TOP

جريدة المدى > عام > حميد المختار: الطفيليات التي ظهرت في الفيس بوك في الرواية والشعر ظهرت أيضاً في مجال النقد

حميد المختار: الطفيليات التي ظهرت في الفيس بوك في الرواية والشعر ظهرت أيضاً في مجال النقد

يدعو زملائه من كُتّاب الروايات والقصة القصيرة أنْ يهتموا بأدب السجون

نشر في: 19 نوفمبر, 2024: 12:01 ص

حاوره/ علاء المفرجي
القاص والروائي حميد المختار، ولد في بغداد، وحصل على بكالوريوس مكتبات ومعلومات من الجامعة المستنصرية ببغداد عام 1985.عمل في المسرح كاتبًا ومخرجًا وممثلًا. أعتقل بعد مشاركته في انتفاضة 1991، وحكم عليه بالسجن لمدة 8 سنوات بعد أن قرأ شهادته المعنونة (شهادة عن زمن الخراب) في اتحاد الأدباء العراقي على خلفية مقتل محمد الصدر. ترأس اتحاد الأدباء العراقيين عام 2003. شغل منصب رئيس تحرير مجلة (الشبكة) العراقية، ومنصب أمين عام رابطة القلم الدولية (فرع العراق). عمل مستشارًا ثقافيًا في جريدة (الصباح)، ومستشارًا ثقافيًا في شبكة الأعلام العراقي. يكتب القصة القصيرة، والرواية، والشعر، والمقالة النقدية، نشر عدة مقالات بصحف عراقية. شارك في العديد من الأمسيات والملتقيات والندوات الثقافية في العراق.
نبدا كما العادة في سؤال عن المرجعيات والمصادر في الطفولة والنشأة الأولى، التي دفعت بك الى الكتابة، وتحديدا كتابة الرواية؟ الحديث عن طفولتك

  • مرجعياتي الأساسية منذ طفولتي المبكرة هي كوابيسي وأحلامي الطويلة المتصلة بأحلام اليقظة والواقع البائس الذي كنا نعيشه في نهايات ستينيات القرن المنصرم وبدايات السبعينيات الذهبية، كانت السينما هي النافذة الوحيدة التي نطلُّ منها على العالم والاطلالة تلك من مكان ضيق ومظلم إلى نافذة تُطلق نوراً هائلاً كنور القمر والنجوم، حتى صارت لي زوّادة خيال ولسان حكّاء يُطلق الحكايات الخيالية التي تُسيطر على عقول وأفكار أترابي في أزقة مدينة الثورة، مِن هناك ومن المرحلة الشفاهية في تأليف الحكايات المُرتجَلة ووصولاً لأول قصة كتبتها في منتصف السبعينيات تكوّنت لدي ذخيرة وعي سردي قادر على لملمة شظايا رؤى وأحلام وأنصاف حكايات جمعتها في نص سردي بسيط، ثم إنني حين اكتشفتُ المكتبة العامة في منطقة (الكيارة) مكتبة العباس بن الأحنف تغيّر كل شيء حين تعرّفت على سلامة موسى ونجيب محفوظ ومكسيم غوركي وفكتور هوجو ودوستويفسكي صار العالم في نظري ملوّناً وغريباً يتّسع حيناً ويضيق حيناً آخر، وكان لقائي بالقاص العراقي الكبير جمعة اللامي نقطة تحول كبيرة في حياتي حين أخذ بيدي وقادني إلى مكمن السِّر في بؤرة خفية لن يراها الا أُناس قليلون جداً، ثم انني حين قرأتُ مجموعتهُ القصصية الأولى (مَن قتل حكمة الشامي) أصابني هوس غريب في عشق القصة القصيرة تلك القصة التي رفضتْ القولبة وصارت تدخل في مديات تجريب غير متناه، وهكذا وُلدت قصتي الأولى التي كانت عبارة عن مرانٍ وتدريب طويل وممل سيُمهّد لي الطريق وصولاً إلى عوالم الرواية القادمة التي فَتحت لي آفاقا واسعة جداً. …..
    بدات فعل الكتابة من خلال مجموعة مشتركة في بداية الثمانينيات، مع عبد الستار البيضاني، وشوقي كريم واخرين.. ما المشترك بين هؤلاء في الأسلوب او الموضوع، لتكون لهم مجموعة مشتركة؟
  • كُنا في بِداياتنا في مطلع ثمانينيات القرن المنصرم وقد حقق كل مِنا بِضع قصص منشورة في الصحف اليومية وفي مجلة الطليعة الأدبية، وحين فكّرنا بطباعة أول مجموعة قصصية واجهنا مصاعب جمّة من ضمنها ثمن الطباعة والأخطر من ذلك كانت الرقابة الحكومية على المطبوعات ومع كل ذلك اتفقنا أنا وشوقي كريم وعبد الستار البيضاني وعلي حميد عودة وحسن متعب الناصر أنْ نشترك في كتاب واحد وكل منا يشترك بثلاث قصص، أكملنا كل ذلك واتفقنا مع الراحل يوسف عبد المسيح ثروت أنْ يَكتب لنا المقدِّمة وقبْل كل ذلك فاتحنا الكاتب المهم الراحل (محمد شمسي) أن يُساعدنا بتجاوز جدار الرقابة المخيف وقد حقّق لنا ذلك باعجوبة، ثم صدرت مجموعة (أصوات عالية) والمُشترك بيننا في هذه المجموعة قدرة التحدي وتجاوز مطبات الآخرين من كُتّاب حكوميين ونُقّاد مُعلَّبين فضلاً عن أنّ همومنا واحدة تقريباً فنحن نعشق التجريب ولا نلتزم بالحدود المرسومة لنا في الكتابة وفوق كل ذلك فنحن أساساً كُنا مبعدين مِن قِبل (جنات النظام! !) واهتمامه بالأقلام الشابة بل انّ البعض من كُتّاب النظام احتجَّ على عنوان مجموعتنا (أصوات عالية) قائلاً: " إذا كان هؤلاء هم الأصوات العالية في القصة فمن نحن اذن؟!!". . المساحة المشتركة بيننا نحن الخمسة كانت واسعة ومتداخلة ابتداءً من الوضع الاجتماعي مروراً بالمرجعِيات والقراءات الواحدة والمناخات السائدة وطقوس الكتابة واتجاهاتها ومبدأ التجريب السردي ومحاولة الدخول في تجارب سبَق أنْ مرَّ بها الكُتّاب الستينيون في العراق والوطن العربي، ومن هنا خرجَت قصص المجموعة متناغمة متَّسقة في هارموني سردي يستحق أنْ يُشكِّل بداياتنا الحقيقية في الكتابة. …..
    مجموعة (تضاد) التي ضمتك مع عبد الرضا حميد، وإسماعيل عيسى، كانت اول مجموعة سردية في المشهد الروائي العراقي على حد علمي، ما الذي كانت تسعى اليه هذه المجموعة؟ وما الذي تبقى منها؟
  • بعد تجاوز مرحلة (أصوات عالية) وحين أصدرنا رواياتَنا وأصبحنا أسماء يُشار إليها بالبَنان في الوسط الثقافي فكَّرنا أنْ نُؤسس لجماعة أدبية سردية تُعنى بالكتابة القصصية المغايرة وهو ما يصب في الشغف ذاته -التجريب- أنا مع شوقي كريم وعبد الرضا الحميد والمرحوم اسماعيل عيسى بكر، هذا التأسيس هو أشبه بانقلاب سردي مبكِّر للتقاليد القصصية الراسخة في الوسط الثقافي، فقد رفضنا مصطلح (القصة القصيرة) الذي يفتقر إلى المحلية والأصالة لأنه مصطلح أوروبي جاءنا عبر تلاقح وتأثر ثقافي، ثم وضعنا ما نريد حيث سنسمي القصة القصيرة مرئى معتمدين على خبايا التراث العربي الاسلامي المحتجز في الرفوف والكواليس والخزانات المغلقة السرية وضربنا البُنى الأرسطية في البداية والوسط والنهاية وتَنامي الحدث السردي وما إلى ذلك، وحين عُدنا إلى تراثنا العربي وجدنا بدايات القصة العربية القديمة منذ مقامات الحريري وبعض نصوص الجاحظ وكذلك في تواريخ مروج الذهب والطبري وحكايات ألف ليلة وليلة وكذلك الكتب الصفراء في التراث الشيعي من قصص وأدعية ومقاتل و و و وأشياء كثيرة، كتَبنا مقدِّمتَنا النظرية مصحوبة بتلك النصوص التي لا تنتمي لأية مدرسة غربية أو نص ستيني فقد قطعنا صِلتنا مع الجميع الا مع أنفسنا ونُصوصنا وتراثنا، وقد سبقنا شعراء كثيرون في العراق وبيروت لتأسيس الجماعات الأدبية هم في الشعر ونحن في السرد وقد حققنا ما نريد. . و(تضاد) كانت محطة مهمة جدا لتجاربنا السردية فضلاً عن أهميتها في تحقيق تحولات مفصلية للقصة العراقية في مسيرتها الحافلة بالتجارب المهمة منذ ثلاثينات القرن المنصرم وحتى لحظتنا هذه. …
    كتبت الشعر وما زلت، هل هو منفذ اخر لما يعتمل داخلك، ولماذا الشعر؟
  • بداياتي أصلاً كانت شعرية، حيث أنني كتبتُ الشعر قَبل أنْ أكتب القصة، كنتُ مهووساً بكتابة القصيدة العمودية ولم أكن أعرف الأوزان ولا البحور لكنني تعلمت الايقاع والموسيقى الداخلية للجملة الشعرية، قراءاتي الشعرية كانت كثيرة لكن القصة القصيرة قطعتْ الدرب على الشِّعر وصارت هي المُتسيِّدة فبقي الشِّعر حالة ثانوية في مجال اهتماماتي، أكتبُ في فصل الراحة بعيداً عن السرد في خلوتي وسفَراتي وحالات عشقي وحبي وحزني وفرحي وفي المناسبات الدينية أيضاً، لذلك صار الشِّعر عندي هاجساً شخصياً قوياً لا أُزاحم فيه الشُّعراء الكثيرين في الوسط الثقافي ولا أتنافس معهم لا في المهراجانات ولا في مجالات النَّشر، أكتب وأقرأ لأصدقائي المُقربين وأُخبئ نصوصي وقد أنشرُها في مجلات عربية في بيروت والخليج العربي، ثم صِرتُ أصدر الدواوين الشعرية ابتداءً من ديوان (عَلوي الهوى) إلى ديوان (سأَتبعُ خُطاك حتى خريف الغابات) المطبوع في اسبانيا وصولاً إلى دواويني الثلاثة الأخيرة المطبوعة في بغداد، أكتب القصيدة العمودية قصيدة التفعيلة وقصائد النثر وأحيانا أشترك في مناسبات شعرية داخل العراق وخارجه، لكن عموماً الشعر بالنسبة لي فُسحة ملونة أو حديقة أزهار بعطر أخّاذ وعطلة سردية طويلة بعيداً عن الكتابة والقراءة، الشعر عندي الآن بدايات لنهاية ما لأنه هو الأول في الكتابة وبدايات مشوار حياتي وبدايات الخلق الأول، موسيقى وايقاع ورقصة أشبه بصلاة ثَم شِعر يُحاكي القدرات الغيبية للوجود على الأرض أما السرد فهو يوثِّق كل ذلك بقصص وروايات. …
    معظم ما كتبت من أعمال روائية وقصصية، بعد سنوات سجنك كان عن الاعتقال ومآسيه هل ينتمي ذلك الى أدب السجون الذي يفترض أن يكون الكاتب مقيد في مكان ضد إرادته، أو يمكن أن تكون الأدبيات حول السجن، أو عن مرحلة قبله، أو مكتوبة أثناء إقامة الكاتب في السجن. بماذا تصنفها.
    كنتُ وما أزال أدعو جميع الزملاء من كُتّاب الروايات والقصة القصيرة أنْ يهتموا بأدب السجون لأنه أدب انساني عالمي جرَّبته جميع شعوب الأرض خصوصاً تلك الشعوب التي مرت بمآسي الدكتاتوريات الوحشية التي تركت آثارها في النفوس والبلدان وفي كل شيء، مِن هنا قرّرتُ أنْ أكتبَ ضمن هذا المفهوم وأؤسس لمصطلح (أدب السجون)، وصرتُ أشترك في أي تجمع أو مُلتقى يهتم بأدب السجون سواء في العراق أو خارجه حتى برنامجي الاذاعي الذي أُعدُّه وأقدِّمه في إذاعة جمهورية العراق بشَّرت من خلاله بأدب السجون وقرأتُ من خلاله مقالات وأبحاثاً ودراسات ونصوصاً كلها تتحدث عن هذا الأدب، بل انني أعتقد أنّ النصَّ الذي يكتبه السجين وهو في سجنه حتى وانْ كان خارج سياقات السجن وتفاصيله هو من أدب السجون أيضاً، كتبتُ الكثير عن ذلك في رواياتي؛ (صحراء نيسابور)، (مأوى الثعابين)، (أعوام الذئب)، (تابو)، وكذلك في روايتي الأخيرة التي ستصدرُ قريباً (سيرة موجزة للألم) حيث وضعتُ فيها يوميات السجن زائداً الوثائق الأمنية السرية التي عثرتُ عليها في احدى دوائر الأمن بعد سقوط النظام، وكانت تُتابعني خطوة بخطوة في سنوات دراستي في الجامعة المستنصرية وهي عبارة عن تقارير مكتوبة عني بيد زميلتي في الدراسة، وكذلك توجيهات وملاحظات ضابط الأمن المُكلَّف بمراقبتي وتصويري بكامرته السرية، ثم وصلت إلى استنتاج أنّ أدب السجون هو في الحقيقة أدب الحياة وأدب الحرية المُفتقدة ولدينا من الوثائق الخاصة بحياتنا ما يملأ خزانات كبيرة وكثيرة، وعلى مؤسسات الشهداء والسجناء أنْ يهتموا بها ويتفقوا مع كتاب القصة والرواية ليستفيدوا من تلك الوثائق بعقود كتابة ونشر مقابل مكافأة مالية مُجزية على أنْ تتعهد بطبع ونشر هذه النصوص وتوزيعها داخل وخارج العراق. …
    هل كتبت إذن في فترة السجن؟ فأنا اعتقد انك نشرت خلال تلك الفترة وسربتها الى خارج السجن بل الى دار نشر في اسبانيا؟ ما تعليقك على ذلك؟
  • نعم كتبتُ في فترة السجن التي امتدت لأربع سنوات، كتبتُ فيها الكثير من المقالات والقصائد والقصص القصيرة فضلاً عن عدة روايات؛ (صحراء نيسابور) و(مأوى الثعبان) و (أعوام الذئب)، وكل أحداث هذه الروايات تدور في معظمها عن الحياة داخل السجون أو مراحل التحقيق الأولى في دوائر الأمن في بغداد والتعذيب اليومي والتعلّق على الأسلاك كالعصافير المكهربة بأسلاك مخصصة لأصابع القدمين وأصابع اليدين. . أما النصوص التي سرَّبتُها إلى خارج أسوار سجن (أبو غريب) فهي قصائد ديوان (سأتبع خطاكِ حتى خريف الغابات) وأوصيتُ ابني(زيد) حال حصوله على هذه النصوص أنْ يبعثها إلى الصديق الروائي (محسن الرملي) الذي كان يمتلك داراً للنشر في اسبانيا وقد وعدني هو بأنه سينشر لي أي شيء حالما يصله سالماً إلى أسبانيا، وفعلا وصلتهُ المجموعة الشِّعرية وقام بنشرها مشكوراً ولم أحصل على نسخة منها الا بعد سقوط النظام وسَفري إلى الأردن حيث عثرتُ على نسختين منها عند الأصدقاء هناك.
    روايتك (حرائق ايروس) تختلف تماما بفكرتها وأسلوبها، وهو ما لم يعتد منك المتلقي، حدثنا عن ذلك، وما سبب الكتابة، فهي رواية تتناول التصوف، وملكوت الجسد، ولكنك أيضا تدين سنوات القمع للنظام السابق بسخرية؟
  • بعد خروجي من السجن وأثناء عملي في مجلة الشبكة كمحرر ثقافي بدأتُ أُفكّر بكتابة رواية تختلفُ جذرياً عن تَوجُّهي العِرفاني في السرد خصوصاً في رواية (صحراء نيسابور)، قلتُ ينبغي أن أدخلَ ملكوت الجسد من خلال الغوص في المفهوم (الأيروتيكي) مُبتعداً قدر الامكان عن (البورنو) فأنا في المحصِّلة لستُ كاتباً سوقياً أو تجارياً، ينبغي أن أتناول لوحة الجسد كما لو كان يرسمُها خيرة رسامي العالم يمكنني اذن أنْ أرسم الجسد عبر السرد ولكن كان هناك ما يَشغلني ويَسحبني بعيداً عن كل هذه الاهتمامات وكيف أن أدين النظام السابق، لذلك (فحرائق ايروس) ليست رواية تصوُّف انما هي رواية الجسد بكل تفاصيله ولكن من خلال ادانة النظام السابق، وحين خطّطتُ لذلك صارت الرواية على شقّين الشق الأول هو الجسد والشق الثاني هو ادانة النظام والرابط المشترك بين الاثنين هو العضو الذكري الذي يلعب دورا غرائبياً في أحداث الرواية، وكانت مساحة الحدث في هذه الرواية هي فترة الحرب العراقية الايرانية وغياب الرجال حين ذهبوا إلى الجبهات وماتوا هناك، وقد احتل أماكنهم بشر آخرون قادمون من وراء الحدود من الدول العربية الشقيقة وكان ما كان وحدث ما حدث وكان (عبود) بطل الرواية يصول ويجول في طول الرواية وعرضها حاملاً مكرمات القائد الضرورة!! العالية إلى حياته في المعتقل والمحجر الضيق وتعذيبه والتنكيل به وصولا ً إلى قتله وظهور كاتب الرواية في النهاية ليُعلن عن مقتل المشرف على السجن مع زوجته، وهكذا تدور الأحداث في دائرة مغلقة المركز فيها هو (عبود) وعضوه الذي حصل على شارة الحزب كمناضل ثوري في أسِرَّة الرفاق الغائبين عن حيواتهم الزوجية الدافئة وهم يدافعون عن حياض الأسرة الحاكمة والقبيلة وقوانينها التي ساقت العراق إلى المحرقة. …
    في (تابو) والتي تدين فيها عصر النظام الدكتاتوري وبالوقت نفسه وعصر الديمقراطية المزيفة الأن. . نلاحظ أن الرواية مقسمة الى اقام وفروع، مالغرض من ذلك، ألا يشتت ذلك تركيز المتلقي؟ وماذا عن الشخصيات التي أزدحمت بها الرواية، والتأثير الواضح بالواقعية السحرية؟
  • رواية تابو تُشكِّل لوحدها منظومة سردية غاية في التعقيد والتشابك لكثرة أحداثها وزحمة شخصياتها سواء المركزيين أو الثانويين أو حتى الكومبارس الذين يَظهرون ويختفون لمرة واحدة، ثمة شخصيات منسية هائلة العدد وكلها تُريد الدخول من باب واحد دفعة واحدة، فتَصوَّر أنتَ ما سيحدث حين دخولهم حاولتُ قدر الامكان أنْ أُرتّب هذا الدخول المُستعصي وقد دخلوا فعلاً وكل واحد احتل له صفحة او صفحتين وربما ثلاث وأنا في الحقيقة كنتُ قد بدأتُ بأكثر من رواية وتركتها وهذا -سر أبوحُ به لأول مرة- لذلك حينما ابتدأت ب (تابو) جمعتُ الروايات المقطوعة وصيرت منها أقساماً وفصولاً طويلة وفيها أيضا الحياة داخل السجون فضلاً عن غرائبيات تلك الحياة سواء داخل السجن أم خارجه، لأنهما يصُبّان في ذات المرتكز الذي أتناوله في اجابتي، نحن مخضرمون بطبيعتنا السياسية حيث مررنا بفترتين متنافرتين: فترة الدكتاتورية وفترة الديمقراطية! ويا لها من ديمقراطية مرتجاة، كانت خيبة أمل كبيرة وفشلاً ذريعاً وقتلاً للفرحة المؤمَّلة حيث ذهب صدام السفاح وجاءت صدامات لصوص وقتلة ومتآمرون وطائفيون ودواعش وارهابيون في ثياب أنيقة وسيارات فارهة في موديلات حديثة، تصور أنتَ واقعاً كهذا كيف يمكننا أن نتناوله! ! هل تفيد الطريقة الكلاسيكية التقليدية في السرد؟ أبدا لا تنفع، الواقع بحد ذاته سوريالي فما بالك أن تتصوره كسرد يملأ رواية كبيرة لابد اذن اللجوء إلى الغرائبيات والواقعيات السحرية والعبث والجنون والخروج عن العقلنة وقد لجأت لكل هذه المسميات حتى أعطي لتابو حقها في الظهور الحقيقي الصادق لأنها كانت صادقة حد الموت وحد الانتحار لأن الكثير قالوا انها رواية انتحارية لأن كاتبَها مُغامر خطير لأنه كشف عورة هؤلاء اللصوص والقتلة، والحقيقة أقول أنني كنتُ أنتظر رصاصة الرحمة تلك التي ستخلصني من ذلك الخوف المُقيم من هؤلاء. …
    لديك رصيد زمني قارب الأربعين عاما في الكتابة، ما الذي تخبرنا فيه عن الحركة النقدية في العراق، وهل استطاعت أن تواكب النتاج الإبداعي في السرد العراقي؟
  • نعم لدي رصيد كبير في الكتابة يمتدُّ لأكثر من أربعين سنة عشتُ فيها حروباً كونية وحروباً أهلية وانتفاضات وسجوناً وفتناً طائفية عبر عهدين أسودين هما الدكتاتوري والديمقراطي وهما وجهان لعملة واحدة، حيثُ عبرت أكثر من محطة في تلك المسيرة المُرّة في التجريب والتخريب في قوانين السرد النمطية والقفز على متواليات الزمن السردي وتخصيص ايقاع خاص بي في السرد والشعر والحياة معتقداً أنّ الكتابة ضرب من الصلاة لذلك فقبلَ أنْ اشْرعَ بالكتابة أسبغ الوضوء معتقداً أنني أدخل محراب السرد المقدس وهو حقيقة أؤمن بها كثيراً. . _ أولا أنا الناقد الأول لنصوصي لأنني نادراً ما أعرضها على الأصدقاء لأنّ ذلك يُسبّب لي صُداعاً فكل صديق لديه وجهة نظر فيما يقرأ وعليك أنتَ أنْ تُصحح على ضوء ما يقرأون وهذا وقت ضائع، أعتقد الاعتماد على النفس والثقة بها هو ما يجب أن يؤمن به الكاتب لكن لابد من وجود ناقد متخصص يقرأ نصوصك يناقشك ثم يكتبُ عنها بما يُمليه عليه ضميره الأدبي والانساني والنقدي، فنقاد زمن النظام السابق لا يُعوَّل عليهم كثيراً الا ما ندَر منهم حيث هناك أسماء كبيرة وراسخة ومهمة جداً وقد تركت اِرثاً نقدياً هائلاً ولكنهم يُعدّون على أصابع اليد الواحدة، أما نُقاد الزمن الديمقراطي فحدِّث ولا حرج لأنّ الطفيليات التي ظهرت من خلال الفيس بوك في كتابة الرواية والشعر ظهرت أيضاً في مجال النقد وحتى لا أبخس الناس أشياءَهم أيضا ثَمة أسماء محترمة مازالت تقرأ وتكتب بجدية وصرامة وهم أيضاً قليلون لأن العملة النادرة هي قليلة جداً لأنها نادرة وأنا أحمد الله وأشكرهُ لأنني حِزتُ على رِضا الكثير من نقاد الزمن الغابر والزمن الحالي وهم من خيرة نُقاد العراق الذين نعتز بهم ولا أريد أن أذكر الأسماء مَخافة أن أنسى أحداً منهم ولا أقوى على زعله ….

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

نتنياهو يفتح النار على بايدن بعد فوز ترامب

فيتو أمريكي ضد قرار "وقف إطلاق النار" في غزة

"قلق" من تدهور الثروة السمكية في العراق.. الخسائر 400 مليون دولار سنوياً!

التخطيط تكشف آخر مستجدات التعداد السكاني

تطورات الحرب تنذر بخطورة في العراق.. رسائل التهديدات الإسرائيلية وصلت عبر دولة إقليمية

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مئوية نازك الملائكة

موسيقى الاحد: المتحف البريطاني

الفائزة بالبوكر العالمية تروي رحلتها الأدبية إلى الفضاء!

حميد المختار: الطفيليات التي ظهرت في الفيس بوك في الرواية والشعر ظهرت أيضاً في مجال النقد

الخوف من الموت.. عندما تستعين بالشيخوخة والموت

مقالات ذات صلة

حميد المختار: الطفيليات التي ظهرت في الفيس بوك في الرواية والشعر ظهرت أيضاً في مجال النقد
عام

حميد المختار: الطفيليات التي ظهرت في الفيس بوك في الرواية والشعر ظهرت أيضاً في مجال النقد

حاوره/ علاء المفرجيالقاص والروائي حميد المختار، ولد في بغداد، وحصل على بكالوريوس مكتبات ومعلومات من الجامعة المستنصرية ببغداد عام 1985.عمل في المسرح كاتبًا ومخرجًا وممثلًا. أعتقل بعد مشاركته في انتفاضة 1991، وحكم عليه بالسجن...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram