السليمانية / سوزان طاهر
لم يشهد العراق تعدادا للسكان منذ نحو 3 عقود، وكان آخرها عام 1997، والذي لم يشمل إقليم كردستان حينها، نظرا لتمتعه بسلطة شبه مستقلة عن العراق، أما الآن، يستعد البلد لإجراء التعداد العام للسكان ومن ضمنه إقليم كردستان، لكن بدأت الاعتراضات الكردية وسط دعوات للتأجيل، مع اقتراب الموعد.
وحددت الحكومة العراقية يوم الـ 20 من الشهر الحالي موعداً لإجراء التعداد العام للسكان في العراق بالمشاركة مع حكومة إقليم كردستان، وقد أكملت الفرق الجوالة في وزارة التخطيط عمليات الترقيم والحصر. لكن هنالك اعتراضات من كردستان، وأخرى من الأقليات، وخاصة التركمان والإيزيديين والشبك وباقي المكونات الدينية في البلاد.
وتنص المادة 140 من الدستور العراقي النافذ الذي صوت عليه العراقيون عام 2005 على تسوية مشاكل المناطق المتنازع عليه ومن ضمنها كركوك عبر ثلاث مراحل، الأولى منها التطبيع، وثانيا إجراء تعداد سكاني ومن ثم تنظيم استفتاء لحسم مصيرها، وحددت موعدا نهائيا لإنجاز كافة المراحل في عام 2007 لكن الخلافات السياسية وما شهده البلد من أزمات حالت حتى الآن من تطبيق المادة.
التغيير الديموغرافي
ويقول عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني شيرزاد قاسم إن، اعتراضات الكرد تتمثل في وجود مخاوف من تغيير ديموغرافي كركوك وباقي المناطق المتنازع عليها. وشدد في حديثه لـ "المدى" إلى أن "حكومة إقليم كردستان مع إجراء التعداد السكاني، وله أهمية كبيرة، ولكن في ظل عدم توفر جميع المقومات، فإننا ندعو لآن يكون التعداد تنموياً فقط". وأضاف أن " نرى أهمية ان تتضمن الاستمارة فقرة القومية لكون العراق يتضمن مكونات وثقافات وديانات مختلفة ويجب اظهار التنوع وعدم اخفاءه ليتم بناء التنمية على هذا التنوع". وأشار إلى أنه "يجب عدم استخدام عملية التعداد العام للسكان لمآرب سياسية، وضرورة عدم ترك العملية آثارا سلبية على تنفيذ المادة 140 من الدستور، لكون الكثير من عمليات التغيير الديموغرافي حصلت في تلك المناطق خلال السنوات الماضية". وكان بيان لمجلس وزراء إقليم كردستان قد أكد تسجيله لمجموعة من الملاحظات على عملية التعداد السكاني" وشدد" على ضرورة أن "يحظى التعداد السكاني برضا جميع المكونات، وأن لا يُستخدم لأغراض أخرى غير الأغراض التنموية". كما طالب المجلس "ضرورة أن لا يكون التعداد بديلاً عن الآليات والإجراءات الدستورية المنصوص عليها في المادة 140 من الدستور، وفقاً لما أكدت عليه المحكمة الاتحادية العليا في قرارها رقم 73 لعام 2010.
اعتماد سجلات 1957
من جهة أخرى طالب عضو الاتحاد الوطني الكردستاني إدريس حاج عادل إلى ضرورة اعتماد سجلات عام 1957 لاحتساب عدد السكان في كركوك.
ولفت في حديثه لـ(المدى) إلى أن "المشكلة الرئيسية والاعتراضات الكبرى لدى الكرد تتعلق بوضع كركوك وباقي المناطق المشمولة بالمادة 140 من الدستور العراقي". وأردف أنه "يجب العودة لتعداد عام 1957 لاحتساب عدد السكان في كركوك، كون الآلاف من العوائل سكنت المدينة خلال السنوات الماضية، وهذه العوائل أن تسجل ضمن محافظتها الأصلية".
وأضاف أن "الحل الرئيسي لعدم حصول إشكاليات في قضية التعداد العام للسكان، تتمثل بتأجيله لحين الاتفاق على معالجة مشكلة كركوك والمناطق المتنازع عليها، أو احتساب هذا التعداد لأغراض التنمية فقط".
لأنه، لو تم تسجيل العوائل حسب محل سكناها، فنحن أمام كارثة كبيرة، حيث أن الآلاف انتقلوا لمدن جديدة، وهذا سيؤثر على ديموغرافية تلك المدن، وموازنتها، وعدد مقاعدها في الانتخابات. ومن المفترض أن يجرى التعداد السكاني في كافة المحافظات، يومي 20 و21 من الشهر الحالي، وصدر قرار بفرض حظر التجوال خلال هذين اليومين. وتبدي الأقليات الدينية مخاوفها من عمليات التعداد السكاني، وسط دعوات لتنفيذ مطالبهم، ومنها ما يخص النازحين في إقليم كردستان وباقي المناطق. ويطالب النائب السابق والممثل عن كوتا الأيزيدية حسين نرمو إلى أنه، يجب احتساب العوائل النازحة على محافظتها الأصلية، وليس على المكان الجديد الذي نزحوا إليه. وأوضح في حديثه لـ(المدى) إلى أن "أغلب أهالي سنجار من المكون الإيزيدي مازالوا في مخيمات النزوح، وبالتالي يجب احتسابهم على قضاء سنجار عند إجراء التعداد، وليس على محافظات دهوك وأربيل". كون، هذا الأمر يؤثر على عدد سكان القضاء، وينعكس على احتساب الموازنات المالية، والاستحقاقات الخاصة بسنجار.
ومنذ اجتياح داعش لعدد من مدن البلاد صيف عام 2014، نزح الآلاف من أهالي الأنبار ونينوى وصلاح الدين وديالى وشمال بابل إلى مدن إقليم كردستان وكركوك، ليعيشوا هناك، وبعضهم فضل الاستقرار بعد تحرير منطقته الأصلية. ومايزال الآلاف من النازحين يعيشون في مخيمات النزوح بإقليم كردستان، وخاصة من أهالي سنجار في نينوى، وجرف الصخر في بابل، ومناطق أخرى في ديالى وصلاح الدين، وبانتظار حسم وضعهم.