الموصل/ سيف الدين العبيدي
بعد أن فقدت مدينة الموصل آلاف الأشجار عقب عام 2017، استجابت مجموعة من الشباب المهتمين بالبيئة لهذه الأزمة بتأسيس فريق تطوعي يُعنى بإعادة زراعة الأشجار وإحياء المسطحات الخضراء. بدأ الفريق بشراء الشتلات وزراعتها من خلال تبرعات المجتمع، وفي عام 2019، تحول إلى مؤسسة تطوعية تحمل اسم "مثابرون"، وهي أول مؤسسة من نوعها في نينوى تسجل لدى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وأصبحت في 2021 منظمة غير حكومية.
جهود بيئية بارزة
عملت "مثابرون" على 32 مشروعًا متنوعًا، 15 منها ركزت على البيئة. وتشمل أبرز إنجازاتها مناصرة قضايا نهر دجلة، إصدار سياسات بيئية بالتعاون مع الجهات الحكومية والمدنية، وزراعة أكثر من 50 ألف شجرة بمساعدة 5 آلاف متطوع.
محمد لازم، مدير مؤسسة "مثابرون"، أوضح لـ(المدى) أن وعي المجتمع بأهمية التشجير جاء بفضل جهود المؤسسات المدنية، والتي كانت "مثابرون" جزءًا منها، ما ساهم في الحصول على التمويل اللازم لشراء الأشجار وصيانتها. وأكد أن المؤسسة، التي تضم 12 شابًا، أصبحت عضوًا في ميثاق المناخ العالمي، الاتحاد التطوعي العربي، ومكافحة التصحر العالمي.
إنجازات محلية ودولية
في عام 2022، فازت "مثابرون" بجائزة أفضل عمل مناخي في الوطن العربي في مسابقة الأمير محمد بن فهد العالمية، متفوقة على أكثر من ألف مشروع عربي. وأتاحت هذه الجائزة آفاق تعاون مع جهات عدة في الدول العربية، فضلاً عن مشاركتهم في مؤتمرات دولية لدعم العراق، المصنف كخامس أكثر دول العالم تضررًا من التغيرات المناخية.
مشروع "شجر"
تسعى "مثابرون" إلى تحقيق هدف طموح يتمثل في زراعة شجرة لكل مواطن ضمن مبادرة "شجر"، التي تهدف إلى زراعة 5 ملايين شجرة في نينوى خلال 14 عامًا. وتستهدف الخطة تخفيض درجة الحرارة الصيفية إلى 41 درجة مئوية.
في الموسم الحالي، تعتزم المؤسسة زراعة 20 ألف شجرة من أنواع مثل اليوكالبتوس، الألبيزيا، والسرو، التي تتميز بملاءمتها لمناخ الموصل ومقاومتها للظروف الصعبة وسرعة نموها. كما نجحت المؤسسة في تحفيز المجتمع على زراعة 38 ألف شجرة، بينما زرع فريق "مثابرون" 14,500 شجرة في أكثر من 300 موقع بمحافظة نينوى خلال الموسم الماضي.
خبرات محلية وإمكانات متقدمة
أكد لازم أن المؤسسة تضم خبراء ومستشارين بيئيين قادرين على المساهمة في أي حملة تشجير ومواجهة التحديات المرتبطة بها. وأضاف أن نينوى تمتلك خبرات متقدمة مقارنة بالمحافظات الأخرى في ملف التشجير، مشيرًا إلى الطلب المتزايد من الأهالي على أنواع وأعداد الأشجار لإعادة زراعتها.
توصيات لتحسين الجهود البيئية
دعا لازم الجهات الحكومية والمدنية إلى إعادة صياغة القوانين التي تحمي البيئة، توفير إحصائيات دقيقة عن حملات التشجير، وتخصيص مواقع مناسبة لإطلاق هذه الحملات بما يغطي كافة الأقضية والنواحي.