اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > التنويم الإيحائي والجريمة

التنويم الإيحائي والجريمة

نشر في: 9 ديسمبر, 2012: 08:00 م

التنويم الإيحائي أو ما يسمى عند البعض التنويم المغناطيسي (Hypnosis) عبارة عن حالة ذهنية مسترخية، والتنويم الإيحائي هو حالة طبيعية جدا تحدث بصورة طبيعية وتلقائية لدى كل شخص عدة مرات يومياً، مثلاً عندما تستغرق في قراءة كتاب معين، وعندما تركز كل التركيز في مشهد أو فيلم معين، فهذه كلها حالات طبيعية من التنويم الإيحائي، حيث ينصب التركيز الذهني الشديد الذي يضع كل الأشخاص والأشياء من حولك خارج نقطة التركيز تلك فحسب - منظمة الصحة العالمية 90% - من عامة السكان لهم القابلية للتنويم الإيحائي.

عُرِف التنويم من عهود بعيدة كوسيلة علاجية عند قدماء المصريين والإغريق واليونانيين، حيث يلجأ المرضى إلى معابد النوم، ليقوم الكهنة بطقوس لتنويمهم وتحليل أحلامهم لتشخيص حالاتهم المرضية ومن ثم تلاوة التعاويذ والصلوات عليهم لشفائهم من أمراضهم. أول شخص اقترن اسمه بالتنويم في العهد الحديث هو الطبيب النمساوي - أنتون مسمر- الذي أتى بنظرية- المغناطيسية الحيوانية- التي تفترض أن جسم كل كائن حي يحتوي على سائل مغناطيسي غير مرئي، يسري بتوافق وانتظام في جميع أرجاء الجسم؛ وفي حالة اضطراب سريان هذا السائل أو نقصه أو ركوده يعتل الجسم عضويا أو نفسياً. وإذا عرفنا أن العقل الباطن يمثل حوالي 90 % فإن أي خلاف بين العقل الواعي والعقل الباطن يكون غالبا لصالح العقل الباطن.

والعقل الباطن يمثل بنك المعلومات والذكريات والرغبات والعادات، والعقل الباطن قادر على تسجيل 50 لقطة في الوقت الواحد، على خلاف العقل الواعي الذي يدرك لقطتين في الوقت الواحد لا أكثر، وعلى سبيل المثال فإنك عندما تتحدث إلى آخر فإنك تركز العقل الواعي  في كلامك أو كلامه وقد تكون اللقطة الثانية رؤيتك لعينيه، أما العقل الباطن فيسجل إضاءة الغرفة ودرجة حرارتها ولون ملابسه، وأي ضوضاء خارج الغرفة وغير ذلك. ومشكلة العقل الباطن ترتيب الأشياء بأي شكل أو دون منطق.

كما ذكرت سابقا فعملية التنويم عبارة عن تغير في حالة الوعي مع استرخاء بدني وعقلي عميق سامحاً لكل الإيحاءات المرغوبة للمريض بالوصول إلى العقل الباطني لتغيير نظم معتقداته ولإحداث التغيير المطلوب الذي يؤدي إلى شفائه أو تخليصه من كل العوامل السلبية في حياته، وعملية التنويم تمر بثلاث مراحل انتقالية تحدث بها تغيّرات فسيولوجية (جسدية) وسيكولوجية (نفسية) وتختلف مدة ثباتها من شخص لآخر وهي كالآتي: المرحلة الأولى وهي المرحلة التي يشعر فيها الشخص بالكسل والذي يسمى (بالكسل المرضي) ويشعر فيها بالاسترخاء وتتجمد العينان وبعض من الأعضاء الجسدية، والمرحلة الثانية يشعر الشخص فيها بتغيّرات في الذوق والشم، ويبدأ في فقد بعض من المعلومات من الذاكرة ويبدأ بفقد جزئي للإحساس بالألم، والمرحلة الثالثة هي المرحلة الأخيرة التي يشعر فيها الشخص ببعض من الهلوسات البسيطة والتي يذهب بعدها الشخص في نوم عميق.

الطب الحديث يعترف بالتنويم كوسيلة علاجية مكملة ومنذ منتصف هذا القرن أوصت الجمعيتان الطبية الأمريكية والجمعية الطبية البريطانية بتدريس طلبة الطب وتدريبهم على التنويم كوسيلة علاجية في مختلف التخصصات.

والآن يمارس التنويم بواسطة الأطباء الباطنيين في علاج الأمراض - النفس جسدية - مثل القولون العصبي والربو الشعبي والصداع النصفي. أما الأطباء والاختصاصيون النفسيون فيستغلون التنويم لممارسة العلاج النفسي إذ إن الشخص المنوم يستجيب لهذه المعالجات بصورة أسهل وأسرع، لاستطاعة المعالج استرخاء المريض بصورة أعمق مع تجنب تدخل العقل الواعي المحلل المنتقد في عملية العلاج. من المفاهيم الخاطئة حول التنويم الإيحائي أن الإنسان تحت تأثير التنويم يفعل أي شيء يطلب منه، وان الإنسان تحت التنويم لا يدرك تماماً ما يدور حوله، وان الممارس للتنويم يستطيع أن ينوم الآخرين كما يشاء ويسيطر عليهم. إن النائم يتكلم عن أسراره الشخصية رغم إرادته، وإن التنويم عملية لا يمتلكها إلا أصحاب القوة والسيطرة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: العميل "كوديا"

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram