متابعة المدى
قامت جمعية الثقافة للجميع محاضرة بعنوان (الفكر التنويري عند هادي العلوي)، شارك فيها أ.د عدنان عبيد المسعودي، والباحث سعدون هليل، وأدار الجلسة جاسم العلي. بمناسبة الاحتفاء بصدور كتاب (هادي العلوي وفكره التنويري)، جمعها وقدم لها ا. سعدون هليل رئيس جمعية إحياء تراث هادي العلوي. بدأت المحاضرة بتقديم الشاعر جاسم العلي، الذي عرّف وقدم المحاضرين سعدون هليل والدكتور عدنان المسعودي.
وقد بدأ الحديث سعدون هليل ذاكرا مناقب المفكر هادي العلوي، ومستعرضا لسيرته النضالية والفكرية بتفصيل ملائم. وقد تسلسل حديثه عن الكتاب بقوله إنه ضمّ في جنباته ثلاث عشرة مقالة، نشرت في مجلات وإصدارات عربية مختلفة. ولعلّ أهم تلك المقالات المنشورة في الكتاب: مقال: المثقف سلطان معرفي يزيح الأباطرة، ومقال: الإسلام بين الرأسمالية والاشتراكية. ومقال: نقد الدين والسياسة في الأدب العربي القديم، ومقال لينين فيلسوفاً: الجذور الطائفية في العراق، ومقال كارل ماركس المسألة اليهودية: ودراسة بعنوان:- نسخ الشريعة في التراث الشيعي، ومقال: خطوط الاستقلال في المثقفية الإسلامية.. وغيرها التي يضيق عن ذكرها المكان.
وقد علّق سعدون هليل على كل مقال من تلك المقالات التي احتواها الكتاب، بما له من خبره معرفية، وتجربة طويلة مع عالم الكتاب، حيث أفنى عمره بين الكتب وفي اروقة شارع المتنبي. سلّط سعدون هليل ضوءاً كاشفا على الكثير من القضايا التي تحتاج إلى الإيضاح، معللاً، شارحاً، باحثاً. ثم تحدّث الدكتور عدنان المسعودي بمنهجياته التحليلية وبنزوعه الفلسفي، متوغلا في نصوص هادي العلوي، مزيحاً عنها غبار النسيان والزمن. والدكتور المسعودي يخوض في غمار الغامض والملتبس في النصوص المكتنزة للعلوي، محللاً بنيتها الاجتماعية العميقة والكامنة. وقد ذكر من جملة تفكيكه لنصوص العلوي أن للفكر بِنية اجتماعية وأخرى فكرية، وبِنية لا شعورية مترسبة في النص المقروء؛ راداً بنيات النص الشعورية والمعرفية إلى طبيعة التعقيدات الاجتماعية المنتجة للظلم والاستبداد.
وقد ميّز المسعودي بين فعل الفلسفة التأملي وبين فعل الفلسفة التثويري، والذي يشيد بالفكر الذي يحمل شحنات الثورة، واستعداد الخروج من قبضة الاستبداد والتقليد، وهو ما يشكل اساس الفعل الحركي لفلسفة الكفاح والتنوير ضد قوى الشر والموت التي تمثلها تقاليد الفلسفة التي تولد وتنمو على فتات موائد الملوك
. وحمل المسعودي على الفلسفة التجريدية والأكاديمية (الجامعية)، عادّاً إيّاها فلسفة ميتة ومكفّنة، تعتاش على المفاهيم الرأسمالية الوافدة، وقد ذكر أن الفيلسوف التجريدي؛ يريد أن يحل مشاكل المجتمع والحياة، ويغيّر الأنظمة، ويسقط الإمبراطوريات وهو منكفأ في شقته، ينتقد التراث، ويحلل النصوص، ويشتم الظلم والظالمين.. وهكذا يصبح كل شيء على مايرام بالنسبة إليه، جاهلا أو متجاهلاً أن تغيير المجتمعات ومقاومة سلطات الطغيان لاتتم عبر وسائل الفلسفة او الفكر النظري، ولا بتحليل قيم الفكر، وإنما تحتاج إلى العمل الثوري المنظّم والفاعل، وتحتاج إلى القيادة السياسية المستنيرة بالفكر الثوري.
والعلوي يحمّل المثقف الكوني او المثقف المستنير مهمات تحمّل مهمات التبليغ والمواجهة ضد قوى الشر والطغيان والظلم، ولا ميدان، ولا عذر للمثقف الذي يؤثر الصمت، ويفشل في تحمّل مسؤوليته الأخلاقية والرسالية تجاه الإنسان".