متابعة المدى
الفنان الدكتور علي شريف واحد من أمهر الفنانيين التشكيليين، من البصرة، وتحديدًا من قضاء الزبير، يستلهم أعماله من الحياة اليومية المحيطة به، حيث يجد في كل مشهد قصة تستحق ان توثق عبر الفن، كان الأسلوب الانطباعي دائمًا الأقرب إلى روحه، لما يمنحه من حرية في التعبير عن التفاصيل بعفوية ونبض حي، يميل دائما لتصوير مشاهد تعبر عن جزء من هوية مدينته الزبير التي يعشق، والتي تشتهر بأسواقها الشعبية وبساطة اهلها وروحهم المفعمة بالمحبة والطيبة.
يقول الفنان شريف: متعة الفنان العراقي البصري وهو يرسم سفينة قديمة بأسلوب انطباعي تمتزج فيها الحنين للماضي بجمال الحاضر. حينما تبدأ الفرشاة بالتحرك، يشعر وكأنه يستدعي روح تلك السفينة التي شهدت حكايات الزمن ومواسم البحر. ويضيف أن مشهد السفينة الراسية على شاطئ البصرة، حيث تلتقي مياه الخليج بزهو النخيل وأفق المدينة، يمنحه إحساساً خاصاً بعبق المكان وأصالته. بأسلوبه الانطباعي، يلاحق الفنان انعكاس الضوء المتغير على هيكل السفينة الخشبي، حيث تبرز ألوان الصدأ، وظلال الأمواج المتكسرة على الشاطئ. يجد متعته في التقاط تفاصيل دقيقة بحس عاطفي، مثل آثار الزمن على السفينة التي تحكي عن التجارة، السفر، والحنين للوطن. يلون السماء بأطياف مشمسة وهادئة، وكأنها تحتضن السفينة وشاطئ البصرة بحنان. كل ضربة فرشاة تمثل حواراً مع الذاكرة البصرية والجغرافية للمدينة، حيث يمزج بين موروثه الثقافي وجمالية اللحظة الحاضرة. هذه المتعة ليست مجرد رسم؛ إنها فعل احتفاء بالبصرة كمدينة أصيلة، وسردٌ بصري لتاريخها الممتد الذي ينبض بالكرامة والانتماء.
قدم الدكتور علي شريف طوال مسيرته العلمية المميزة مجموعة من الابحاث المهمة في الفن التشكيلي والتي تميزت بالرصانة والجدية لما فيها من أفكار وطروحات نقدية مميزة منها: تمثلات البرجوازية في الرسم الاوربي الحديث، التنوع الشكلي لصور الآلهة في الفن العراقي القديم، الخطاب الميثولوجي في مشاهد الفن المصري القديم، الاشتغالات الفلسفية المعاصرة للعقل وانتاجية التشكيل المعاصر، اضافة الى محاضراته المتميزة لطلبة الدراسات العليا حيث انه واحد من أكفأ اساتذة الفن في كلية الفنون الجميلة جامعة البصرة.