الموصل/ سيف الدين العبيدي
احتفل سكان الموصل بوضع آخر طابوقة في بناء مئذنة الحدباء، التي تعد رمزًا تاريخيًا وثقافيًا للمدينة، بعد جهود استمرت لثلاث سنوات متواصلة. شهد المشروع مشاركة واسعة من المهندسين والعمال المحليين، واستُخدمت فيه نفس المواد والأساليب التقليدية، ليعود الهيكل إلى ارتفاعه الأصلي البالغ 51 مترًا مع الحفاظ على نقوشه وزخارفه التاريخية.
إعادة بناء مئذنة الحدباء
صرّح رئيس اللجنة الأثرية لإعادة إعمار المئذنة وجامع النوري، عبد الله العبيدي، أن العمل على إعادة البناء بدأ في عام 2017 بجمع ما تبقى من أحجار المئذنة التي تناثرت على مسافة 150 مترًا من الموقع بعد تدميرها. أوضح العبيدي أن الفريق المكون من 8 أشخاص عمل على ترقيم 45 ألف قطعة حجرية خلال عام كامل، مما ساهم في تسهيل عملية البناء التي نفذتها شركة رحاب نينوى باستخدام أيدي عاملة موصلية.
وأشار العبيدي إلى أن قراءات ميلان المئذنة بدأت منذ عام 1927 بزاوية 90 سم، ووصلت إلى مترين و54 سم في عام 2014، مما جعلها عرضة للانهيار. اختير خلال عملية الإعمار إعادة الميلان إلى 160 سم، وهو قياس آمن لا يؤثر على القاعدة.
الابتكار في مواد البناء
أكد المهندس رضوان حموشي، مدير شركة رحاب نينوى، أن المواد المستخدمة في البناء مطابقة للأصل، مع إضافة تقنيات حديثة لضمان الاستدامة. شملت المواد حجر النورة وهيدروكسيد الكالسيوم ممزوجًا بألياف كربونية وسليكون، بكمية بلغت 600 طن تم استيرادها من إيطاليا كتبرع خاص.
كشف حموشي أن سبب ميلان المئذنة يعود إلى المياه الجوفية والرياح الشمالية الغربية. أثناء الحفر، ظهرت المياه الجوفية على عمق 8 أمتار، مما تطلب وضع 21 ركيزة خرسانية بعمق 31 مترًا، بالإضافة إلى إزالة المياه المتراكمة التي أضعفت الأساسات.
الأعمال المتبقية
تشمل المرحلة النهائية تنظيف الحجر، وطلاء بعض الأجزاء، وإضافة الأبواب والنوافذ، وإنارة الدرج. من المتوقع أن تنتهي هذه الأعمال خلال الشهرين المقبلين.
الزخارف والخطوط
أوضح الخطاط والمزخرف طالب العزاوي أن العمل يتضمن كتابة اسم المئذنة وجامع النوري بالخط الكوفي المربع على مباني الوضوء بطول 24 مترًا وارتفاع 1.5 متر. كما كتب 250 اسمًا للمشاركين في البناء على قوس بمبنى الإدارة بخط الثلث.
أهمية تاريخية
وصف المؤرخ الموصلي الدكتور أحمد قاسم جمعة المئذنة بأنها "جندي مجهول"، مشيرًا إلى أن طريقة بنائها التاريخية تعتمد على التوازن الذاتي دون استخدام الحديد أو تقنيات حديثة، مما يجعلها واحدة من أهم المعالم العمرانية عالميًا.