الموصل / سيف الدين العبيدي
احتضنت مؤسسة تراث الموصل مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية، الذي يركز على قضايا حقوق الإنسان والاهتمام بالبيئة ومكافحة التصحر عبر السينما، التي فقدت جزءاً كبيراً من حضورها في مدينة أم الربيعين.
تضمن المهرجان 22 فيلماً عراقياً وأجنبياً من إنتاج مخرجين مبتدئين، واختير منها ثلاثة أفلام فقط للعرض النهائي بعد منافسة كبيرة. وشملت الأعمال المختارة فيلم «جمال العراق الخفي»، وهو إنتاج عراقي-بلجيكي، وفيلماً فرنسياً من نوع الأنميشين يتناول قضية التغير المناخي وأهمية زيادة التشجير والزراعة، وفيلم موصلي بعنوان «عزوز»، الذي يروي قصة طفل دُمرت دراجته على يد تنظيم داعش خلال نكبة الموصل، لكنه اليوم أصبح أحد أبرز سائقي الدراجات في المدينة، وشارك في العديد من السباقات ويطمح للتنافس على مستوى عالمي.
انطلق المهرجان في بغداد في 17 تشرين الثاني، ومن المقرر أن يختتم فعالياته في 20 تشرين الثاني بجولة تشمل الجانب الأيمن من الموصل وناحية بعشيقة، حيث سيقام عرض خاص داخل كنيسة. يعد هذا العرض الثاني للمهرجان في الموصل بعد عرضه الأول عام 2023، إلى جانب عروض أخرى أقيمت في أربيل، البصرة، وبعض المدارس في بغداد.
أوضح أحمد كريم، منسق المهرجان، في حديثه لـ(المدى)، أن الفعاليات تستهدف الطلبة والمثقفين والمناطق المحررة بشكل عام. وأضاف أن فيلم «جمال العراق الخفي» حصل على جائزة أفضل عمل ضمن فئة الأفلام الطويلة، ويتناول حياة المصور العراقي لطيف العاني. تم إنتاج الفيلم قبل أكثر من ثلاثة أعوام وقبل وفاة العاني بستة أشهر، حيث توفي في عام 2021 عن عمر ناهز 89 عاماً.
يروي الفيلم تفاصيل حياة العاني الذي عاصر جميع ملوك ورؤساء العراق في العصر الحديث، ويُعرض بصوته، متضمناً مشاهد وثّقها في بغداد ومدن عراقية أخرى، مثل الموصل ودهوك. توثّق عدسته حقبات زمنية مختلفة من خلال كاميرا "كوداك"، بدءاً من الملك فيصل الثاني وأحداث نهاية العهد الملكي، وصولاً إلى الرئيسين أحمد حسن البكر وصدام حسين. عُرف العاني بابتعاده عن السياسة، حيث ركّز على توثيق الحياة اليومية والتغيرات الاجتماعية والثقافية. وتشير الإحصائيات إلى أنه التقط نحو 200 ألف صورة على مدار مسيرته المهنية.
وأشاد الجمهور بالمبادرة لعرض أفلام وثائقية تسلط الضوء على تاريخ العراق وشخصياته. أعرب الحضور عن تأثرهم العميق بفيلم «جمال العراق الخفي»، الذي أظهر العراق في حقبتي الستينيات والسبعينيات، مقارنة بما آل إليه اليوم، داعين إلى إعادة بناء دور السينما في الموصل.
وفي هذا السياق، قال وضاح خضر، مدير تجمع السينمائيين في نينوى، لـ(المدى): «منذ تحرير المدينة، نسعى لإعادة إنشاء دور السينما التي بلغ عددها في ثمانينيات القرن الماضي نحو 50 داراً، وهو عدد يقارب السينمات الموجودة في بغداد آنذاك». وأوضح أن حب الموصليين للسينما كان يفوق اهتمامهم بالمسرح، حيث كانت العائلات تحضر بكثرة للعروض.