TOP

جريدة المدى > سياسية > تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

هل يمكن أن تصبح النفايات مصدرًا للطاقة الكهربائية؟

نشر في: 24 نوفمبر, 2024: 12:09 ص

بغداد – تبارك المجيد
تواجه العاصمة بغداد تحديات بيئية كبيرة، أبرزها تلوث الهواء الناتج عن انتشار النفايات في الأحياء السكنية وعلى الطرق الخارجية. ويزيد من تفاقم المشكلة الاعتماد على أساليب تقليدية في التخلص من النفايات، مما يؤدي إلى أضرار بيئية وصحية واسعة النطاق.
في محاولة لمواجهة هذه التحديات، أطلقت أمانة بغداد مجموعة من المشاريع البيئية، من بينها مبادرات لتحويل النفايات إلى طاقة كهربائية، وزراعة الأشجار بهدف تعزيز الغطاء النباتي وتحسين جودة الهواء. ورغم أهمية هذه الخطوات، فإنها تعكس الحاجة إلى حلول أكثر شمولية وفعالية للتعامل مع الأزمة البيئية في بغداد والمدن العراقية الأخرى، بما يضمن تحقيق استدامة بيئية طويلة الأمد
قال عدي الجنديل، مسؤول الإعلام في أمانة بغداد، إن هناك جهودًا كبيرة تبذلها الأمانة لتحسين البيئة في العاصمة بغداد ومواجهة التغيرات المناخية، مشيرًا إلى أن "من أبرز هذه الجهود مشروع تحويل النفايات إلى طاقة كهربائية". وأوضح الجنديل أن "وزارة البيئة تمنع إقامة معامل لتحويل النفايات داخل التصميم الأساسي للمدينة، الأمر الذي استدعى التنسيق مع مكتب رئيس الوزراء لاستحصال موافقة لتحويل ملكية قطعتين من الأراضي، واحدة في منطقة النهروان والأخرى في أبو غريب، بهدف إنشاء معامل تحويل النفايات إلى طاقة كهربائية. وأكد أن هذه المعامل تعتمد آليات صديقة للبيئة ومطابقة للمعايير العالمية".
وأضاف الجنديل لـ(المدى)، أن "المشروع تم طرحه كفرصة استثمارية بالتعاون مع هيئة الاستثمار الوطنية، وقد تقدمت عدة شركات لتنفيذه". وأشار إلى أن "الطاقة الاستيعابية لهذه المعامل في المرحلة الأولى ستصل إلى ثلاثة آلاف طن يوميًا في منطقة النهروان"، مؤكدًا أن المشروع يمثل خطوة تجريبية مهمة في بغداد.
وتابع حديثه موضحًا أن المشروع يتم تنفيذه بمشاركة عدة جهات، من بينها وزارة الكهرباء وهيئة الاستثمار الوطنية ومكتب رئيس الوزراء، بالإضافة إلى وزارات أخرى.
وفي سياق حديثه عن تحسين البيئة، لفت الجنديل إلى حملة التشجير الكبرى التي أطلقتها أمانة بغداد خلال موسم الخريف، والتي تستهدف زراعة 101 ألف شجرة معمرة. وأوضح أن الأشجار المختارة تشمل أنواعًا قادرة على تحمل الأجواء الحارة، مثل الفيكس، الأكاسيا، والسدر، مؤكدًا أن هذه الحملة تهدف إلى تحسين جودة الهواء وترطيب الأجواء في المدينة.
وانتقل الجنديل للحديث عن مشروع آخر وصفه بالمهم، وهو الحزام الأخضر لمدينة بغداد في منطقة قرب أبو غريب، الذي تبلغ مساحته 940 دونمًا. وأشار إلى أنه سيتم زراعة هذه المساحة بالأشجار باستخدام مياه معالجة يتم توفيرها من محطة معالجة مياه الصرف الصحي في جانب الكرخ. وأوضح أن المحطة وصلت نسبة الإنجاز فيها إلى 80%، وستقوم بتحويل مياه الصرف الصحي إلى مياه صالحة للري، والتي سيتم نقلها عبر شبكة أنابيب بطول 7 كيلومترات إلى المنطقة المستهدفة للتشجير. وأضاف أنه سيتم زراعة 250 ألف شجرة معمرة كمرحلة أولى في موسم الربيع المقبل، باستخدام أنظمة ري حديثة مثل التنقيط أو الرش، وذلك لتقليل استهلاك المياه.
وفيما يتعلق بتحويل الأراضي المهملة إلى مساحات خضراء، أكد الجنديل أن أمانة بغداد تعمل على مشروع لتحويل منطقة معسكر الرشيد إلى متنفس طبيعي للعاصمة. وأوضح أن الموقع، الذي كان في السابق مركزًا لتكدس النفايات، سيصبح أكبر حديقة في بغداد بمساحة تعادل عشرة أضعاف حديقة الزوراء الحالية. وكشف أن الأيام المقبلة ستشهد وضع حجر الأساس لهذا المشروع، الذي يُعد خطوة كبيرة نحو تحسين البيئة في المدينة.
أكد، أن "هذه المشاريع تمثل جزءًا من خطة شاملة تعمل عليها أمانة بغداد لتحسين البيئة، والتقليل من التأثيرات المناخية، وجعل العاصمة أكثر استدامة وصديقة للبيئة، مشددًا على أن "الأمانة ملتزمة بتحقيق نقلة نوعية في هذا المجال".
قال الخبير البيئي تحسين الموسوي، إن العراق يعاني من العديد من المشاكل البيئية التي تؤثر بشكل كبير على صحة المواطنين، مشيرًا إلى أن المعالجات التقليدية في البلاد، مثل الطمر والمحارق، لا تساهم بشكل فعّال في حل مشكلة النفايات. وأضاف أن هذه الإجراءات تتسبب في انبعاث الكثير من الغازات السامة التي تؤثر سلبًا على البيئة، خصوصًا في المناطق الحضرية مثل بغداد، التي تشهد توسعًا سكانيًا كبيرًا.
وأوضح الموسوي لـ(المدى)، أن "عدد سكان بغداد قد تجاوز التسعة ملايين نسمة، مما يزيد الضغط على الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والبلديات
وعن تفاقم مشكلة النفايات في العراق نتيجة الاعتماد على أساليب تقليدية وغير فعالة للتخلص منها، تحدث الخبير البيئي خالد سليمان، وقال ان الأمر يترتب عليه أضرار بيئية وصحية خطيرة. وأوضح سليمان في حديث مع (المدى)، أن أنواع النفايات تشمل "البلاستيك، المواد الصلبة، المخلفات الطبية، والمياه الثقيلة، ما يشكل تحديات متنوعة لكل من البيئة والصحة العامة".
أشار سليمان، إلى أن "مدينة البصرة تواجه معاناة كبيرة بسبب تراكم النفايات المنزلية والبلاستيكية، التي تُلقى بشكل عشوائي في قنوات المياه. هذا السلوك يؤدي إلى تحويل هذه القنوات إلى مصدر للروائح الكريهة وانتشار الأمراض، مما يهدد المناطق التراثية الشهيرة مثل شناشيل البصرة. وأضاف قائلاً: "الروائح الكريهة التي تحيط بهذه المنطقة التاريخية باتت لا تطاق، ما يعكس حجم المشكلة".
أما في بغداد، فتطرق سليمان إلى مشكلة المياه الثقيلة غير المعالجة، التي يتم نقلها من وسط المدينة لتُفرغ في منطقة نهر ديالى. وأكد أن هذه الممارسات تتسبب في تلوث التربة وتدمير الكائنات الحية في المنطقة. واصفًا هذه الأساليب بأنها "متخلفة جدًا ولا تناسب دولة يفترض أنها تعيش في القرن الحادي والعشرين".
وفيما يتعلق بالحلول، استعرض سليمان تجربة مدينة السليمانية كنموذج، حيث تعمل إحدى الشركات على معالجة النفايات لإنتاج وقود حيوي يُستخدم في مصانع الإسمنت. وأوضح أن "هذا النوع من الوقود يُعتبر نظيفًا وصديقًا للبيئة، إذ لا ينتج غازات دفيئة مثل الكربون، مما يجعله خيارًا ذا جدوى بيئية واقتصادية. وأكد أن "الحكومة العراقية يمكنها الاستفادة من هذه التجربة وتوسيع نطاقها لحماية التربة والمياه، إلى جانب إنتاج وقود نظيف يدعم الاقتصاد".
وفي ذات السياق، قال كشبين إدريس، رئيس منظمة هسار البيئية، أن المنظمة "تعمل على دعم المبادرات الحكومية لتحسين إدارة النفايات، كما أطلقت مبادرات خاصة وشراكات مع الشركات المحلية لمعالجة هذه القضية". وأكد أن التعامل مع مشكلة النفايات يتطلب تخطيطًا دقيقًا واستراتيجيات واضحة لمعالجة المشكلة بشكل جذرية.
وشدد على أهمية تبني نهج مدروس لتحقيق بيئة أكثر استدامة في العراق، مشيرًا إلى أن الإدارة الجيدة للنفايات يمكن أن تكون جزءًا من الحلول التي تساعد في تحقيق مستقبل بيئي أفضل.
وذكر كشبين، إن "العراق يواجه تحديات كبيرة في إدارة النفايات المتنوعة التي يتم إنتاجها يوميًا"، وأوضح أن هذه النفايات، رغم كونها مشكلة بيئية معقدة، تمثل في الوقت ذاته فرصة اقتصادية وبيئية إذا تم التعامل معها بطرق حديثة ومدروسة. كما أن النفايات غير المعالجة تترك آثارًا سلبية هائلة على البيئة، حيث تلوث الهواء والمياه وتساهم في انتشار الأمراض، مما يزيد من تعقيد الوضع البيئي في البلاد.
وأشار إدريس، إلى أن "النفايات البلاستيكية تمثل تحديًا خاصًا، حيث إنها تحتاج إلى مئات السنين لتتحلل، مما يؤدي إلى تراكمها في التربة والمسطحات المائية، وتأثيرها السلبي على الحياة البرية والنظم البيئية". كما حذر من خطورة حرق النفايات، حيث يؤدي ذلك إلى انبعاث الغازات السامة التي تلوث الهواء وتساهم في تفاقم مشكلة الاحتباس الحراري.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

مقالات ذات صلة

هجوم
سياسية

هجوم "الطوز" يكشف وجود تمويل ومصانع عبوات لـ"داعش"

بغداد/ تميم الحسن بعد 7 سنوات من هزيمة تنظيم "داعش" في العراق، اعترف التنظيم بتنفيذ هجوم "دقيق"، وفقًا لوصف خبراء، استهدف قوات عسكرية شرقي صلاح الدين.الهجوم، الذي أسفر عن مقتل وإصابة 6 عسكريين، بينهم...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram