محمد العبيدي/ المدى
مع انتهاء المرحلة الثانية من إجراء التعداد السكاني في العراق، أُثيرت تساؤلات بشأن تأثيره المحتمل على تركيبة مجلس النواب، حيث يُنتظر أن يُحدث تغييرات إدارية وسياسية كبيرة تتعلق بتوزيع المقاعد النيابية وفقاً للنسب السكانية الحديثة. ويُتوقع أن يُحدث التعداد جملة من التغيرات الإدارية والاقتصادية، من بينها تغيير تركيبة مجلس النواب، فوفقا للمادة (49 أولاً) من الدستور يُحدد عدد النواب بمعدل نائب واحد لكل 100 ألف نسمة. وفي حال قرر مجلس النواب، تطبيق المادة الدستورية، بعد إجراء التعداد السكاني، فإن عدد أعضاء المجلس سيكون 430 - 450 نائباً، حيث تشير التقديرات إلى أن عدد سكان العراق وصل إلى ما بين 43 إلى 45 مليون نسمة.
تفسيرات متباينة
بدوره، أكد الخبير القانوني علي التميمي، أن "هناك تفسيرات متعددة لهذه المادة الدستورية، وهناك من يرى أن الـ 100 نسمة هم الناخبون فقط، وليسوا أفراد المجتمع وهذا غير صائب"، مشيراً إلى أن "زيادة عدد مقاعد مجلس النواب بشكل مضطرد غير منطقي، باعتبار أن الزيادة ستكون 40 مقعداً كل 4 سنوات".
وأضاف التميمي لـ(المدى) أن "على مجلس النواب توجيه كتاب إلى المحكمة الاتحادية باعتبارها المختصة في تفسير المواد الدستورية المختلف عليها، لمعرفة رأيها بشأن هذه المادة، وتوجيهها بما يخدم المصلحة العامة".
من جهته، قال النائب الأول لرئيس لجنة الأقاليم النيابية، جواد اليساري: إن "أعداد مقاعد كل من مجلس النواب كذلك مجالس المحافظات، حُدّدت بحسب أرقام تقديرية لنسمات سكان كل محافظة، لذا نتوقع ارتفاع عدد تلك المقاعد بعد إجراء التعداد السكاني، الذي سيكشف الأرقام الحقيقية لأعداد كل منطقة ومحافظة". وأضاف اليساري، في تصريح صحفي، أن "نفوس العراق أكثر بكثير من الأرقام التقديرية التي تعتمد عليها وزارة التخطيط وباقي مؤسسات الدولة المختصة"، مؤكداً أن "هذه الزيادة سوف تساهم برفع نسبة ممثلي المواطنين سواء في مجلس النواب أو بمجالس المحافظات، كما أن الزيادة في المقاعد ستُكشف ما بعد إعلان نتائج التعداد في كل محافظة". وعندما طالب نواب سابقاً بزيادة أعداد مقاعد مجلس النواب، فإن المحكمة الاتحادية رهنت الأمر بإجراء التعداد السكاني، حيث تم اعتماد تقديرات سكانية قديمة تشير إلى أن عدد سكان العراق 32.9 مليون نسمة، ما أدى إلى تحديد عدد أعضاء البرلمان بـ329 نائباً فقط.
إصلاح شامل
بدوره، أكد الخبير في الشأن العراقي، رمضان البدران، أن "عدد النواب ليس لا يمثل مشكلة في الوقت الراهن، وما يجب فعله هو تحسين التمثيل السياسي، وإيجاد صلات بين الشعب والنائب، الذي يمثلهم، ويسعى لخدمتهم".
وأشار البدران لـ(المدى) أن "ما يحصل حالياً هو أن النواب لا يعرفون ناخبيهم واحتياجاتهم وآمالهم وتطلعاتهم، والناخبون لا يعرفون كذلك سلوك النائب أو نشاطاته، وهذا شيء خاطئ، وينافي الديمقراطية". وتابع أن "مجلس النواب بحاجة إلى إصلاحات تتعلق بالإنفاق، والامتيازات، التي تعاظمت خلال السنوات الماضية، وخرجت عن المألوف". ويأتي هذا التعداد ضمن توجه حكومي نحو تحديث البيانات السكانية وتحقيق التخطيط التنموي، إذ تعتمد البلاد منذ سنوات طويلة على إحصاءات قديمة أُجريت في ظل ظروف مختلفة، ما جعل الحاجة للتحديث ضرورة ملحة.