بغداد – تبارك المجيد
تُعاني مدينة الغراف في محافظة ذي قار من أزمات متزايدة على صعيد الخدمات الأساسية والبنى التحتية، حيث شكا سكانها من تدهور المستويات المعيشية، في ظل نقص المياه والكهرباء وانتشار النفايات. وترافقت هذه المشكلات مع خروج الأهالي في تظاهرات تطالب بتحسين الأوضاع وإعادة مدينتهم إلى سابق عهدها، مطالبين بمحاسبة المسؤولين المحليين وتنفيذ مشاريع ضرورية بقيت مؤجلة نتيجة لصراعات سياسية.
يصف احمد محسن، أحد سكان المدينة، واقع الحال بأن "مبالغ كبيرة صُرفت على الغراف ولكن لا أثر لها، ولا نعلم أين ذهبت"، مشيراً إلى الحاجة الماسة لتوفير الخدمات الضرورية، حيث تنتشر النفايات في كل مكان، حسب قوله.
ويطالب محسن بتوفير شوارع معبدة وكهرباء ومجاري، مؤكدًا أن هذه المشاريع لم ترَ النور حتى الآن، داعيًا الحكومة المركزية والمحافظ لتحمل مسؤولياتهم تجاه الأهالي. كما أشار إلى حي الحرية في وسط المدينة، حيث ما زال السكان ينتظرون تنفيذ الوعود التي سمعوها مرارًا دون أن تتحقق.
ورغم ما تتمتع به المحافظة من ثروات طبيعية، يصف محسن الاستفادة منها بالضئيلة، ما يزيد من معاناة المواطنين الذين خرجوا للتظاهر أمام الدوائر الحكومية في عدة أقضية ونواحٍ بمحافظة ذي قار، مطالبين بأبسط حقوقهم في خدماتٍ حقيقية تعيد لمدينتهم رونقها المفقود.
تحديات مالية!
أوضح الحقوقي أحمد سليم، الناطق الرسمي باسم مجلس محافظة ذي قار، أن المحافظة تواجه تحديات مالية تؤثر على تنفيذ بعض المشاريع الخدمية والبنى التحتية، في حين أن بعض المشاريع الأخرى تسير نحو الاكتمال لتلبية احتياجات السكان. وفي حديثه لـ(المدى)، أشار سليم إلى أن "مشروع مجسر الشهيد حسن نصر الله (المعروف سابقًا بمجسر الإسكان الصناعي) يُعد من المشاريع البارزة التي يجري العمل عليها بنجاح، دون عقبات تذكر، مما يمثل إنجازاً طال انتظاره من قبل الأهالي".
كما سلّط الضوء على مشروع كورنيش الناصرية كواحد من المشاريع الحيوية التي تهدف إلى تطوير المنطقة الترفيهية في المدينة، وإضفاء جمال إضافي عليها، مما يوفر متنفساً حيوياً للسكان. إلى جانب ذلك، أشار سليم إلى مشروع بناء ديوان محافظة ذي قار، الذي يقام قرب مدينة الألعاب، لكنه يعاني من تأخيرات ناجمة عن تحديات مالية تعترض سبيل المقاولين.
وفيما يتعلق بمشاريع قضاء الغراف، ذكر سليم أن "معظم المشاريع تم إنجازها أو في مراحل متقدمة من التنفيذ، باستثناء مشروعين يواجهان بعض التعقيدات. ومن بين هذه المشاريع، مشروع كورنيش الغراف الذي توقف مؤقتاً نتيجة الحاجة إلى إعادة تقييمه. وعلى الرغم من هذه التحديات، عبّر سليم عن ارتياحه للوضع العام في الغراف، مشيراً إلى تحقيق تقدم ملحوظ في إنجاز العديد من المشاريع هناك، وأن الجهود مستمرة لمعالجة أية عراقيل متبقية".
كما أكد أن "المحافظة تبذل جهوداً حثيثة لتجاوز الصعوبات المالية والإدارية التي تُعيق استكمال بعض المشاريع"، مشيراً إلى أن "التأخير في صرف السلف المالية للمقاولين يعد أحد العوائق الأساسية التي تؤخر تنفيذ بعض الأعمال وتؤدي إلى تجاوز الجداول الزمنية المحددة".
ويشير سجاد علي، ناشط من مدينة الغراف، إلى تحولات كبيرة شهدتها المدينة منذ احتجاجات تشرين 2019، حيث بدأ تحسين البنية التحتية التي غابت عن القضاء لسنوات، مثل مشاريع إعادة تأهيل الشوارع والمجاري التي امتدت حتى المناطق الريفية. ويصف علي هذه التغييرات بأنها "ثورة في الإعمار" يشهد عليها الجميع، مؤكداً أن سكان الغراف يشعرون بآثار هذه التحسينات.
وأضاف علي لـ(المدى)، أن تولي "حسن الخفاجي منصب قائممقام الغراف جاء نتيجة لاختيار المتظاهرين في ساحة الحبوبي"، مشيراً إلى أنه منذ توليه المنصب شهد القضاء تطوراً ملحوظاً شمل فتح حدائق عامة وإنشاء مشاريع جديدة، مما جعل المدينة واحدة من أجمل أقضية محافظة ذي قار". وأكد أن هذا التغيير جذب الاستثمارات والمشاريع الكبرى، ليصبح القضاء مركزاً جاذباً للمستثمرين، وكسب تأييداً شعبياً وحكومياً واسعاً.
ومع اقتراب الانتخابات لمجالس المحافظات، يشير علي إلى أن "المنصب بات محل اهتمام العديد من الأحزاب السياسية، في ظل هيمنة العشائر على الأقضية والنواحي. ففي قضاء الشطرة مثلاً، يسيطر شيخ عشيرة عبودة، حسين خيون على المناصب المحلية، فيما يعد منصب قائممقام الغراف حكراً على عشيرة خفاجة برئاسة عامر غني صكبان، والذي يعارض تعيين أي شخص من خارج عشيرته".
ويوضح علي أن الصراع على المنصب اشتد بين عشيرة خفاجة وأهالي الغراف والأحزاب السياسية، حيث نجحت الأحزاب في إقالة حسن الخفاجي، رغم التأييد المحلي. ورغم محاولات الطرفين لترشيح بدائل، إلا أن الخلافات مستمرة بين العشائر والأحزاب، ما أدى إلى بقاء الغراف بدون قائممقام إداري منذ ثلاثة أشهر، وتوقف المشاريع في ظل غياب الرقابة الحكومية، بعد تسليم الملفات إلى قائممقام قضاء الدواية.
ويذكر أحمد فرحان الخفاجي، عضو مجلس محافظة ذي قار، واحد سكان المنطقة لـ(المدى)، أن "مدينة الغراف، الواقعة شمال مدينة الناصرية على ضفاف نهر الغراف، تشهد حركة إعمار جيدة ساهمت في تحسين مظهر المدينة. وتم توزيع المشاريع على أحياء مختلفة في المدينة، شاملة لقطاعات متعددة".
ويضيف الخفاجي، أن "العمل مستمر، حيث تم الشروع بمشاريع تطوير في ثلاثة أحياء جديدة تشمل منطقتين في حي الإعلام، حي الموظفين، وأيضاً حي الصادق الذي سيتم تنفيذه بجهود خدمية. كما يتم العمل على مشاريع أخرى في حي العباس وحي الحرية بتمويل من صندوق الإعمار".
وأشار أيضاً إلى إدراج مشروع تطوير منطقة حي الإعلام الثالثة ضمن ميزانية عام 2024، مما يعزز الآمال بتطوير مدينة الغراف نحو الأفضل.
أزمة خدمات خانقة في الغراف.. تظاهرات الأهالي تطالب بالمحاسبة والإصلاح!
نشر في: 14 نوفمبر, 2024: 12:30 ص