ذي قار / حسين العامل
ادان ناشطو التظاهرات في محافظة ذي قار التضييق الامني الذي تعرض له المشاركون في احياء الذكرى الخامسة لضحايا مجزرة جسر الزيتون التي راح ضحيتها أكثر من 50 شهيدا و500 جريح من متظاهري المحافظة المذكورة، وفيما اشاروا الى تدافع بين امهات الضحايا والقوات الامنية، انتقدوا انطلاق الاحتفال بمهرجان الحبوبي الممول من رئيس الوزراء بالتزامن مع ذكرى المجزرة.
وقال الامين العام للبيت الوطني حسين الغرابي لـ(المدى) إنه "في كل عام يجري استذكار لضحايا مجزرة جسر الزيتون وكل العوائل تساهم في احياء هذه الذكرى لكن في هذا العام واجهنا اصرارا حكوميا على منع هذا الاستذكار رغم ان الحكومة المحلية اعلنت اعتبار هذا اليوم عطلة رسمية".
ويصف الغرابي هذا الفعل بانه محاولة لطمس معالم الجريمة، واستدرك "غير ان المجزرة جريمة سياسية لا تسقط بالتقادم ومهما طال الزمن سيفتح ملفها في يوم من الايام".
واوضح ان "الحكومة تحاول طمس معالم جريمة مجزرة جسر الزيتون التي بقيت شاهدا حيا على القمع الحكومي وليس المليشياوي فحسب"، واضاف ان "اشتراك الحكومة في قمع شباب تشرين في مجزرة الزيتون واضحة المعالم فالسلاح الحكومي جرى توجيهه نحو صدور المتظاهرين وراح ضحية المجزرة العشرات من الشهداء ومئات من المصابين بين صفوف المتظاهرين".
واشار الغرابي الى ان "البيت الوطني أصدر بيانا في هذه الذكرى غير انه جرى منع اعضائه واسر الضحايا من استذكار المجزرة"، مشيرا الى "حجم الانتشار الامني من كل صنوف القوات الامنية وتعرض امهات الشهداء الى الاعتداء".
ويجد الغرابي ان "من واجب الدولة ان تنصف اسر الضحايا بالكشف عن الجناة المتورطين بارتكاب المجزرة والقصاص منهم وعدم افلاتهم من العقاب"، لافتا الى ان "الافلات من العقاب بات امرا خطيرا في العراق فمرتكب الجريمة يرتكبها ويغادر مسرح الجريمة ومن ثم يترك للزمن محو معالمها دون ان يتعرض للمحاسبة".
فيما تحدث ناشطون اخرون عن اجراءات مشددة وانتشار أمنى واسع في ارجاء مدينة الناصرية واوضحوا في حديث لـ(المدى) ان "القوات الامنية ضربت طوقا امنيا من ثلاثة خطوط حول ميدان التظاهرات في ساحة الحبوبي وكذلك فعلت في موقع المجزرة عند جسر الزيتون"، مشيرين الى منع حتى المتظاهرين من الاقضية والنواحي من دخول مركز مدينة الناصرية والوصول الى المكان المعلن للتجمع في ساحة الحبوبي وجسر الزيتون.
وتطرق الناشطون الى استقدام تعزيزات امنية كبيرة وقطعات من قوات ما يسمى حفظ النظام من خارج محافظة ذي قار ونشرها وبصورة كثيفة مع قوات اخرى محلية ومئات الاليات العسكرية في انحاء مركز مدينة الناصرية ونقاط التفتيش.
مشيرين الى "تعرض المتظاهرين واسر الضحايا الى استفزازات وتجاوزات ومنع انطلاق مسيرة تشييع رمزي للضحايا كان من المقرر ان تنطلق من ساحة الحبوبي باتجاه جسر الزيتون حيث دارت واقعة المجزرة". مبينين ان "القوات الامنية منعت حتى اسر الضحايا من الوصول الى الجسر ما اضطر بعض الاسر الى التدافع مع القوات الامنية ومن ثم الوقوف بجانب النهر وهم يحملون صور الشهداء واستذكارهم بالبكاء والنواح وتلاوة سورة الفاتحة".
فيما أكد ناشط اخر تواصل حملة الاعتقالات ضد الناشطين في تظاهرات تشرين في محافظة ذي قار.
مبينا ان "المتظاهرين رغم حملة الاعتقالات توجهوا الى المشاركة بإحياء ذكرى ضحايا المجزرة غير ان كثافة انتشار القوات الامنية واجراءات منع التجمع بدون ترخيص رسمي حالت دون وصولهم الى موقع انطلاق المسيرة".
فيما انتقد متظاهرون اخرون توقيت انطلاق فعاليات مهرجان الحبوبي مع ذكرى مجزرة جسر الزيتون، واصفين هذا التوقيت بغير المناسب وغير المنسجم مع استذكار ضحايا المجزرة، اذ تنوح اسر الضحايا في يوم يحتفل فيه أدباءها وضيوفهم في مدينة اور الاثرية وبرعاية حكومية وتمويل من رئيس الوزراء.
وكان ناشطو التظاهرات قد أعلنوا في يوم (25 تشرين الثاني 2024) عن استعدادات لإحياء الذكرى السنوية الخامسة لضحايا مجزرة جسر الزيتون، فيما دعا ناشطون واسر ضحايا قمع التظاهرات الى فتح تحقيق دولي لمحاسبة قتلة المتظاهرين والمتورطين بقمعهم.
وتشهد مدينة الناصرية سنويا وبالتزامن مع حلول ذكرى مجزرة جسر الزيتون التي وقعت خلال يومي (28 و29 تشرين الثاني 2019) انطلاق مسيرة راجلة من ساحة الحبوبي باتجاه جسر الزيتون وسط الناصرية تحمل نعوش رمزية وصور الضحايا وترفع الاعلام العراقية ولافتات تطالب بالقصاص من المتورطين بالمجزرة، فيما توقد اسر الشهداء واصدقاءهم الشموع في الموقع الذي سقطت فيه اجساد الضحايا برصاص العسكر.
وكان رئيس الوزراء العراقي والقائد العام للقوات المسلحة الأسبق، عادل عبد المهدي، قد أرسل الفريق الركن جميل الشمري مع قوات عسكرية قبيل وقوع مجزرة جسر الزيتون ليترأس خلية الأزمة في ذي قار ويباشر بإدارة ملف تظاهرات الناصرية، الأمر الذي أسفر عن ارتكاب المجزرة. وقد أدى ذلك فيما بعد إلى سحب يد الشمري من رئاسة خلية الأزمة، واضطر عبد المهدي إلى إعلان عزمه تقديم الاستقالة من منصبه في ليلة 29 تشرين الثاني 2019 بعد حملة إدانة محلية ودولية واسعة لأعمال القمع الوحشي التي طالت المتظاهرين السلميين.
وفي أعقاب المجزرة، قرر مجلس النواب العراقي في جلسته المرقمة 22 بتاريخ 18/12/2019 اعتبار محافظة ذي قار “مدينة منكوبة”، وذلك على خلفية الهجوم الذي شنته القوات الأمنية على المتظاهرين، والذي أسفر عن استشهاد 50 شخصاً وإصابة نحو 500 آخرين.
وأثارت تبرئة المدان الرئيسي في مجزرة جسر الزيتون في اواسط اب من العام الحالي، غضباً واسعاً بين الأوساط الشعبية والرسمية بمحافظة ذي قار. اذ أعربت لجنة الشهداء والجرحى، إضافة إلى نشطاء وذوي الضحايا، عن استيائهم من قرار محكمة التمييز الاتحادية بالإفراج عن الضابط في قوات التدخل السريع، عمر نزار، الذي كان قد صدر بحقه سابقاً حكم بالسجن المؤبد لدوره في تلك المجزرة.
وكانت محكمة استئناف ذي قار، اصدرت في (اواخر حزيران 2023)، حكما بالسجن المؤبد بحق الضابط المتورط في قتل متظاهري تشرين، "عمر نزار"، على خلفية مجزرة الزيتون في محافظة ذي قار، غير ان محكمة التمييز الاتحادية قررت الافراج عنه لاحقا.
ويبلغ اجمالي ضحايا تظاهرات محافظة ذي قار التي تواصلت طوال عامين 144 شهيداً وأكثر من خمسة آلاف مصاب جراء استخدام العنف المفرط والرصاص الحي والمتفجرات والقنابل الدخانية وهجمات ما يعرف بمسلحي الطرف الثالث من القناصين وعناصر المليشيات، فيما تقدر منظمات غير حكومية وناشطون اجمالي عدد ضحايا قمع التظاهرات في العراق بنحو 800 شهيد و25 ألف جريح.
سياسيةناشطو التظاهرات يدينون التضييق الأمني على المشاركين في إحياء الذكرى الخامسة لضحايا مجزرة جسر الزيتون
ناشطو التظاهرات يدينون التضييق الأمني على المشاركين في إحياء الذكرى الخامسة لضحايا مجزرة جسر الزيتون
منتقدين انطلاق الاحتفال بمهرجان الحبوبي بالتزامن مع ذكرى المجزرة
نشر في: 1 ديسمبر, 2024: 12:10 ص