TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمودالثامن: العيش في دولة عادلة

العمودالثامن: العيش في دولة عادلة

نشر في: 8 ديسمبر, 2024: 01:03 ص


 علي حسين

تشغلني موضوعة العدالة وسؤال يطرح دوما : كيف يمكن أن نعيش في ظل دولة عادلة؟، خصص لنا الفيلسوف أرسطو مجلداً ضخماً أطلق عليه "علم السياسة" وهو الكتاب الذي تُرجم للعربية قبل مئة عام من قبل أحمد لطفي السيد.. يقول فيه: الحاكم الحق هو الذي يبني دولته على خصلتين، العقل والعدل..
في مرات عديدة وأنا أسترجع ما قرأته أتذكر دوماً ما كتبه جان جاك روسو في اعترافاته: "العدالة، ليست علاقة بين إنسان وإنسان، بل بين دولة ومواطنين، شرط ألا يحول الحاكم الأفراد إلى أعداء بمحض الصدفة". يعلمنا روسو في اعترافاته أن الظلم حين يصبح مألوفا فإنه يزرع الفوضى، ويُغيّب الرحمة.. ويطرد العدالة.. فالظلم مثل الوباء ينتشر بلا تمييز، يلتهم الجميع ثم يلتهم في النهاية أصحابه، في نهاية واحدة وإن تغيرت الصور، مشنقة موسوليني، حفرة صدام، مجاري القذافي، مهانة شاوشيسكو..
صاغت كلمات الفرنسي جان جاك روسو أوروبا منذ عشرات السنين رسمت خريطة طريق لبلدان قررت أن تتقدم، فيما نحن ومنذ عشرات السنين قررنا أن نتفرج ونعيش في سبات تقطعه بين الحين والآخر خطابات لقادة تأريخيين يرفعون شعار "أنا أو الفوضى"، قادة ومسؤولون محملون بأطنان الذرائع وأكوام الخطب، وأعوام سبات في الجهل والتخلّف.
نتعلم من تجارب الأمم أن البلدان لا تزدهر في ظل ساسة يعتقدون أنهم وحدهم يعرفون مصلحة البلاد.. فالعدالة الحقة لا مكان لها في ظل رجال يخططون من أجل الوصول إلى درجة من الإيمان بأنه لا خيار أمام الناس سواهم..لأنهم وحدهم يملكون القوة والحزم، مستبدون يخيفون الناس، لكنهم عادلون في توزيع العطايا والمنح على مقربيهم، وعادلون أيضا في توزيع الظلم على الناس.. الشعوب تعلمت أن لا مكان لسياسي يتحدث وكأنه مبعوث من الله. وبفضل سنوات التشرد التي عاشها روسو وزملاؤه، أدركت هذه الشعوب، أن الحل في دولة مؤسسات يديرها حاكم إنسان وليس نصف إله، يتغير كل فترة لكي لا يتوحد مع كرسيه، ويتصور أنه بطل منقذ.. اكتشف العالم بعد اعترافات روسو أن فكرة دولة الخلاص إنما هي أوهام يصر المستبدون على زرعها في نسيج المجتمع، مستبدون لا تناقشهم الناس ولا تختلف معهم، لكنها تترجاهم وتتوسلهم أن يمنّوا عليها بالرضا ويمنحوها قليلاً من عطاياهم ومكرماتهم.. وأكرر وأتمنى عليكم. إقرأوا روسو ثانية.. فستجدون كيف أن الرجل قبل ثلاثمئة عام حذرنا من سياسي يصر على أن يصبح بطلاً استثنائياً، لا موظفاً يُمنح راتباً من خزانة الدولة، بطل يجرد البلاد من كل مؤسساتها ويحول البرلمان إلى سيرك للتهريج تعرض فيه أحدث الخطب.. يلغي القانون والإعلام.. ويريد من الناس أن يعيشوا في ظل دولة الخوف من المؤامرات.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الفيفا يدرس زيادة عدد منتخبات كأس العالم

بريطانيا ترفع 24 جهة من قائمة العقوبات على سوريا

العراق يترقب أمطارا غزيرة تستمر للأسبوع المقبل

وزير الإعمار: نصف مساحة العراق خارج خدمات الصرف الصحي

منفذ طريبيل يمنع دخول 2000 رأس غنم مصابة بأمراض معدية إلى العراق

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: صيف المالكي

العمود الثامن: براءة نور وتابعه هيثم !!

العمود الثامن: نشيد عالية وأخواتها!!

الذين يتمسحون بأذيال السيستاني

العمود الثامن: ألف حزب وحزب

العمود الثامن: من أين لك هذا ؟

 علي حسين ينظر المواطن المسكين مثل جنابي الى بلده العراق ، ويشعر بالأسى على بلدٍ كان يراد له أن يلتحق بقطار العصر، فارتدّ بهمّة خطب سياسييه، إلى الوراء، إلى مجرد احزاب سياسية تضحك...
علي حسين

كلاكيت: كيليان مورفي وأشياء صغيرة كهذه

 علاء المفرجي مثل مواطنه دانيال دي لويس، جاء الممثل الايرلندي "كيليان مورفي" الى السينما من بوابة المسرح، ومثل لويس تماما كتب أسمه بحروف ناصعة بين ممثلي السينما الكبار منذ أول دور له، حتى...
علاء المفرجي

الصوم.. في التحليل السيكولوجي

د.قاسم حسين صالح انشغل علماء النفس بدراسة الصوم بيولوجيا وسيكولوجيا وانتهوا بموقفين متضادين: ألأول، يتبناه كتّاب وأطباء نفسانيون عرب،يرون ان الصوم يؤدي الى انخفاض مستوى الجلوكوز في المخ،فينجم عنه اضطراب في عمل الدماغ، واختلال...
د.قاسم حسين صالح

إرباك هائل بسبب دراسة خاطئة

إبراهيم البليهي ليس أسهل من دفع الناس في اتجاه الخطأ خصوصا إذا خوطبوا باسم العلم والبحث العلمي وتم تخويفهم بأن صحتهم في خطر.. ففي عام 1951 نشر الباحث الأمريكي أنسيل كيتس دراسة زعم أنه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram