المدى/متابعة
أعلنت مديرية المرور العامة في العراق عن تسجيل نحو مليوني مخالفة مرورية خلال النصف الأول من العام الحالي، ما يبرز حجم الأزمة التي يعاني منها قطاع المرور في البلاد، على الرغم من الإجراءات الحكومية المتواصلة للحد من هذه الظاهرة.
تصاعد الحوادث المرورية وضحاياها
وفقًا لتقرير دائرة الطب العدلي، شهدت محافظة بغداد وحدها تسجيل أكثر من 69 حالة وفاة ناجمة عن الحوادث المرورية في شهر آب الماضي.
وأوضحت الدائرة أن الحوادث تراوحت بين انقلاب المركبات، وحوادث الاصطدام، والدهس، حيث أُرجع السبب الرئيس إلى السرعة المفرطة، وعدم الالتزام بقوانين المرور، والرقابة المحدودة على الطرق الخارجية.
الدكتور عبد الوهاب عصام، مدير قسم فحص الأموات في دائرة الطب العدلي، أكد أن الحوادث المرورية تبقى واحدة من أبرز المشكلات التي تتسبب بخسائر بشرية جسيمة، داعيًا إلى تعزيز الوعي المروري والالتزام بالقوانين.
من جانبها، ربطت الدكتورة ناز بدرخان السندي، عميد كلية التربية بجامعة التراث، بين السلوك المروري والتنشئة الاجتماعية، مشددةً على دور الأسرة في غرس قيم الالتزام والاحترام منذ الطفولة. وأضافت السندي أن معالجة الأزمة تبدأ بتربية جيل جديد يعي أهمية احترام القوانين المرورية. المعلمة ندى عبد الله، التي تعمل في إحدى المدارس في بغداد، أعربت عن قلقها من مخاطر السرعة الزائدة على حياة الطلاب والمواطنين. وقالت: “تجاوز بعض السائقين للقوانين يعرض حياة الجميع للخطر، بما في ذلك الأطفال الذين يعبرون الشوارع يوميًا”.
التحديات المتعلقة بالبنية التحتية
ويرى المواطن علي فياض أن غياب التخطيط السليم للبنية التحتية يلعب دورًا كبيرًا في تزايد المخالفات المرورية. وأشار إلى أن الشوارع المكتظة وغياب الإشارات المرورية المناسبة يجبران بعض السائقين على تجاهل القوانين بحثًا عن حلول بديلة. الخبير القانوني محمد حسن السلامي شدد على أن تحسين البنية التحتية يمثل خطوة أساسية لتشجيع الالتزام بالقوانين المرورية. وأوضح أن توفير بيئة مرورية مناسبة، مثل الطرق المجهزة وإشارات المرور الواضحة، من شأنه تقليل الحوادث والمخالفات.
إحصائيات رسمية
بحسب إحصائيات وزارة التخطيط، سجلت العراق خلال عام 2023 نحو 11,552 حادثًا مروريًا، منها 3,262 حادثًا مميتًا. وبلغ عدد الضحايا 3,019 شخصًا، بينهم 2,472 من الذكور و547 من الإناث. كما أظهرت البيانات أن حوادث الاصطدام شكلت النسبة الأعلى من الحوادث المسجلة، بواقع 56.4%.
جهود حكومية للتوعية
أكد العقيد حيدر محمد الوائلي، مدير علاقات وإعلام المرور، أن وزارة الداخلية تعمل على تقليل الحوادث من خلال نصب الكاميرات الذكية، وتوزيع البروشورات التثقيفية، وتنفيذ برامج توعوية عبر وسائل الإعلام. كما أشار إلى تخصيص مفارز مرورية في المناطق الحساسة مثل الطرق السريعة والمدارس لضمان سلامة الطلاب.
توصيات لمعالجة الأزمة
في ظل تصاعد أعداد المخالفات والحوادث، يبرز عدد من التوصيات، منها:
- تعزيز برامج التوعية المجتمعية بدءًا من الأسرة والمدارس.
- تطوير البنية التحتية المرورية، بما يشمل تحسين الطرق وتوسيع الرقابة الذكية.
- إنشاء مراكز تدريب متخصصة للسائقين لتعليم القيادة والقوانين المرورية بشكل عملي.
- تعزيز العلاقة بين المواطنين والسلطة من خلال معالجة المشاكل الخدمية والاجتماعية التي تؤدي إلى سلوكيات سلبية.
تبقى قضية المخالفات المرورية في العراق تحديًا كبيرًا يستلزم تعاونًا مستمرًا بين الحكومة والمجتمع لتقليل خسائر الأرواح والممتلكات وتحقيق سلامة مرورية مستدامة.