متابعة المدى
ضيفت قاعة المعهد الفرنسي في بغداد المعرض الشخصي الرابع للفنان المصور الفوتوغرافي أنور درويش، والذي حمل عنوان (خلجات). ضم المعرض عددا من الصور الفوتوغرافية التي عمل عليها الفنان درويش في الآونة الأخيرة. وحظي المعرض باهتمام المهتمين بالفن الفوتوغرافي، وجمهور كبير.
والصورة كما يقول الناقد والفنان مروان ياسين الدليمي، خيار قصصي، يسرد عبر عناصرها الفنية أفكاره ومشاعره إزاء العالم، فهو سارد لحكايات مدينة الموصل العراقية، موظفا قواعد التناسب والتناغم والتضاد بشكل محسوب تقنيا عندما يستنطق الأثر الإنساني في خصوصية مبانيها القديمة، وما تحفل به من حياة واقعية معبأة مشاهدها بملامح الكفاح والفرح والقسوة والتحدي. فالموصل التي تمتد جذورها في أعماق التاريخ الحضاري لبلاد الرافدين، ما زالت تكتنز في شخصيتها المعاصرة هذا الإرث الثمين في بنيتها الاجتماعية والعمرانية، وهي فرصة مهمة بالنسبة له شخصيا تدفعه لتأسيس تجربته ومشروعه الفني الخاص.
شكَّل اهتمامه الواضح بتقنيات الضوء والظل في نحت موضوعه داخل إطار الصورة، علامة فارقة في تأسيس مفهومه للعلاقة التي ينبغي أن تكون بين المشهد الواقعي الذي يقترب منه، والكيفية التي سيكون عليها في سرديته الفوتوغرافية، وهذا ما يضعه في مكانة مميزة عن أقرانه، ويجعلها تجربة فنية خالصة، وليست أسيرة لهاجس التوثيق، فهو يتقصد التعبير عن رؤيته الشخصية للعالم من خلال الإصرار على تفرده في اختيار موضوع الصورة وتكوينها والحركة الكامنة فيها، وصولا إلى الإيحاء برسالته إلى المتلقي.
وإلى جانب المعرض كان هناك حفل توزيع لكتاب أنيق عن تجربته احتوى على 247 صفحة من الحجم الكبير، من تأليف هيثم فتح الله عزيزة الذي يعد واحدا من أبرز فناني الفوتوغراف المعاصرين في العراق، حمل عنوان ”الفوتوغرافي انور الدرويش.. عين حاذقة وفكر متقد” استهله فتح الله بعدد من الأسئلة الذكية: لماذا نصور؟ هل نصور من أجل إيقاف الزمن؟ هل نصور من أجل جمال المنظور بالصورة؟ هل نصور من أجل إشباع رغبة الهوية؟ ثم جاءت قراءته لتجربة درويش بمثابة إجابات معمقة ومستفيضة على الأسئلة التي طرحها، وهذا النوع من الإصدارات يعد قليلا في المكتبة العربية وليس في العراق فقط، لذا يمكن اعتباره إضافة نوعية في إطار القراءات النقدية لفن الفوتوغراف، وسنكتفي فقط بجملة منه سطرها عن درويش يقول فيها إنه “فنان فوتوغرافي مميز، له القدرة على التقاط الأشياء بمفهومها الحياتي والإنساني، بطريقة تنم عن إحساسه المرهف وثقافته العالية والحاذقة”.