المدى / خاص
عاد ملف الربط السككي بين إيران وسوريا عبر الأراضي العراقية إلى دائرة الاهتمام مجددًا، وسط التصعيد العسكري الأخير في سوريا، الذي أعاد تسليط الضوء على واحد من أبرز المشاريع الاستراتيجية التي طالما سعت إيران لتحقيقها.
وهذا المشروع، الذي تصفه طهران بـ"الحلم الستراتيجي"، يهدف إلى مد جسر تجاري يربطها بالبحر الأبيض المتوسط عبر ميناء اللاذقية السوري، مرورًا بالعراق.
ومع أن المشروع يشكل محورًا مهمًا ضمن طموحات إيران الاقتصادية والسياسية في المنطقة، إلا أن التوترات الأمنية الراهنة في سوريا، إلى جانب الضغوط الإقليمية والدولية، باتت تشكل عقبات كبرى أمام تحقيقه.
"حلم" على الورق!
وعلى مدى سنوات لم ينقطع ذكر مشروع الربط السككي بين إيران والعراق وسوريا على لسان المسؤولين في طهران، ورغم الدفع الكبير باتجاه البدء بمحطاته من جانب الإيرانيين، إلا أن هذا "الحلم" لا يزال على الورق ورهن التخطيط.
وبحسب خبراء، فإن مشروع الربط السككي بين إيران وسوريا عبر العراق يعتمد على مسارين رئيسيين داخل الأراضي السورية، المسار الأول يمر عبر منطقة التنف الحدودية ويتجه نحو دمشق، بينما المسار الثاني يمر عبر مدينة البوكمال ويتجه نحو حمص، ثم إلى ميناء طرطوس على البحر المتوسط.
وتفضّل إيران مسار البوكمال على مسار التنف، وذلك لتجنب المرور بمنطقة التنف التي تضم قواعد أميركية، ولأن الهدف الرئيسي للمشروع يتمثل في الوصول إلى البحر المتوسط بأقل العقبات، مما يجعل مسار البوكمال أكثر توافقًا مع طموحاتها الستراتيجية.
بدوره، أوضح المستشار في النقل الدولي زياد الهاشمي أن "مشروع الربط السككي الإيراني السوري يُعد حلمًا استراتيجيًا تعمل عليه إيران منذ أكثر من عشرين عامًا، حيث بدأت التحركات الجدية لتنفيذه في عام 2002، بهدف تحقيق ربط تجاري يصل إلى موانئ البحر الأبيض المتوسط عبر الأراضي العراقية".
وأضاف الهاشمي لـ(المدى) أن "إيران وقّعت في عام 2021 اتفاقية مع الجانب السوري لتفعيل هذا الربط، إذ يهدف المشروع إلى تمكين إيران من تصدير البضائع عبر الموانئ السورية إلى الأسواق الأوروبية وشمال أفريقيا، مما يعزز موقعها الاستراتيجي في حركة التجارة الدولية".
وأكد الهاشمي أن "التصعيد الحالي في المنطقة قد يعرقل تنفيذ المشروع، حيث إن أي اضطرابات أمنية أو عمليات عسكرية قد تقطع الطريق وتعيق تحقيق هذا الحلم الإيراني الاستراتيجي".
تعقيدات إضافية
كما أن التوترات بين العشائر والفصائل المسلحة، التي شهدتها مدينة البوكمال السورية، الواقعة على الحدود مع العراق، الشهر الماضي، أثارت مخاوف إضافية حيال إمكانية أن يريى المشروع النور، خاصة وأن منطقة البوكمال تعد طريقًا مقترحًا له.
وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، وضع رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، حجر الأساس للبدء بمشروع الربط السككي بمنفذ الشلامجة في مدينة البصرة، الذي سيربط إيران بالبحر الأبيض المتوسط.
وقال المتحدث باسم الحكومة العراقية، بسام العوادي، إن المشروع "يهدف لتسهيل حركة الركاب والمسافرين وزائري العتبات المقدسة بين العراق وإيران، ويعتبر حيوياً لتعزيز الربط وكفاءة النقل في المنطقة.
وأعلنت إيران عن استئناف المشروع في تموز من العام 2019، والذي يبلغ طوله بين مدينتي شلامجة الإيرانية والبصرة العراقية 32 كيلومتراً، بتمويل إيراني، حيث سيربط المشروع ميناء الخميني الواقع على الجانب الإيراني من مياه الخليج بميناء اللاذقية على البحر الأبيض المتوسط.
ووقعت طهران وبغداد اتفاقاً في العام 2021 لتحديد موعد نهائي لبدء المشروع، ويتضمن المشروع خططًا لبناء جسر متحرك على شط العرب، الواقع شمال البصرة، وهو ما وصفه جلال مختاري، رئيس العلاقات العامة في شركة سكك حديد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بأنه "مهمة معقدة".
ووصفت وكالة "أسوشيتد برس" المشروع الإيراني بأنه "الجائزة الكبرى"، التي ستضمن لإيران طريق إمداد لنقل الأسلحة الإيرانية إلى "حزب الله" في لبنان، كما سيسهل حركة الفصائل التي تدعمها وتجارتها السوداء وخاصة المخدرات، إضافة إلى كونه طريقاً تجارياً بديلاً عن مياه الخليج.