ترجمة: عدوية الهلالي
في رواية (نادي الأطفال المفقودين)،ومن خلال قصة ذات صوتين تتأرجح بين الواقعية والخيال، تتساءل الكاتبة (ريبيكا ليجيري)عن مصاعب الحياة.
ومؤلفة هذه الرواية هي الكاتبة (ايمانويل باياماك) التي اختارت ان تضع على روايتها اسمها المستعار (ريبيكا ليجيري) وهي الحائزة على العديد من الجوائز منها جائزة (انتربوك) عن روايتها (اركادي) وجائزة ميديسي عن روايتها (الساعة الثالثة)وجائزة ويست فرانس عن روايتها (مسافرون مذهلون)، وقد قامت إيمانويل باياماك أو ريبيكا ليجيري ببناء عمل قوي بقدر ما هو أصلي،بلغة مبهرة وأسلوب مشوق فمن المستحيل أن تعرف إلى أين ستأخذك قصصها المليئة بالعائلات المفككة والطفولة المحطمة فكل صفحة، أو جملة، فيها هي مفاجأة.
لقد اختارت أن توقع على روايتها الجديدة "نادي الأطفال المفقودين" باسمها المستعار ريبيكا ليجيري، التي ندين لها بالفعل بنصوص مثل "أولاد الصيف". وفي الرواية الجديدة نجد ميراندا،وهي ابنة اثنين من أساطير المسرح، أرماند وبيرك، تبدو شابة متحفظة، ومخيبة للآمال تقريبًا، كما تقول عن نفسها.ولكن لا شيء يمكن أن يكون أبعد عن الحقيقة… وهذه هي بداية الرواية الاستثنائية والرائعة، حيث تتحول الحكاية، المشوبة بما هو خارق للطبيعة، إلى مأساة راسينية.
مجلة مدام فيغارو أجرت حوارا مع الكاتبة جاء فيه..
لماذا قمت بالتوقيع على هذه الرواية باسم ريبيكا ليجيري وليس ايمانويل باياماك؟
-في الكتب التي أنشرها باسمي، يكون النهج أكثر شعرية. أنا أبدأ بشيء ضعيف،صورة، وأرى إلى أين تأخذني، بينما أكتب اسم ليجيري عندما يكون لدي الإطار السردي، والسيناريو، وتكون الرومانسية مفترضة أكثر.
نجد هنا أحد موضوعاتك المفضلة، وهي ديناميكيات الأسرة، مع التركيز هذه المرة على العلاقة بين الأب وابنته؟
-نعم، لكني ملتزم بعلاقة تربوية أقل ضررًا. أرماند، الذي يتولى مسؤولية الجزء الأول من القصة، هو أب محب وحاضر ومحترم، في حين أن الآباء، في كتب أخرى، كانوا مسيئين أو فاشلين أو غير مسؤولين. لقد كانت تدور في ذهني رواية "العاصفة" لشكسبير، والعلاقة بين بروسبيرو وميراندا مع الأم الغائبة. أردت أن أصور الآباء الذين يجهلون غالبًا، الحياة الداخلية لأطفالهم. وكانت شخصية ميراندا، المبهمة والغامضة، مثالية لهذا الغرض. لذلك عملت، كالعادة، على وجهات نظرمختلفة وقدمت نسختين من نفس الحياة: قصة ميراندا يرويها والدها، ثم ترويها ميراندا بنفسها، مع هذه الفجوة من عدم الفهم التي لا يستطيع الحب أن يملأها.
مامدى التركيز على الخيال في روايتك؟
-أردت أيضًا إعادة التواصل مع الطفولة، هذه الفترة التي نؤمن فيها بالوحوش والجان، حيث نعتقد أنه يمكننا عبور المرآة للوصول إلى عالم آخر. كنت أؤمن بشدة بالحكايات الخيالية عندما كنت طفلاً، وأردت أن أستحضر هذه المتعة وأقدمها للقارئ. وتمزج رواية (نادي الأطفال المفقودين) بين قصص بيرولت، وجريم، وأندرسن ولويس كارول، وبيتر بان وأفلام الرعب مثل طارد الأرواح الشريرة.لقد قمت مرة أخرى بتصوير شخص غريب الأطوار..وأحب أيضًا هؤلاء الوحوش، الذين في نفس الوقت يشبهوننا والذي نجده لدى هوغو أو شكسبير، ويعجبني أن ميراندا تبدو هشة على الرغم من أنها تتمتع بقدرات لا يشك فيها أحد. أنا أرى ان الكتابة، مثل القراءة، هي تمرين في التعاطف، وربما لهذا السبب أيضًا أبحث عن الشخصيات البعيدة عني (شخصيات عنصرية، شخصيات متحولة، شخصيات قديمة جدًا…).
تتبع رواياتك أبطالًا ذوي طفولة محطمة يحررون أنفسهم. ولكن هذا ليس هو الحال بالنسبة لميراندا؟
-يحرر أبطالي أنفسهم، غالبًا من خلال الأدب أو الحب، لكن ميراندا لا تشعر بالحاجة إلى ذلك لأنها عاشت بالفعل حياة موازية مكثفة، وبدون علم والديها… وكان بإمكانها أن تحصل على طفولة سعيدة لو لم تكن كما هي. قلت في الرواية أن الحياة لا تطاق لأننا ممزقون بين الرعب الذي تلهمه الإنسانية فينا وبين الشفقة والتعاطف والشعور بالذنب الذي نشعر به أيضًا تجاه الآخرين، وما يقتل ميراندا هي قوة التعاطف. مع العلم أنه في اللحظة التي تكون فيها على سريرها، هناك أطفال يبكون تحت الأنقاض بسبب الحرب، وحيوانات تذبح. إنها تشعر بضيق الضحايا ولكن أيضًا بمتعة الجلادين، وهو أمر لا يطاق. ومن ديمومة تعاطفها (عندما يكون معظم البشر متعاطفين للحظات فقط) يأتي عذابها.
ألم ميراندا، وألم أرماند.. هل المعاناة مرتبطة بالكتابة بالنسبة لك؟
-أكتب بشكل رئيسي إما بدوافع السخط أو بدوافع الألم. إن القلق الذي أشعر به تجاه جيل أطفالنا هو الذي غذى هذه الرواية، وكذلك الغضب الذي أثاره في داخلي سلوك أولئك الذين لديهم الوسائل لتغيير الوضع والذين لا يفعلون ذلك. تقول ميراندا إنها لن تنجب أطفالًا، لكن إذا فعلت ذلك فستكون في حالة حرب؛ أنا لا أكتب رواية أطروحة، لكن رواياتي أصبحت لها مرتكز اجتماعي ومعاصر أكثر فأكثر. أعتقد أن المؤلفين مسؤولون عن اختلاق ما يثير قلقنا جميعًا. وان هنالك قوة دافعة أخرى هي متعة الهروب من الهويات الثابتة، عن طريق الكتابة، وبالطبع، متعة المزج بين الثقافة السائدة والثقافة الشعبية. نحن نكتب أيضًا برغباتنا، ما يسلينا، ويثيرنا، لتشكيل وإعطاء المعنى، والرغبة في الكشف عن الجمال والحقيقة.
عامالكاتبة (ريبيكا ليجيري):في (نادي الأطفال المفقودين) أردت تصوير الآباء الذين يجهلون الحياة الداخلية لأطفالهم
الكاتبة (ريبيكا ليجيري):في (نادي الأطفال المفقودين) أردت تصوير الآباء الذين يجهلون الحياة الداخلية لأطفالهم
نشر في: 4 ديسمبر, 2024: 12:01 ص