وديع غزوانأشار تقرير لجنة النزاهة الى ان وزارتي النفط والعدل ومؤسسة الشهداء أكثر الدوائر فساداً لشهر تشرين الثاني من العام الماضي، ما يولد انطباعاً بان آفة الفساد ما زالت تنخر في جسد الوطن والمواطن وامتدت لتشمل أكثر الدوائر حساسية، فمن المعروف ان العراق ما زال يعتمد في موازنته على واردات النفط، ووجود فساد في هذه الوزارة معناه تمرير صفقات مشبوهة (لحرامية النفط) الذين كانوا يتاجرون بنفط العراق منذ فترة التسعينيات أبان فترة الحصار الظالم الذي طال شعبنا..
هؤلاء ما زالوا يعقدون الصفقات ويجمعون ثرواتهم على حساب جوع وفقر غالبية المواطنين، اما العدل فلا حاجة لذكر ما يعنيه هذا الاسم وما يفترض ان يولده من شعور بالثقة والاطمئنان اللذين لا يستقيمان مع الفساد، ولا نظن اننا بحاجة الى الإشارة هنا الى أهمية نزاهة مؤسسة يرتبط عملها بعوائل المضحين من الشهداء.ليست المرة الأولى التي يتم فيها التنبيه الى مخاطر استشراء الفساد من قبل منظمات المجتمع المدني او وسائل الإعلام المختلفة، وكانت "المدى" ومنذ أيام صدورها الأولى في العراق بعد 2003، قد نبهت الى خطورة هذا النهج وغيره من المظاهر السلبية التي عرقلت تقدم العملية السياسية من خلال عدد من المواضيع والمقالات، غير ان المشكلة ان البعض، وفي غمرة هوس السلطة والمناصب، ما عاد يقرأ او يكترث باحتجاجات المواطن وصرخاته واعتراضه على مظاهر الفساد التي طالت كل شيء تقريباً، والتي دفع المواطن ثمناً غالياً جراء استمرارها، بل ان البعض اخذ يتجرأ فيتجاوز حدود صلاحياته بل يقفز على فقرات وبنود الدستور بمحاولاته فرض قيود على حرية المواطن وحقوقه، وهو ما يعني في احد أوجهه تراجعاً عن ابرز واهم مرتكزات العملية السياسية الجديدة ونعني بها النهج الديمقراطي وما يتضمنه من حريات، أثبتت التجارب القريبة والبعيدة انها الوحيدة القادرة على كبح جماح المظاهر الفاسدة السياسية او الاقتصادية، وانها صمام الأمان لكل نظام يحترم حقوق شعبه وطموحاته ويسعى جدياً الى تحقيقها.وبعيداً عن التدخل في شؤون الآخرين الداخلية من الدول التي تشهد احتجاجات شعبية واسعة سواء في تونس او مصر والأردن والجزائر واليمن، فان ما حصل وما مرشح ان يحصل، يؤكد حقيقة واضحة هي أهمية ترسيخ مبدأً الحريات في المجتمع وإدامة علاقات الأنظمة بمواطنيها .. علاقات تتجاوز الأطر الشكلية والمزيفة التي اعتدنا عليها في محيطنا العربي، لتؤسس لحالة تواصل فعلي بين السلطة بمسؤوليها والمواطنين، يمكن من خلالها ان نحس بإنسانيتنا وقيمتنا وبأننا لسنا مهمشين، وبان هنالك من يهتم بمعاناتنا. لم يعد مفيداً إطلاق التصريحات والوعود دون إجراءات لتنفيذها، ففي زمن تطور تقنية المعلومات، لم يعد هنالك من شيء مخفي، وإذا كان بعض مسؤولينا قد نسوا درس عراق 2003، فان أحداث تونس وغيرها تذكرة جديدة تقول انتبهوا ولا تتجاوزوا على الحريات لانها مفتاح العلاقة الصحيحة بين المواطن والمسؤول.
كردستانيات: "النفط" "والعدل" والثورة

نشر في: 29 يناير, 2011: 05:05 م