المدى/ وكالاتتشهد مدن محافظة الأنبار تفاقم ظاهرة عمالة الأطفال والمراهقين من جراء الظروف المعيشية الصعبة أو فقدان المعيل وانتشار البطالة، ما جعل بعضهم بمثابة "لقمة سائغة" للعناصر المسلحة أو العصابات، وسط تزايد الدعوات بضرورة تنبه الحكومة المحلية لهذه المشكلة وتكاتف الجهود لحلها.
يقول بائع المناديل الورقية وسط مدينة الرمادي، إياد حسن/ 14 عاما، انه "ترك المدرسة لكي يعمل ويجلب المال لعائلته المكونة من عشرة أشخاص لتتمكن من دفع إيجار البيت ولشراء جانب من احتياجاتها من المواد الغذائية"، ويشير الى أنه "يشعر بحزن غامر عند مشاهدة الطلبة وهم يذهبون للمدارس ويسأل نفسه عن الفرق بينه وبينهم، وعما إذا كان ناجما عن وفاة والده أم مرض والدته أو اعتقال أخيه ما جعله يترك المدرسة دون أن يعرف القراءة أو الكتابة".ويوضح أن أحد الأشخاص "طلب منه قبل شهرين العمل معه براتب جيد"، مستدركا "لكن فرحتي بالأمر لم تطل إذ صعقت عندما طلب مني أن أضع كيسا تحت سيارة شخص معين علمت أنه يحتوي على عبوة ناسفة فرفضت وهربت منه".ويتابع "المشكلة أن هنالك العديد من الأطفال تورطوا في أعمال مماثلة ويخافون تركها لأسباب مختلفة"، ويردف أن الحاجة "ماسة لتخليص هؤلاء الأطفال من براثن المجاميع المسلحة وعصابات الجريمة". البائع الطفل سيف الجوعاني (12 عاما)، الذي يتخذ من شوارع الفلوجة مسرحا لنشاطه في بيع البخور وغيرها من المواد التي يسهل ترويجها لأصحاب السيارات، يقول: إن عمله جاء على خلفية حالة "الفقر المدقع التي تعيشها عائلته ما اضطره وأشقاءه الخمسة العمل في مهن متنوعة وحسب ما يتاح لهم"، ويضيف أنه "يعمل من ساعات الصباح الأولى وحتى غروب الشمس ليتمكن من جمع ما يسد رمقه ويوفر جانبا من حاجة اسرته" ويتابع أنه "يتعرض لمخاطر متنوعة ومستمرة أبسطها حوادث الدهس من أصحاب السيارات المسرعة فضلا عن سرقة بضاعتهم من قبل أشخاص أكبر أو أقوى منه.لكن البائع صفاء شكر (13عاما)، من أهالي الفلوجة أيضا، فيقول: إن "اضطراره لبيع الحلويات والمرطبات في شوارع المدينة منذ أربع سنوات نجم عن مقتل والده على يد مجهولين ووفاة والدته بعد ذلك بسنة ولكونه أصبح بلا معيل"، ويوضح أن البائعين من الأطفال في الشوارع "يتعرضون كما يسمع لحالات الاختطاف لأهداف إجرامية متعددة منها استخدامهم في العمليات المسلحة وهذا ما يقلقه كثيرا".من جانبه يقول التدريسي محمد البدراني، إن ظاهرة عمالة الأطفال "تتسع كثيرا بسبب عدم تفعيل الدور الرقابي للدوائر التربوية وضعف الاهتمام بالعوائل محدودة الدخل أو المنكوبة والمشردة التي تضطر لدفع أطفالها للعمل في مهن أقل ما توصف بأنها خطرة"، ويضيف أن عمل الأطفال في الشارع بعيدا عن المراقبة والمتابعة "ينطوي على الكثير من السلبيات منها تعلم الطفل الأمور غير الأخلاقية ومنها على سبيل المثال تعاطي المسكرات والحبوب المخدرة فضلا عن الانحراف بمختلف أنواعه ومنه الانخراط في عالم الجريمة المنظمة أو الإرهاب".إلى ذلك دعا التربوي المتقاعد أبو محمد (66 عاما)، الحكومة المحلية في المحافظة وغيرها من الجهات المعنية، إلى ضرورة "متابعة مشكلة عمالة الأطفال بالتعاون مع الجهات التربوية وعلماء الدين ورجال الأعمال بهدف التوعية بشأن مخاطر تسرب الأطفال من المدارس.
تفاقم عمالة الأطفال فـي الأنبار وعواقبه الوخيمة
نشر في: 30 يناير, 2011: 05:18 م