متابعة/ المدى
تواجه الأسواق العراقية منذ عدة أيام حالة من الارتباك بسبب إغلاق الحدود العراقية السورية على خلفية التطورات المتسارعة التي تشهدها المحافظات السورية والتقدم المتواصل لقوات المعارضة وسيطرتها على مساحات واسعة. وكان العراق يستقبل يومياً عشرات الشاحنات المحملة بالمنتجات السورية المُصدرة، وأبرزها الزراعية، إلى جانب منتجات منزلية ومنسوجات وصناعات غذائية مختلفة وزيوت ومنظفات وألبسة، باتت تغطي جانبا من حاجة السوق العراقية.
وأعلنت حكومة بغداد، الأحد الماضي، إغلاق الحدود الدولية الغربية المحاذية للجانب السوري بالكامل، معتبرةً أن أمن العراق من أهم الأولويات، وسيتم التصدي لأي تهديد يمكن أن يمس أرض البلد وسيادته.
وشدد رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، خلال اجتماع طارئ للمجلس الوزاري للأمن الوطني العراقي، على أهمية تشديد الإجراءات المتخذة لتأمين الحدود الدولية مع سورية.
بدوره، قال نائب قائد العمليات المشتركة قيس المحمداوي، في تصريحات صحافية، إن الحدود العراقية مغلقة بالكامل، مشيرا إلى أن القوات العراقية ملتزمة بأوامر رئيس الوزراء في ما يتعلق بحماية أمن وسلامة حدود البلاد.
وتسبب ذلك بحالة من الارتباك في السوق المحلية العراقية التي تعتمد في كثير من وارداتها على المنتجات الزراعية والصناعية التحويلية السورية. وطالب تجار ورجال أعمال بإعادة فتح المعابر الحدودية لدخول الشحنات أو خروجها بين البلدين، مؤكدين أهمية ضبط وتأمين المنافذ الحدودية الرسمية والسماح بدخول وخروج البضائع تجنباً للأضرار الاقتصادية التي سيخلفها هذا الإغلاق. وقال الباحث الاقتصادي، علي العامري، إن إغلاق الحدود قد تترتب عليه أضرار اقتصادية ملموسة على الاقتصاد العراقي، لأن العلاقات الاقتصادية بين البلدين تعتمد بشكل كبير على تبادل السلع والمنتجات، خاصة الاستهلاكية اليومية، ويؤدي توقف هذا التبادل إلى تأثيرات مباشرة وغير مباشرة.
وأضاف العامري، أن العراق يستورد من سورية مجموعة متنوعة من السلع، ومنها المنتجات الزراعية، مثل الخضروات والفواكه، والمنتجات الصناعية والمواد الغذائية، وإغلاق الحدود سيؤدي إلى نقص هذه المنتجات في الأسواق العراقية، وهو ما قد يرفع أسعارها ويزيد حالة التضخم.
وأفاد بأن الطرق الحدودية بين البلدين تمثل ممرًا رئيسيًا للنقل البري، وسيتم تعطيل حركة الشاحنات، وهو ما يؤثر سلبًا على قطاع النقل، ويدفع شركات الشحن إلى البحث عن طرق بديلة بتكاليف أعلى، وخاصة أن 70% من الصادرات السورية هي منتجات زراعية، بلغت كمياتها المصدرة إلى العراق وفقاً لآخر البيانات، نحو 350 ألف طن سنوياً. وأوضح الباحث الاقتصادي أن المنتجات السورية تعد أرخص مقارنة بنظيراتها المستوردة من دول أخرى، وبالتالي سيؤدي غيابها إلى زيادة الاعتماد على واردات أعلى كلفة من دول أخرى، وهو ما يفاقم معيشة المواطن العراقي. وأشار العامري إلى أن هذه التأثيرات ستنعكس بالتالي على التدفق النقدي، وارتفاع قيمة الدولار مقابل الدينار، بسبب زيادة الطلب على الدولار وزيادة الحاجة للعملات الأجنبية لتغطية الواردات.
وأكد أن زيادة الحاجة للعملات الأجنبية تزيد الضغط على سعر صرف الدينار أمام الدولار، فضلاً عن ارتفاع تكاليف النقل، حيث يضطر التجار إلى البحث عن بدائل عبر موانئ أو طرق برية أخرى، وهذا يرفع تكاليف الاستيراد التي تُدفع بالدولار عادة. من جانبه قال عضو اتحاد الغرف التجارية العراقية، ماجد موزان، إن التبادل التجاري بين العراق وسورية يشمل بضائع متنوعة، أهمها المواد الغذائية والبضائع نصف المصنعة، مؤكداً أن تجارة العراق مع محيطه في مصلحة دول الجوار لضعف الصناعة المحلية.
وأضاف موزان، أن الأحداث الدائرة في سورية انعكست سلباً على السوق العراقية، وباتت نتائجها سلبية بالنسبة للاقتصاد المحلي العراقي، لأن سورية تعتبر بلدا حيويا في المنطقة ويمتلك المواد الأولية الصناعية التي يحتاج إليها العراق.
ووفق عضو اتحاد الغرف التجارية العراقية فإن حلب تعتبر عاصمة التجارة والصناعة في المنطقة ومركزاً لأهم الصناعات التحويلية والورقية والحرفية والصناعات البلاستيكية، مؤكداً أن استمرار الأحداث في سورية سيدفع التجار إلى التوجه للأسواق البديلة في دول الجوار المتمثلة في تركيا وإيران.
وانتقد موزان ضعف الإنتاج المحلي والاعتماد الكامل على الاستيراد من خارج العراق، مشدداً على أهمية تطوير ودعم الصناعات المحلية وفتح المشاريع الصناعية المتمثلة بالصناعات التحويلية والبلاستيكية بهدف حماية الاقتصاد العراقي من التأثر بأي أحداث إقليمية.