البحرية الأميركية، يقول "مهمتي الأولى في الشرق الأوسط كانت خلال العام 2008، كنت انقل جنود مارينز الى مواقع مهماتهم. كنت أرى افراد قوات المارينز وهم يتعرضون لمخاطر لا مبرر لها. رأيت حالات إصابة بصدمات نفسية. على الإدارة الأميركية الجديدة ان تعير اهتماما للوعد بانسحاب قواتنا من العراق في عام 2025. لقد حان الوقت لذلك".
جيسيكا فارجاز، ممرضة بصحبة قوات المارينز، قالت "كان عمري 19 عاما عندما أرسلت في مهمة مع المارينز في العراق عام 2003، وكان ثقل تلك المهمة عليّ كبير وانا في ذلك العمر. كنت اعالج الجرحى وواجهت حقائق الحرب، وشهدت عواقبها المأساوية. كنت قد فقدت زميل لي من دفعتي عندما تعرض لتفجير عبوة ناسفة".
ومضت فارجاز بالقول "أصداء الحرب ما تزال حية طوال حياتي، وتركت لدي جروحا تبين عواقب وكلف الحروب. زملاء لي تم تشخيص اصابتهم بأمراض صدمات نفسية وحالات سرطان. أتمنى ان ترجع قواتنا الى بلدنا وان تغادر مناطق الحروب مع توفير رعاية صحية لهم التي يستحقونها. لقد حان الوقت ان تغادر قواتنا العراق".
وأشار المعهد الاميركي في تقريره الى انه يوجد في العراق الان 2500 جندي أميركي، يواجهون تهديدات متواصلة من طائرات مسيرة وهجمات بقذائف صاروخية ومدافع هاون، وانه لا يوجد احد منهم يبرر على نحو مقنع لماذا هم هناك، وان مقتل جندي أميركي آخر سيكون خسارة مضافة وألم لرفاقهم وعوائلهم. ولهذا يتوجب على إدارة ترامب ان تكمل انسحاب القوات الأميركية خلال عام 2025 كما تم الاتفاق عليه بين الحكومتين العراقية والأميركية في وقت سابق من هذا العام.
عن معهد كوينسي