بغداد/ تميم الحسن
ينوي رئيسُ البرلمانِ الجديدُ محمودُ المشهداني تدشينَ أوّلِ أعمالِه بملفٍّ ساخنٍ يتعلّقُ بالضربةِ الإسرائيليّةِ المحتملةِ للعراق.
ورسميًّا البرلمانَ سيعودُ للاجتماعِ غدًا الثلاثاءَ، بجدولِ أعمالٍ "هادئٍ" بعيدٍ عن القوانينِ الخلافيّةِ.
وكان البرلمانُ قد تعطّلَ لأسبابٍ غيرِ مفهومةٍ لنحوِ أسبوعين منذُ انتخابِ المشهداني رئيسًا للمجلسِ مطلعَ الشهرِ الماضي.
وحتى مساءِ أمسِ الأحد، لم يُبلَّغ النوابُ بوجودِ جلسةٍ "طارئةٍ" ينوي البرلمانُ عقدَها قبل الجلسة الرسمية، بشأنِ التهديداتِ الإسرائيليّةِ للعراق.
ويبدو المشهداني متحمسًا في تصريحاتِه حولَ هذه الجلسةِ، لكنَّ السؤالَ المطروحَ: ماذا يمكنُ أن يقدّمَ البرلمانُ في هذه القضيّة؟
وقال وزيرُ الخارجيّةِ العراقي فؤاد حسين: إنَّ بغدادَ تلقَّت "تهديدًا واضحًا" من إسرائيل.
وأكّد حسينُ، في كلمةٍ خلالَ منتدى في دهوك، أنَّ "القوّاتِ المسلّحةَ تلقّت أوامرَ من رئيسِ الحكومةِ بمنعِ أيِّ هجماتٍ تنطلقُ من الأراضي العراقيّة".
وشدّد على أنَّ العراقَ "لا يُريدُ الحربَ ويسعى لإبعادِ خطرِها"، وفقًا لوكالةِ الأنباءِ الرسميّةِ.
واتخذت بغدادُ إجراءاتٍ أمنيّةً احترازيّةً "غيرَ مسبوقةٍ" على خلفيّةِ تهديداتٍ إسرائيليّةٍ بضربِ العراق.
وفي المقابل، وجّهت وزارةُ الخارجيّةِ العراقيّةُ رسائلَ إلى العالمِ ردًّا على تلكَ التهديداتِ التي يُتوقّعُ أنْ تكونَ وشيكةً.
وبعثت وزارةُ الخارجيّةِ الإسرائيليّةُ رسالةً إلى رئيسِ مجلسِ الأمنِ الدولي للتصدّي لأنشطةِ الفصائلِ العراقيّة.
في حين تستمرُّ الفصائلُ بتطويرِ "مسيراتٍ" وتوجيهِ ضرباتٍ إلى إسرائيلَ، بحسبِ بياناتٍ تصدرُ عن تلكَ المجاميع.
في الأثناءِ، قال رئيسُ مجلسِ النوابِ محمودُ المشهداني: إنَّ البرلمانَ سيبحثُ التهديداتِ الإسرائيليّةَ للعراقِ في جلسةٍ خاصّةٍ اليومَ الاثنينَ.
لكنَّ ثلاثةَ نوّابٍ أكّدوا في تصريحاتٍ لـ(المدى) أنَّه حتى الآنَ (لحظةَ كتابةِ التقريرِ مساءَ الأحدِ)، لم يتمّ إبلاغُهم بعقدِ الجلسةِ.
وقال ثائرُ الجبوري، النائبُ عن دولةِ القانونِ: إنَّه "يُفترضُ أنْ تُعقدَ جلسةٌ طارئةٌ للبرلمانِ حولَ إسرائيلَ، لكنْ لم نُبلَّغْ رسميًّا حتى الآن".
وتتداولُ الأوساطُ السياسيّةُ معلوماتٍ عن وجودِ ما بينَ 30 إلى 40 هدفًا في العراقِ تنوي إسرائيلُ استهدافَهُ بسببِ نشاطِ الفصائلِ المسلّحةِ.
كذلكَ، قال باسمُ الغرابي، وهو نائبٌ مستقلٌّ: "لا توجدُ حتى الآنَ جلسةٌ للبرلمانِ سوى تلكَ المُقرَّرةِ يومَ الثلاثاءِ".
في المقابل، يرى عارفُ الحمامي، عضوُ اللجنةِ القانونيّةِ في البرلمانِ، أنَّ "إسرائيلَ تتذرّعُ لضربِ العراقِ بحجّةِ وجودِ الفصائلِ".
توصيات للحكومة
وأكّد الحمامي أنَّ "البرلمانَ ينبغي أنْ يناقشَ هذا الملفَّ ويقدّمَ توصياتٍ للحكومةِ، لكن لم يتمّ تثبيتُ موعدِ الجلسةِ حتى الآن".
وقد كلّفت السلطاتُ العراقيّةُ، على ما يبدو، وفقًا لوثيقةٍ مُسرَّبةٍ، قوّاتٍ من مكافحةِ الإرهابِ لضبطِ الأوضاعِ الداخليّةِ ومنعِ الفصائلِ من استخدامِ الأراضي العراقيّةِ للحربِ.
ويقول الحمامي: إنَّ "البرلمانَ داعمٌ لخطواتِ الحكومةِ وسيوصي باتّخاذِ إجراءاتٍ لمنعِ حدوثِ الضرباتِ والسعي دبلوماسيًّا لتجنُّبِ الحربِ".
ويرى النائبُ أنَّ إسرائيلَ، بعد أنْ دمّرتْ لبنانَ وفلسطينَ، تسعى لتدميرِ العراقِ هذهِ المرّةِ.
وكان موقعُ "واي نت" الإخباريُّ الإسرائيليُّ قد نقلَ عن ساعر (وزيرِ الخارجيةِ الإسرائيلي) قولَهُ: إنَّ الحكومةَ العراقيةَ مسؤولةٌ عن أيِّ أعمالٍ تحدثُ داخلَ أراضيها أو انطلاقًا منها.
وشدَّد على "حقِّ إسرائيلَ في الدفاعِ عن نفسِها" ضدَّ الفصائلِ التي قالَ إنَّها نفَّذت هجماتٍ على إسرائيل.
وأضاف ساعر: "دعوتُ المجلسَ إلى التحرُّكِ بشكلٍ عاجلٍ لضمانِ وفاءِ الحكومةِ العراقيةِ بالتزاماتِها بموجبِ القانونِ الدولي ووضعِ حدٍّ لهذه الهجماتِ على إسرائيل".
بالمقابل، ترى الجماعاتُ المسلَّحةُ في العراقِ أنَّها تقومُ بـ"أعمالٍ دفاعيّةٍ" ضمنَ مبدأ وحدةِ الساحاتِ الذي تقودُهُ طهران، بحسبِ محلِّلين.
ويقول محمودُ المشهداني، رئيسُ البرلمانِ، في تصريحاتٍ صحفيّةٍ: إنَّ مجلسَ النوّابِ الممثِّلَ للشعبِ لا يقبلُ بالاعتداءِ على سيادةِ العراقِ بأيِّ شكلٍ من الأشكال.
وأكّد أنَّه سيتَّخذُ "كلَّ الإجراءاتِ والخطواتِ ضمنَ المساراتِ القانونيَّةِ والدبلوماسيَّةِ، وندعمُ الحكومةَ خصوصًا بهذا الاتجاه".
وأشار إلى أنَّ "البرلمانَ سيستخدمُ كلَّ الإمكانيّاتِ في فتحِ حواراتٍ وقنواتِ تواصلٍ مع الدولِ المؤثِّرةِ لتجنيبِ العراقِ أيَّ اعتداءٍ أو المساسِ بأمنِه".
وقال: إنَّ "مجلسَ النوّابِ حدَّدَ يومَ غدٍ الاثنينِ موعدًا لعقدِ جلسةٍ لمناقشةِ التهديداتِ الصهيونيَّة"، مُرجِّحًا أنْ "يكونَ جزءٌ من الجلسةِ علنيًّا والآخرُ سرّيًّا".
وكان التقريرُ الإسرائيليُّ إلى مجلسِ الأمنِ قد ضمَّ أسماءَ ستِّ تشكيلاتٍ عسكريّةٍ عراقيّةٍ:
عصائبُ أهلِ الحق
كتائبُ حزبِ الله
قوّاتُ بدر
حركةُ النجباءِ
أنصارُ الله الأوفياء
كتائبُ سيِّدِ الشهداءِ
وقالت إسرائيلُ إنَّها تابعةٌ لـ"الحشدِ الشعبي"، متَّهِمةً تلكَ الهيئةَ بتلقِّي الرعايةِ من الحكومةِ العراقيّةِ والتوجيهاتِ من إيران.
ويرى هوشيارُ زيباري، وزيرُ الخارجيّةِ الأسبق، أنَّ التهديداتِ التي أطلقتها إسرائيلُ ضدَّ العراقِ "كانت متوقَّعةً نظرًا لمواقفِ أطرافٍ سياسيّةٍ وفصائلَ عراقيّةٍ من الحربِ القائمةِ في المنطقة".
وتُعلنُ الفصائلُ، بحسبِ تصريحاتِ مُمثِّلين عن تلكَ الجماعات، أنَّها لن تتوقَّفَ عن الهجماتِ ضدَّ إسرائيلَ حتّى تنتهي الحربُ في غزّةَ ولبنان.
والأسبوعَ الماضي، قالَ رئيسُ الوزراءِ محمد شياع السوداني: إنَّ الرسالةَ التي أرسلتها إسرائيلُ إلى مجلسِ الأمنِ الدولي تمثِّل "ذريعةً وحجَّةً للاعتداءِ على العراق"، مشدِّدًا على رفضِ العراقِ لهذه "التهديدات".
عودة البرلمان
من جانبٍ آخرَ، فقد نشرَ موقعُ البرلمانِ جدولَ أعمالِ جلسةِ غدٍ الثلاثاءِ، وهي الأولى بعد توقُّفٍ دامَ أكثرَ من ثلاثِ أسابيعَ لأسبابٍ بعضُها مُبرَّرةٌ وأخرى لم تكنْ واضحةً.
الجدولُ الجديدُ تجنَّب، على ما يبدو، القوانينَ الخلافيّةَ التي ذاعَ صيتُها في الشهرينِ الماضيينِ، وأبرزُها: قانونُ الأحوالِ الشخصيّةِ وقانونُ العفوِ العامِّ.
وقال ثائرُ الجبوري: إنَّ "هذهِ الجلسةَ ستكونُ بمثابةِ تعريفٍ بأسلوبِ الإدارةِ الجديدِ لمحمودِ المشهداني".
وكان البرلمانُ قد انتخبَ المشهداني نهايةَ تشرينِ الأوّلِ الماضي، ثم توقَّفَ البرلمانُ بشكلٍ مفاجئٍ عن الانعقاد.
وينفي الجبوري أنْ "تكونَ القوانينُ المهمّةُ، والتي عُرِفت بـ"الخلافيّة"، قد تمَّ ترحيلُها أو تأجيلُها".
ويضيفُ: "ستكونُ هذه القوانينُ في الجلساتِ القادمةِ، لكنَّها قدْ تُناقشُ بعدَ شهرِ العطلةِ".
وتضمن جدول أعمال جلسة الثلاثاء، قوانين اعتيادية، منها قوانين تتعلق بالطيران، وبالدفاع المدني.
وكان البرلمانُ قد مدَّدَ عملَهُ بناءً على طلبِ "الإطارِ التنسيقيِّ" شهرًا واحدًا، ينتهي بعد أقلَّ من أسبوعين.
وقضى مجلسُ النوّابِ نحوَ نصفِ هذه المدّةِ في عطلةِ التعدادِ السكّانيِّ، حيثُ قرَّرَ تأجيلَ جلساتِه لحينِ انتهاءِ الإحصاءِ.
وقبلَ ذلك، لم يُذكَرْ سببُ تعليقِ الجلساتِ وعدمِ العملِ، رغمَ قرارِ التمديد.
ويشيرُ الجبوري إلى أنَّ "البرلمانَ سيأخذُ شهرًا للعطلةِ بعد يومِ 9 كانونَ الأوّلِ المقبل".