الموصل/ نوزت شمدين يحتاج المسافر من مدينة الموصل إلى العاصمة بغداد أو بالعكس، إلى الكثير من الصبر والدبلوماسية، وهو يواجه الفوضى العارمة في مرآبي (الموصل وعلاوي بغداد القسم الخاص بمركبات الموصل)، فمنذ اللحظة الأولى التي يصل فيها المواطن إلى أي من (الكراجين) يحاط بمجموعة من سائقي السيارات، وكل واحد يعرض نقله بسعر يختلف عن الآخر،
ويقدم شرحاً سريعاً عن مواصفات سيارته، وأحيانا تتضارب العروض ويحدث شجار بين السائقين، فيسود الهرج والمرج، في مشهد يستمر منذ سنوات دون أي تدخل رسمي، مما يعكس صورة سلبية عن التمدن الذي يطمح إليه المواطنون والمتعارف عليه في جميع بلدان العالم. (كراج بغداد)، يطلق هذا الاسم على مرآب مخصص لسيارات الأجرة العاملة على الخطوط الجنوبية لمحافظة نينوى، يقع في الجانب الأيمن لمدينة الموصل، بالقرب من محطة القطار، هناك التقينا بالمواطن نذير مؤمن، وهو كاسب يتنقل بين الموصل وبغداد، قال بأنه اعتاد على موقف محاصرته من قبل سائقي سيارات الأجرة في كل مرة يصل فيها إلى الكراج، وبحكم خبرته في هذا المجال، يختار زاوية يقف فيها بانتظار أن يحدد هو بنفسه المركبة التي سيسافر فيها، وليس تلك التي يتم دعوته إليها، لأنه وفي مرات سابقة تعرض إلى مواقف عصيبة في الطريق بسبب سائق متهور، أو سيارة غير مريحة، أو ركاب آخرين غير مأموني الجانب. وأوضح نذير: " لا يوجد تنظيم في كراج الموصل، وحتى في علاوي بغداد الموصل، كل سيارات الأجرة تبحث عن ركاب دفعة واحدة، دون أن يكون هناك جدول بتحركها، وهذا يؤدي إضافة إلى الفوضى، إلى تأخر المسافر، وتضارب في أسعار الأجرة. الموظف الحكومي فهد حازم كان قد استقل للتو سيارة نوع (بي ام دبليو)، ولانه كان الراكب الوحيد، لذا كان عليه أن ينتظر ثلاثة ركاب آخرين قبل ان تبدأ رحلة السفر الى بغداد، حمل الحكومة المحلية في نينوى مسؤولية تردي واقع كراج بغداد" مجلس محافظة نينوى لايهتم بهكذا أمور، الكراجات تعتبر واجهة للمحافظة، ودليلاً على تحضرها، كان عليه ان يوجه الجهة المشرفة سواء أكانت النقل والمواصلات أم غيرها، بضرورة وضع آلية عمل معقولة للعمل في هذا الكراج وسواه. وبين أن عدم وجود تسعيرة ثابتة للنقل، أدى إلى دخول المسافرين في دوامة من المفاوضات مع سائقين معظمهم قليلو خبرة حتى في قيادة السيارة، وكثير منهم لا يملك إجازة لقيادة السيارات أصلا، والأمر الآخر أن هناك من بينهم من يستغل المسافر بالسعر، كل هذا في ظل تجاهل تام من إدارة الكراج التي تهتم بالدرجة الأساس في كيفية تحصيل الرسم المفروض على كل مركبة، وهو ما يسميه سائقو السيارات باجرة(الانطلاقة). المواطن هاني بشير، أكد أن بعض السائقين، لا يلتزمون بالاتفاق الذي يجروه مع الركاب قبل الشروع بالسفر، وبعضهم، ما أن يدخل بغداد أو الموصل، حتى يتصنع عطلاً في السيارة، أو نفاذ الوقود، من اجل عدم إيصال الركاب إلى الأماكن التي اتفق سلفاً أن يوصلوهم إليها، وقال بأنه اضطر قبل نحو أسبوعين إلى الوقوع في مثل هكذا أمر، عندما ادعى احد السائقين نفاذ الوقود في منطقة شبه مقطوعة جنوبي الموصل، وكان ذلك في حدود العاشرة ليلاً، ولولا سيارة شرطة رأفت به وأوصلته إلى مكان قريب من منزله، ربما كان سيحدث له مكروه، في مدينة كالموصل نهارها يكاد لايكون مأمونا فكيف بالليل!؟ 395 كم، هي المسافة بين مدينة الموصل وبغداد، تحتاج السيارة إلى خمس ساعات ونصف في أقل تقدير من اجل قطعها، بسبب وجود أكثر من ثمانين نقطة تفتيش للجيش والشرطة العراقيين، السائقون يؤكدون بان نقاط التفتيش تصعب من عملهم كثيراً وتؤخرهم لدرجة أنهم يمكثون في بغداد أو في الموصل يوما قبل العودة مجددا، بخلاف السنوات الماضية، أي قبل 2003، حيث كانوا يعودون في نفس النهار كون الطرق كانت سالكة، ومع ذلك فهم يجمعون على أن وجود نقاط التفتيش حتى مع الكثرة التي هي عليها حالياً يشيع جواً من الاطمئنان لدى الركاب قبل السواق، خصوصاً بعد الحوادث الأمنية المروعة التي حدثت على الطريق في إحداث التداعيات الأمنية بين عامي 2006 و 2007. والطريف فيما يذكره السائقون أيضا، أن الحوادث المرورية قليلة جداً على الطريق، لان أي سيارة على حد قولهم لا تستطيع أن تسير بسرعة كبيرة، في ظل جود ثمانين نقطة تفتيش المسافة لا تزيد أحيانا بين الواحدة والأخرى عن بضعة كيلو مترات. ونفى احدهم وهو سلوان حقي، أن يكون هناك استغلال للمسافرين فيما يخص أجرة النقل، وقال بأنها معروفة للجميع(25000)دينار للراكب الواحد بالنسبة لسيارات الصالون واقل منها بالنسبة للحافلات الصغيرة، وأجرة الراكب في المقعد الأمامي هو(35000)دينار، لكنه اقر بان السعر ينخفض قليلاً في حال وجود شحة في الركاب، وذكر سلوان، أن كراج الموصل بلا خدمات، ويفتقر إلى التنظيم، لأن أي شخص يملك سيارة يمكن ان يأتي ويعمل على خط الموصل بغداد بكل سهولة مادام يدفع رسم الانطلاق للقائمين على الكراج، وهذا ما يؤدي الى وقوع مشاكل كثيرة أبرزها العشوائية في العمل.
مرآبا بغـداد – موصـل.. فوضى واستغلال للمسـافـريـن فـي تسـعيـرة النقـل
نشر في: 29 يناير, 2011: 06:17 م